بقلم الدكتور : عبدالفتاح المصري
فى مقالين سابقين أردت ان أمهد لكيفية التفكير قبل أن أكتب عن هذه الكيفية بقولى أنه لم يُخـْلـَق المفكرون كمفكرين إنما كدوا كدا عقليا وجسمانيا بالغوص فى بطون الكتب فى مناحى مختلفة من الفكر فكلما إتسعت ثقافة الإنسان وعلمه كلما كان على أبواب فكر ناضج فلا يستطيع رجل دين إقتصر على حفظ القرآن والحديث أن يتكلم فى السياسة ولا يستطيع رجل سياسى إقتصر على علوم السياسة أن يتحدث فى الإقتصاد ولا يستطيع سينارست إقتصر على فن السيناريو أن يتحدث عن فن الرسم فى الصين مثلا أو أدب الهند ولا رجل إقتصر على معرفة دقائق القومية أن يكون مفكرا فى الليبرالية أو العلمانية لذلك إقتصر الأمر فى عصرنا على التخصص فى أحد هذه المناهج مما أدى إلى إفتقارنا للمفكرين العظام وأصبحوا عملة نادرة ولذلك إندس دَجـَّالوُ الفكر فى كثير من أدوات الإعلام يوهموننا أنهم مفكرون فما أن يعرض فكرهم حتى يظهر دجلهم لكن المفكر يسوق لك الأدلة تلو الأدلة من المجلدات الثقافية التى نظر فيها ووعاها جيدا وقرأ مابين سطورها ومن الواقع الذى يعيش فيه وإلمامه جيدا بأصل الموضوع والتوغل حتى جذوره والعوامل المحيطة به داخليا وخارجيا ومن أهم مايجب أن يتصف به المفكر أن يكون ذو ثقافه واسعة فى جميع العلوم فمن يخوض فى البحث فى الإشاعات نراه يعرف جيدا أن هذه إشاعة من عدمه بعلمه أنظر مثلا لهذه المقولة إذا لم يرضخ الشعب للإنقلاب وإلغاء الدستور الإسلامى ستقسم مصر إلى دولتين على الأقل إحداهما مسيحية والأخرى إسلامية وهذا يرى فيه المفكر بحكم علمه بالجغرافيا وعلم الأثنولوجيا وسيكلوجية الشعوب أن ذلك فى حكم المستحيل كذلك سيطرة الصهيونية على المنطقة ورفع شعار من النيل إلى الفرات على باب الكنيست الإسرائيلى يكون فى حكم المستحيل ومن أهم خصائص المفكر أن لا يكون متعصبا لفكره أو قومية أو جنس أو طائفة أو دين أو مذهب فإن تعصب سقطت مصداقيته لأن الفكرة المدعمة بالدليل تهدم الفكرة التى ليس لها دليل فمن الممكن أن يتعصب البعض لقومه فنقول عنه ناشط قومى وليس مفكرا أومتعصبا لمذهب فنقول عنه ناشط دينى وهكذا ومن الأمور الأعجب أن يروج لمصر أنها علمانية أو ليبرالية منذ وجدت ولا نجد عالما يرد عليه هذه المقولة المختلقة ونسى أن مصر منذ نزوح الأهالى من الصحراء إلى وادى النيل تمسكت بالدين لتعتصم به أمام قوى الطبيعة الجبارة فقامت أساسا على التدين حتى قال علماء المصريات عنها أن آثار مصر العظيمة قامت أصلا على التدين وأن حضارتها المادية والفكرية قامت على الدين وكان كل شيىء ينطق بالدين حتى أوشكنا أن نقول أن حضارة مصر حضارة دينية ويرد الإسلاميون على العلمانيين بأن مصر إسلامية فى صراع معهم من نوع صراعات القوافى دون عرض أى دليل ودليلنا إلى أن مصر مدنية الطابع إسلامية الإطار نسيجها يرقش عليه فسيفساء من كل لون وقكر ودين ومذهب يجمعها نفس الإطار منذ الفتح الإسلامى لها ولا يعنى إنه إطار إسلامى أنها لا تعترف بالطوائف الأخرى بل تحتضنها وتحافظ عليها بشرط عدم أقامة دولة داخل الدولة والمشاركة فى بناء المجتمع حتى تفخر أنها بنت مع القوى الأخرى مصر ومن أهم واجبات المفكر الإسلامى أن يضع نصب عينيه أن الدين يسر لا عسر وأن الرسول (ص) ماخير بين شيئين إلا إختار أيسرهما وأن الأصل كان الإباحة والتحريم طارىء عليه وهو فقط ما حرم الله ورسوله أما من يقول نحرم مالم يبيحه و سكت عنه الرسول فهذا غلو لانرضاه ولا يتفق مع يسر الإسلام ويوقف التطور لأن كل شيىء جديد يجب حذفه من حياتنا ولما كان المذهب الشيعى ليس فيه مايعيب على الإطلاق سوى أن الشيعة أخذوا الحديث الشريف عن أئمتهم من آل البيت وحب آل البيت فقد قام كهنة الرافضه باختراع التفسير الباطنى لكى يفسروا كل شيىء على هواهم مما يبث روح الكراهية والفرقة بين المسلمين وإختراع قصص نسجوها من وحى الخيال تؤكد على الصراع القائم بين الإمام على وبين الصحابة معتمدين على كتاب نهج البلاغة الذى ألفه شيعى من القرن الـ 6 هـ عن الإمام على والذى بسبب بعد الزمن بينه وبين زمن الإمام يخمس قرون تضارب مع بعضه البعض وتضارب مع التاريخ ومع السنة ومع القرآن لاستخدام المنهج الباطنى فى تفسير القرآن والسنة وزبفوا كثيرا من الحقائق التاريخبة ولذلك كان من الأفضل أن يجتمع كل زعماء الطوائف الذين يريدون أن ينهضوا بدولهم وأن يصطلحوا على عناصر الإلتقاء ويعرضوا مطالبهم فى حدود الممكن ولا يحتضنون أدوات الهدم او العنصرية أو المرتزقه للصهاينة والنفوذ الأمربكى الذين يريدون مصر إقطاعية مستباحة للفساد ولإستغلالهم وشعب متخلف خالى من المفكرين