بقلم : د. أحمد نصار
دائما ما أقول أن الذي لم يمارس العمل السياسي في الجامعة فاته الكثير! فمهما تلقى من خبرات بعد تخرجه سيفتقد إلى نموذج سهل وبسيط يحكي بالتفصيل كيف تدار مصر.
ومما تعلمناه في الجامعة أنه بتغير الظروف السياسية خارج الأسوار تتغير العلاقة بين الأمن – الذي يدير الجامعة مثل أي مؤسسة في مصر – وبين الطلاب.
ومما تعلمناه أيضا أن الأسبوع الأول من الدراسة مهم جدا في فرض قواعد اللعبة بقية العام. فمثلا إن أتى ضابط جديد “شايف نفسه” لقوات حرس الجامعة واعتدى على أحد الطلاب أو الطالبات فإن سكوتنا عليه يعني أن ذلك سيتكرر والعكس بالعكس.
وعادة مثل هذه الأمور تحدث في بداية العام لجس النبض، فيوعز الضابط إلى أحد أفراد الأمن الأقل رتبة أو من الإداريين ليقوم هو بعملية جس النبض بتفتيش طالبة أو الاعتداء على طالب، والضابط من ورائه يستكشف ماذا يحدث وربما يتدخل إذا ثار الطلاب لينهي الموقف مكررا لعبة الشرطة الجيد والشرطي السيء الأميركية الشهيرة Good cop, Bad cop.
لماذا فكر الانقلاب في الضبطية القضائية لأفراد الأمن الإداريين في الجامعات؟
لأن الانقلاب حساس جدا في التعامل ضد الطلاب. فقمع الانقلاب لأي ظاهرة ضد الطلاب داخل الحرم الجامعي سيكون له آثار إعلامية سيئة جدا داخل مصر وخارج مصر! ولن يستطيع أن يسوق عندها ذات التبريرات السخيفة التي لم تعد تقنع أحدا أن الطلاب كان معهم سلاح وقذائف أر بي جي ومدافع هاون ويخبئون طائرة حربية في مسجد الجامعة!
كما أن استخدام المواطنين الشرفاء “البلطجية” ضدهم سيكون له ذات التأثير بل أشد!
واعتقال الطلاب سيكون له ذات التأثير بل أشد!
ومن المعروف أن مجتمع الشباب يتميز بالحماس، واعتقال أو قمع أي طالب سيثير طلاب آخرين على الثورة…إلخ
وترك الطلاب بلا قمع سيحول الجامعة إلى دولة ثورية مستقلة ترتفع فيها أعلام الثورة وتقع خارج سلطة الانقلاب!
لذلك فكر الانقلاب في هذا الحل السحري، وهو منح الضبطية القضائية لأفراد الأمن من الإداريين بعد أن منعت قوات الداخلية من التواجد في الجامعات بعد ثورة يناير. وبدا أن الانقلاب يستعد لجس النبض ليرى ماذا سيكون رد فعل الطلاب؟؟
وهاهو الانقلاب في اليوم الأول من الدراسة يعلن أن موضوع الضبطية القضائية لا أساس له من الصحة أساسا وأنه مجرد “شائعة” – آه والله زمبؤلك كده – وأنه لا توجد ضبطية قضائية في الجامعات.
من هنا يمكنك أن تدرك مدى ضعف الانقلاب ومدى قوة الثورة.
الثورة مستمرة…