علي حسن الغباشي
" إن الناس جميعاً يموتون وتختلف الأسباب ولكن الناس جميعاً لا ينتصرون هذا الانتصار ولا يرتفعون هذا الارتفاع إنما هو اختيار الله وتكريمه لفئة كريمة من عباده لتشارك الناس فى الموت وتنفرد دون الناس فى المجد ، المجد فى الملأ الأعلى وفى دنيا الناس أيضاً "
هذا تعليق الشهيد( سيد قطب ) عملاق الأدب العربي والإسلامي على الشهداء وأنعم به من رثاءٍ لقوافل الشهداء التى لا تتوقف على طريق الحق في كل زمان .
كلام الشهيد سيد قطب جال بخاطري وأنا أشاهد عشرات الشهداء يرتقون إلى ربهم يشكون ظلم وعدوان قادة الانقلاب الدموي الغاشم .
نعم كانت آجال وأعمار هؤلاء الشهداء العظماء قد انتهت , لكنهم اختاروا بإرادة حرة نزيهة الموتة الشريفة العظيمة عند الله , كما اختاروا من قبل بإرادتهم الحرة رئيسا يمثلهم ودستوراً يحكمهم .
أرأيتم كيف تفعل الارادة الحرة ؟! .....عندما تنتصر على الخوف والضعف وتستعلى بإيمانها على عبيد السلطان وأنصاف المتعلمين ومدعى المدنية الملتصقين ببيادات العسكر.
لقد انتصر الأحرار وقدموا أعز ما يملكون .. دماءهم الذكية ..فشعر الأخرون بالذل والعار !! لأنها فضحت عبوديتهم المقيتة وكشفت أقنعة اللبرالية والديمقراطية عن الراقصين على خراب الوطن.
وأيقظت المغرر بهم بكره الاخوان تارة أو بفشل الرئيس تارة أخرى ؛فهب شعب مصر فى مشهد مهيب أذهل العالم وأثار التساؤلات حول ما أثير عن تدني شعبية الرئيس مرسي و كذلك شكك في مصداقية استطلاعات الرأي التي يبدو أنها مسيسة وليست مهنية أو محايدة على الأقل.
لكن مالا يعلمه السيسى القاتل وعصابته أن الدماء لها حرمة كبيرة ولعنه مزلزلة ومدمرة ؛ ما أحد اقترب منها وسفكها إلا دمرته ومزقته ومن معه . اقرأوا التاريخ إن شئتم قديماً أوحديثاً عندنا نحن المسلمون أو عندغيرنا من الدول الغربية ، ما من حاكم أو حتى كاهن وما أكثر السحرة والكهان تتطاول على الدماء وحرمتها إلا وأهلكته . منذ بدء الخليقة مروراً بأبرهة وهولاكو وهتلر وشاه ايران والقذافى .... , التاريخ حافل بسفاكي الدم ومدمني القتل ؛أهلكهم الدم بحرمته ومزقهم بلعنته
سنن التاريخ التي لا تتغير ولا تتبدل ولا تحابي أحداً "ولن تجد لسنة الله تبديلا ً "
غير أن خائن مصر اليوم (السيسى) جمع عدة مثالب ورذائل من كل مجرمي التاريخ ولم يتعظ بمن سبقوه ,لكن يشبه في خدمته للمشروع الصهيوني بخائن العرب القديم (أبو رغال) الذى دل أبرهة على طريق الكعبة ودُفن فى الطريق فكانت العرب كلما مروا على قبره لعنوه ؛هذا المستقبل الذى ينتظر خائن مصر اليوم (السيسى) فقد وطد أركان المشروع الصهيونى فى المنطقة بصورة أذهلت قادة الكيان الصهيونى.لدرجة وصفه بـ(البطل القومي لكل اليهود) كما جاء على لسان السفير الصهيوني بالقاهرة .أتدرون أيها السادة ما سر هذه الحفاوة البالغة ؟!! وهذا التمجيد الكبير لقاتل الأطفال والنساء.
الأمر يعود لسببين رئيسين أولهما هو إضعاف الجيش المصري عبرإلهائه عن مهمته الرئيسية وإيقاف تطوره النوعى و عرقلة خطة تحديثه التي بدأها سيادة الرئيس محمد مرسى حيث حصل الجيش المصرى على الترتيب العاشر عالمياً قبيل الإنقلاب المشؤم وهو ما أزعج الكيان الصهيوني ؛هذا ما أكد عليه داني حالوتس رئيس أركان جيش الاحتلال الصهيوني السابق حيث صرح "أن من أهم المكاسب مما حدث بمصر هو إضعاف الجيش المصرى على المدى البعيد واشغاله بالأمور السياسية ".
ثانياً : تنكيل السيسي وعصابته بالإسلاميين وبالإخوان المسلمين خاصة , وابعادهم عن المشهد السياسي.
فالإخوان المسلمون بمصر يمثلون عدواً شرساً للصهاينة كما صرح بذلك موشي ديان عند سؤاله عن ألد أعداء اسرائيل؟! فأجاب هم الإخوان المسلمين مما أثار استغراب الصحفيين فبرر ذلك بحرص الإخوان على الشهادة فى سبيل الله مستشهدا بقتال الإخوان في حرب فلسطين 1948 م.
أيضا ً نائب رئيس الوزراء الصهيونى السابق ايهود أولمرت الذى صرح إبان العدوان على غزة 2009 قائلاً (الاخوان المسلمون بمصر بالملايين وينتظرون اللحظة المناسبة للانقضاض على اسرائيل) , وعقب الانقلاب الغادر ورغم تحذير نتنياهو لوزرائه بعدم الادلاء بتصريحات إلا أن تقارير كثيرة سربت من داخل الكيان الغاصب تؤكد التنسيق والتشاور بين السيسي وقادة الكيان الصهيوني !! , بجانب الزيارة المريبة للبرادعي بصحبة أحد قادة القوات المسلحة لتل أبيب صبيحة الانقلاب !!
أدركتم لماذا رحب الصهاينة بالإنقلاب وانتشرت الأفراح وشربت الخمور في شوارع تل الربيع المحتلة ( تل أبيب) ؟!!!
لكنَّ لعنة الدماء الذكية التى سالت وروت أرض الكنانة الطاهرة لن تترك السيسى وعصابته ليهنؤا لحظة .
انظروا إلي العالم وهو ينتفض من حولهم و الأرض وهي تتزلزل من تحت أقدامهم ؛ بفضل هذه الدماء وبصمود ملايين المرابطين بالميادين فى أرجاء مصر المختلفة .
الكثير من الدول أعادت تقيم موقفها من الانقلاب حيث تنهال طلبات اللقاء والاجتماع بالرئيس الشرعي المنتخب الدكتور محمد مرسى , من جانب آخر ألهبت تلك الدماء مشاعر وعواطف الشعب الصرى فانتفض انتفاضة عارمة لم تحدث في تاريخه من قبل .
و اكتسبت الانتفاضة الشعبية الإحتجاجية على الانقلاب الدموي زخماً كبيراً وحماسا ً لم يتخيله أكثر المتفائلين أن يحدث .
حتى وصلت الحشود الجماهرية من رابعة حتى جامعه الأزهر والنصب التذكاري ومنزل كوبرى أكتوبر وهذه مساحة هائلة من البشر لا تقل فى حالة من الأحوال عن عدة ملايين هذا بخلاف ميدان النهضة ومصطفى محمود وشارع جامعة الدول والألف مسكن اضافة إلى مليونية الاسكندرية وبنى سويف ومحافظات الصعيد المشتعلة وأكبر تجمع بشري فى سيناء بمدينة العريش و باقى محافظات الجمهورية .
هذه الحشود الهائلة وغير المسبوقة بمصر ما كانت لتخرج لولا هذه الدماء الذكية .
و للأمانة أيضاً لولا رجل له سر كبير بينه وبين ربه وهو سيادة الرئيس محمد مرسى - حفظه الله - الذى علقت صورته على أبواب الاقصى وخرجت تهتف باسمه ألاف المصلين لأول مرة فى تاريخ مدينة القدس , الرجل الذى أذهل العالم بصموده وثباته حتى وصفته لجنة حكماء أفريقيا " نليسون منديلا مصر" فأصبح سيادته رمزا ً للحرية وللكرامة لكل الانسانية وليس للمسلمين و العرب فقط.
أما قاتل الأطفال والنساء والساجدين ..!! فمن مصادروثيقة الصلة به أصبح يعاني من حالة نفسية تشبه الاكتئاب ...!! شديد العصبية والتوتر....!! تلاحقه الدماء فى النوم واليقظة تحاصره من كل مكان.
دماء الساجدين عند الحرس الجمهوري تقابله..... فيهرب..!! فتجذبه دماء نساء المنصورة...!! فيصرخ !!! فتخنقه دماء شهداء المنصة والنهضة والاسكندرية و......
فيغرق فى الدماء...!!!! وينتهي كما انتهى كل من سبقوه من السفاحين وتجار الدم !!
الفائز الأكبرمن هذا كله هم الشهداء وأسرهم .... فقد استأثروا بالسيادة فى الدنيا والسعادة في الآخرة....
لهذا الحد وأكثر تصنع الدماء .
ترفع أصحابها وأسرهم فى صفحات المجد والخلود بأحرف من نور وضياء...
أما القتلة ......!! فتلعنهم الأرض والسماء!!! .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كاتب وصحفي مصري مقيم بالسعودية
[email protected]

