حازم سعيد :
كتبت في المقالة السابقة مجموعة أسباب تجعلني مطمئناً غاية الاطمئنان لفشل الهمجية التي خططوا لها يوم 30 ، مستخدمين في ذلك جيش الإعلام الذى مهد للفكرة وحرث وزرع ويظن ويظنون أنهم على وشك الحصاد .
وأيضاً جيش الشائعات والبلطجية ، ووهموا أنهم بذلك يمهدون لسقوط نظام ديمقراطي منتخب جاء بآلية اختارها العالم كله لتكون الأسلم والأحكم من بين النظم لتطبيق الإرادة الشعبية ، وعبر تجربة شفافة نزيهة ، لو كانت شهدت تزويراً فهو على يد المهزوم شفيق ربيب النظام المخلوع .
ولقد أكدت قناعتي مليونية الإسلاميين الجمعة 21 / 06 / 2013 والتي عنونت بـ " لا للعنف " ، وهي التي ضمت أطيافاً ملايينية واسعة من إسلاميي الشعب المصري ، وأثبتت أن الرئيس مرسي حفظه الله ، له من يدافع عنه ويفتديه بالروح والنفس الدم بالملايين ، حتى لو تحفظ بعضهم على شكل الأداء الحالي ، وأن هذا الدفاع هو أحد أهم ضمانات استمرار الوضع القائم وتخطي ما حاولوا أن يوهموا الناس بأنه ثورة .
فوارق رهيبة :
والسر وراء توقعي فشل اليوم هو في الفوارق الرهيبة التي لا تخطئ العين العادية غير المتبصرة إدراكها ، وأستطيع تلخيصها في النقاط الموجزة التالية :
1. من حيث أسباب الثورة وأهدافها ودوافعها :
ثورة 25 يناير لم تكن وليدة عام أو عامين شهدا انتهاكات ، بل كانت ثمرة 30 سنة فساد النظام المخلوع ، لم يتبقى فيها انتهاكاً إلا ومارسه المخلوع ورجاله ، بدءاً من شهداء وضحايا كثر من عينة كمال السنانيرى وسلمان خاطر وأكرم زهيري ومسعد قطب وعلاء محيي الدين وسيد بلال وطارق غنام وعشرات غيرهم .. تقبلهم الله جميعاً في الشهداء .
ومروراً بانتهاكات رهيبة على كل مستويات حقوق الإنسان من مداهمات وزيارات الفجر واعتقالات بطرق لا أدمية لحالات فاقت مئات الآلاف بما يقرب من المليون بدون جريمة ولا تهمة وبموجب قانون الطوارئ العفن الذي لم تمر على مصر في عهد مبارك ولا ثانية واحدة بدونه ، مع ما يصحب ذلك من انتهاكات رهيبة ، وسنوات اعتقال بدون أحكام وبموجب قانون الطوارئ وصلت مع بعض من أعرف إلى تسعة سنوات كاملة .
ومروراً أيضاً بحالات التعذيب غير الآدمية كالعصي في الدبر والتعليق من الأرجل والضرب على القفا والتعذيب بالكهرباء والسجائر في أماكن حساسة والسحل وغير ذلك من " التفانين والإبداع " مع عشرات الآلاف من الحالات .
في مجال الحريات لو جلست تحكي لأبنائك وأحفادك عن كم القهر الذي عاني منه المصريون - أخص الإسلاميين - وتكميم الأفواه والاعتقال لتجمع لديك أكثر ثلاثة أو أربعة مجلدات ، من مثيل منع إصدار الصحف أو المجلات ومنع تأسيس الأحزاب ومنع التظاهر ومنع الاعتراض والمراقبة الهاتفية والبدنية والمنع من الوظائف ، والمنع من دخول النقابات أو الهيئات والشطب من أي انتخابات نوعية لأي فئة كهيئة تدريس أو اتحادات طلابية ، ومنع الأئمة والخطباء ، ومنع الترقيات لدرجات بعينها ، والمنع من الالتحاق بكليات الشرطة والجيش ، وإنهاء الخدمة العسكرية ... إلى آخره مما لو جلسنا ساعات لنسوده في مجلدات لما كفت ، أفيقارن هذا بحالة الانفلات التعبيري التي وصلنا إليها بكل مكان بمصر ، حتى أن مذيعي التوك شو عبدة حسني مبارك وسجدة نظامه وسدنته يعلقون على كل حرف ولفظ للرئيس ويشتمونه ليل نهار وبكل الوسائل والسبل ، وكل صبي لم يبلغ الحلم يستطيع الآن سب رئيس الجمهورية بلا ضابط ولا رقيب ... أفيقارن ذلك الذي كان كفيلاً بإشعال ثورة دامية ، بالحالة التي نحن عليها الآن ... شتان بين هذا وذاك .
وعد معها فقر مدقع ، وانهيارات مساكن شعبية كالدويقة ، وحوادث قطارات ومسارح وحرق وغرق عبارات ، وعد معها انهيار الخدمات الصحية والتعليمية بما أثقل كاهل المصريين بين التمزق في الدروس الخصوصية والعلاج في المستشفيات وانعدم الكرامة الإنسانية عند الدخول لمستشفى تعليمي أو حكومي أو جامعي .
عد معها حالات تمايز طبقي رهيبة وثلة فاسدين مفسدين من رجال الأعمال لم تتجاوز الثلاثمائة سيطروا على تسعين في المائة من ثروة ومقدرات تسعين مليون مصري . في نهب جماعي منظم لتلك الثلة الفاسدة التي تنازع الآن لاستعادة أزمة السيطرة التي فقدوها .
كل واحدة من هذه التي عانيناها نحن المصريين على مدار ثلاثين سنة من حكم المخلوع مبارك كانت كفيلة بثورة تتخذ شعاراً واضحاً ( عيش - حرية - عدالة اجتماعية ) ، ما بالك بها مجتمعة .
أو يصح عند من له ذرة من عقل أن يقارن هذه التركة الفاسدة الآسنة على مدار ثلاثين سنة ، بالسيناريو الذي يحاول الأغبياء أن يحدثوه الآن من أزمات مفخخة مصطنعة كأزمة وقود أو كهرباء وخلافه ، لينتجوا به ثروة شعبية ؟ ذلك هو عين الغباء .
2. من حيث منطقية هذه الأسباب عند الجميع :
قارن بين منطقية هذه الأسباب ، وجدية الدوافع ، واقتناع الجميع بها حتى المثار ضدهم ، ترى ذلك من تنازلاتهم التي أخذوا يقدمونها المرة تلو الأخرى حتى انهار نظامهم في رقم قياسي من الأيام لم يتجاوز ثلاثة أسابيع ، وذلك أن ( راسهم كانت مبطوحة ) ( والبطحة كانت كبيرة قوي ) ..
قارن هذا مع العند المتولد في نفس مؤيدي الرئيس مرسي بدءاً منه ذاته ومروراً بكل الإخوان ثم بالإسلاميين قاطبة - فيما عدا معسكر متحزبي النور ، وهم من الأصل ليسوا من مؤيدي الرئيس - وانتهاءاً بالمنصفين من خارج التيار الإسلامي . وسر هذا العند ( والثبات ) أننا متيقنين من الحق الذي نحن عليه ، ليس على راسنا بطحة ، لم نقترف جريمة أو ذنباً ... يمكن أن تقول أن لنا اجتهادات - نخطئ في بعضها - لأننا بشر ، لكنا فيها لا نراوح منزلة الحسنة والحسنتين ، وهي اجتهادات مهما بلغ قدر الخطأ فيها والذي سنثاب - رغم أنف المعارضين - إن شاء الله عليها ، أقول مهما بلغ قدرها لا ترتقي أبداً في حس أي عاقل ولا في منطقيتها أو جدواها لتؤجج مظاهرة ، ناهيك عن ثورة !
3. من حيث المناخ والبيئة القيمية الخلقية وصفات من قاموا بالثورة :
ما أطنبت في وصفه في النقطتين الآنفتين مع الحالة التي كان عليها المجتمع بعد فضح كليبات التعذيب ، وبعد تعذيب خالد سعيد ومقتل سيد بلال على يد زبانية الشرطة وأمن الدولة ، ثم كم الفجر الذي بدا عليه نظام مبارك في كل المحاور ، كل ذلك كان شرارة الثورة ، والتي بدأت أول ما بدأت بمظاهرات احتجاجية واعتراضات كان أقصى سقف لمطالبها هو الحرية والكرامة الإنسانية وتوقف النظام عن الممارسات الفاجرة .
ثم تطور الأمر إلى المطالبة برحيل المخلوع ، وإطلاق اسم " ثورة " على الأحداث ، ومن ثم انطلاقها في مطالبها ...
نسي الناس جميعاً الصفات والقيم الخلقية التي صاحبت تلك الثورة ، والتي كان على رأسها : السلمية ، ثم الطهارة والنظافة والحرص على الشعائر كالصلاة ، والحرص على الممتلكات والأموال ، حتى أن من كانت تبيت من الثائرات في ميدان التحرير لم يكن يتعرض لها أحد بانتهاك ، وكان المسيحي يحرس المسلم في الميدان حين يذهب للصلاة .
ثابت مهم صاحب الثورة نسيه من نسيه عن عمد اسمه " الإخوان المسلمون " بما عناه الأمر من : ثبات - عناد - تضحية - نظام - نفس طوييييييييييييييييييييييييييييييييييل - مثابرة - حفاظ على الممتلكات والأموال والأعراض - انتشار .
وتأمل أنه عندما خطب المخلوع خطابه العاطفي مساء الأربعاء ، لم يتبقى في اليوم التالي سوى الإخوان بالشوارع والميادين إلا قليل من الناس ، وهاجم البلطجية وفلول الوطني الذين يسرقون المشهد الآن ميدان التحرير ، فلم يجدوا سوى الإخوان - بعد الله - ليدفعوا بصدورهم وأنفسهم وتضحياتهم عن رمزية الثورة المتمثلة في التحرير .
لم يسر في نفس الوقت في شوارع مصر سوى الإخوان الذين قذفهم عناصر الحزب الوطني بالحجارة وبالمياه من بعض بيوت أعضاء الوطني ... ولولا أن الله عمى بصيرة المخلوع ونظامه بخطأ موقعة الجمل لما تأججت الثورة من جديد بعد حيلة الخطاب العاطفي الخادع للشعب .
من أخطر المشاهد ، حرص الإخوان ونكرانهم لذاتهم ، وكنا أحياناً يبلغ عددنا في الميدان أكثر من تسعين في المائة ليخرج متحدثونا ونشطاؤنا على الإعلام ليقول أننا لم نتجاوز العشرة في المائة من الموجودين ، وذلك حتى لا تذهب نفوس الظالمين وخيالاتهم إلى إخماد الثورة بدك ميدان التحرير ...
والعجيب أن من كنا نضعهم بالصدارة ، ممن يطلقون على أنفسهم قوى ثورية - بمزاجنا وإرادتنا - ظنوا ، وخدعتهم ظنونهم أنهم كانوا رقماً في المشهد ، الذي تيقنوا بعد ذلك أنهم لم ولن يكونوا ...
والدليل على ذلك أنهم الآن ليصنعوا زخماً يستعينون بمن ؟ البلطجية والحزب الوطني ؟ وما أدراكم ما البلطجية وما الحزب الوطني وما التحرش بالنساء وما السرقة والنهب والدم والعنف وحرق الممتلكات من قيم خلقية فاشلة فاسدة كفيلة بوأد ما يدعونه ثورة من مهدها ، وسيكون إن شاء الله ، وإن غداً لناظره قريب .
إذا تأملت ذلك مع " قماشة " الشعب المصري الوادع المستكين والذي أغلبيته من " حزب الكنبة " فسترى أنه فعلاً إن لم يوجد في المشهد مثيل الإخوان " بضابط عدالة ومنطقية القضية " فلن يكون هناك ثورة ، وأحسب أن الفصيل الوحيد الذي يمكن أن يعوض غياب الإخوان في المشهد الحالي - لأنهم هذه المرة هم المثار ضدهم - أحسب أن الفصيل الذي يعوض الإخوان هم المسيحيون ، ولكنهم يفتقدون لضابط عدالة ومنطقية القضية ، كما يفتقدون ميزة أخرى عند الإخوان وهي " السلمية " ، حيث أن أغلب الطائفة المسيحية المشاركة في بلطجة هذه الأيام هم من حملة الأسلحة في حرب يظنونها مقدسة ، وهي مكدسة مبلطجة ! بعنفها يمل الناس منها ويسأمون حتى الشرائح التي تعارض الإخوان يشمئزون من أولئك الطائفيين من التيار الشعبي ومن المسيحيين المتطرفين على حدٍ سواء .
4. من حيث العون والمدد الذي استمده أصحاب الثورة :
هنا لا أنسى أبداً صلوات الليلة ولا الدعوات ولا القيام والصيام ، ولا استلهام المدد من الله .
لم يكن لنا عون في ثورتنا إلا من الله سبحانه ، وهو نفس الحادث الآن ، كلما حاورت أحداً من الإخوان أو الإسلاميين ، كلما وجدت التفويض والتسليم والتوكل على الله سبحانه ، وعدم نسبة الأمر إلا له سبحانه ، ( وهم من أخذوا بكل أسباب الحيطة والحذر والتنظيم والخطط والتكتيكات ) ، ولكن لا يشذ عن هذه القاعدة أحد أبداً ... كلهم يقول : هي بيد الله سبحانه ، وهو الذي يملك إخمادها ، وهو الذي ولي مرسي وهو الذي يتولاه ، وأن الأمر كله بيد الله ، وما نحن إلا أسباب تباشر أسباب هذا معسكر كان ولا زال موصول المدد مع الله سبحانه ، ومنه استمد الحول والقوة .
آخر المشاهد كانت عندما رأينا الحشد الهادر لمليونة لا للعنف ، ما من أحد أسمعه يتحدث عن العدد والكم الهائل المرعب المرهب من المشاركين إلا ويقول مذكراً نفسه وإخوانه " ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً " . هذا معسكر من ساند ثورة 25 يناير .
أما المعسكر الآخر فيكفيني منه قولة أحدهم على الفيس بوك لبعض الإسلاميين " خلوا ربنا ينفعكم " ... لا إله إلا الله .
مددهم البلطجية وفلول الحزب الوطني وشراذم التافهين من الصبية الذين لا تستطيع أن تجد لهم فكرة " جنب أختها " ، لا فكر ولا رؤية ولا هدف ولا نظام .. توافه وظلمات بعضها فوق بعض . كفيلة بأن تصنع فارقاً يغير من المشهد ويفشل خطط الظالمين .
5. من حيث المثار ضده وأخطائه قبل الثورة ، ثم أثنائها :
أما آخر ما يمكن أن نتناوله في الفروق فهو أخطاء كل طرف ، هنا لا ننسى أبداً أثناء الثورة كم الدماء التي أراقها المخلوع ، وكم الفجر الذي ارتكبه والجنايات الرهيبة التي كانت كفيلة بتأجيج الثورة ، ولا ننسى أنه دخل المعركة وضميره الداخلي يعلم أنه مجرم مرتكب لكافة الموبقات ، فكانت كل خطوة يخطوها مستعيناً فيها بالبلطجية يصحبها خطأ ، كموقعة الجمل .
وكانت أكبر الأخطاء هي شراذم المفسدين الذين اعتمد عليهم المخلوع فحرقهم وحرقوه ، من أمثال عمر سليمان وأحمد شفيق ، وكذلك البلطجية وفلول الحزب الوطني المنحل .
ولأنهم مجرمين دخلوا المعركة بهذا الحس والضمير ، فإنهم سرعان ما انفضوا عن المخلوع وانزووا ولم يقاوموا ، ولم يثابروا ، وأنى لهم أن يفعلوا ذلك وهم ثلة منتفعين ما دخلوا الحزب إلا لمصالحهم المالية المادية الصرفة والبحتة .
أما الرئيس مرسي والإخوان ، فإنهم يدخلون المعركة وضميرهم الداخلي في أقصى اطمئنانه " الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله " ، ويعلمون ويتيقنون أنهم أصحاب الحق ، لم يفسدوا في الأرض أو يسرقوا أو ينهبوا ، يعملون في أجواء شديدة القتامة ولا يقدمون سوى التضحيات ونكران الذات والصبر الجميل والعمل الدؤوب لما فيه صالح البلاد والعباد .
حريصون على طهارة اليد من الدماء والعنف ، مثابرون وثابتون في هذه النقطة بالذات ، رغم تحريق الدور وتخريب البنايات وتهديدات البلطجية بالقتل والحرق وخلافه ، إلا أنهم " خط مستقيم " طريق واحد ثابت لا يعدو عليه تلون ولا انحراف ، لا يستفزون ولا يستثارون وبالتالي لا يرتكبون مثل تلك الأخطاء ...
شتان بين هذا وذاك ، شتان بين من لا يرى إلا مصالحه الشخصية ويدخل الجولة والمعركة من أجل تلك المنافع الخاصة الضيقة بالسرقة والنهب والقتل والتدمير ، وبين ذلك الذي يدخلها وأمامه عنوان كبير " الله غايتنا " ومثابرته ودأبه ومجاهدته يظهرون من عنوان آخر أيضاً كبير " والجهاد سبيلنا ، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا " .
لذلك كله أعلم وأرى أن يوم 30 سيفشل ويبوء صناعه بالخراب " فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون " ، وأعلم أن جواز عتريس " فلول الحزب الوطني ورجال ماله وأعماله " من فؤادة " الثورة المصرية التي يحاولون اختطافها وامتطاءها بإرادة حرة واضحة من عناصر التيار الشعبي والمسيحيين . هو زواج باطل لن يكون ، وسيكون يوم 30 هو يوم نصر نتفاخر به بعد أمدٍ طويل نحن أنصار الرئيس مرسي وأتباعه ، إن شاء الله ، ويسئلونك متى هو ؟ قل عسى أن يكون قريباً .
أهلي وعشيرتي :
1. مهما كتبت لكم أيها الشرفاء الأحرار الأطهار الأبرار الذين ملأتم رابعة العدوية بالطهر والنقاء والسلمية ، فلن أوفيكم حقكم .
أولئك الشباب الأوفياء الذين ما كلوا ولا ملوا من الحركات الرياضية والرقصات والأنشودات بإخلاص وبذل ودوي يسمع العالم صوتنا وأننا بفضل الله موجودين أنصاراً أوفياء للرئيس مرسي .
ذلك المؤمن التقي النقي الذي رآني وأنا أحتضن أخاً لم أره منذ زمن بعيد ، ليقول لي : اشمعنى هو ، فاحتضنته ودعا كل واحدٍ منا للرئيس مرسي قبل أنفسنا ، ثم انصرف ، ولا يعرفني ولا أعرفه ، ولا نعرف عن بعضنا إلا أننا أخوان في الله نناصر الحق وأهله .
ذلك المؤمن الكريم الذي رآني وأنا آكل من " سندويتش " متجولاً في الميدان ، فقال لي : هات حتة ، فاقتسمت السندويتش بيني وبينه ليأخذه بطيب نفس ويمضي وأمضى وليس من أمرنا شيئاً إلا بسمة المؤمنين تعلو وجوهنا .
ذلك الرائع المجهد المتعب من كثرة ما بذل من سعي وتشجيع لإخوانه ، يطلب مني رشفة ماء ، فأعطيه زجاجة الماء التي معي ، وأذهب فيستحي ويصمم على أن أستردها بعد شربه ، لأقول له : أعطها لمن تره عطشاناً ، فيأخذها شاكراً مهللاً ضاحكاً متواضعاً حامداً الله على الأخوة الإيمانية الصادقة .
أولئك الأخيار الأطهار الشرفاء العباد الذين رفعوا أكف الضراعة في ساعة يرجون أن تكون ساعة إجابة ، ويصلون المغرب ويصلون العشاء مبتهلين راجين من ربهم أن ينصرهم وينصر رئيسهم المؤمن حافظ القرآن .
أيها الأطهار الأحرار .. يا كل من شارك بالمليونية .. بالميدان ومن فوق المنصة أو من تحتها مع الحشود والجموع ، عرفهم الناس أم لم يعرفونهم .. مشاهير كانوا ، أم من زمرة الحشد .. أنتم أهلي وعشيرتي .. وحق للرئيس مرسي أن يفخر بكم وأن تكونوا أهله وعشيرته .. منكم وبكم ولكم وعليكم الفخر كل الفخر ، الحمد لله أن جعلني منكم ومعكم ، ويا رب أسألك أن تحشرني معهم ، وألا تميتني إلا بينهم ، وأن تغفر لي - ما تعلم وسترته علي - بحبي لهم ، وأن تحشرني معهم ، والمرء مع من أحب ، وهؤلاء يا رب هم من أحب بعد نبيك وصحابته الأطهار .
2. على النقيض من هؤلاء ذلك " الأخار " الذي ملأ الدنيا مشاغبة ووصل بحمقه إلى أن سب الرئيس وادعى أن ما يقوله الرئيس غث تعجز مساحة الوقت التي يتحدث فيها عن التعرض لكمه وقدره ، تلك الحماقة التي توجب أن يقف مشايخ الدعوة التي ينتسب لها زوراً وبهتاناً مع أنفسهم ، كيف لهم أن يجعلوا من أزعم أنه " ..... " عليم اللسان ، أو متفيهق ثرثار متشدق حذرنا من أمثاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كيف لهم أن يجعلوا من مثله متحدثاً باسم دعوتهم ، سبحانك هذا بهتان عظيم !
على مقربة منه شيخه الذي ملأ الدنيا بفتواه أيام الانتخابات البرلمانية محرماً التصويت للإخوان لأنهم تحالفوا مع الجبهة الوطنية ( التي لم يكن ظاهراً عليها مطلق الحرب والعداوة والحصار لمساجد الله ) ، وسر الحرمة أن بها أحزاباً علمانية وليبرالية ، وأن الإخوان بهذه الطريق متميعون تائهون بعيدون عن الشريعة وعن العمل للتمكين لها ورايتهم راية عمية جاهلية متميعة ، طيب عظيم ، الآن لما تحالفوا هم مع جبهة الإنقاذ ( التي لا تستحي أن تعلن مطلق العداوة لله ولرسوله وللمؤمنين ولدين الله ) يجعلون الصراع الذي نحن فيه معهم ليس صراعاً بين حق وباطل ، إنما هو صراع من أجل لقمة العيش ، ولا داعي لأن نقحم فيه الإسلام والشريعة ... ويعتذر لبعض من عنفه من أتباعه من المصريين بأحد زياراته الأخيرة للسعودية أنه مضغوط عليه من بعض الحكومات الخليجية ! أوهكذا يدير العلماء الربانيون الفتاوى ؟!!!!!!!!!!!!!!!! أعوذ بالله ... ذلك أفك مبين .
--------------
[email protected]

