حازم سعيد :
أفكر منذ زمن في كتابة هذه المقالة ، حيث طالما أتدبر في أمر أخينا الدكتور محمد مرسي ، عضو مكتب الإرشاد ، وأحد مورثي دعوة الإخوان الذي ورطناه نحن الإخوان بتحميله هذه المسئولية الثقيلة والهم الذي لولا الله سبحانه لما طاقه ، ولا أحد أصلاً يمكن أن يطيقه ، سوى من يملك مثل نفسية " الأستاذ " مرسي .
لقد ورث الدكتور محمد مرسي تركة ثقيلة مخربة مهدمة عبث فيها المفسدون على مدار ستين سنة منها ثلاثين إعصارية أتت على الأخضر واليابس ، وكان من أسوأ ما أتت عليه النفوس البشرية التي حولتها لغثاء ، فحتى عندما رحلت الرؤوس المفسدة خلفوا وراءهم ذراري فاسدة تشتمه ليل نهار وتحاول تعويق حركته بتخطيط بليل ومكر معلوم بالضرورة .
حتى بعض من يقول أنه يحمل الأجندة الإسلامية يغبش عليه وينتقده بل ويسخر منه ويهزأ وينقد ليل نهار على صفحاته وبين رفاقه . فإنا لله .
وتأكدت فكرة كتابة المقالة عندما سمعت معلومة هذا الأسبوع عن الرئيس مفادها أنه لا ينام أكثر من 4 ساعات يومية نتيجة الهم والحمل الثقيل ، وأخرى أن سوريا ومذابحها أطارت النوم من عينه - حفظه الله - .
كيف أنت مع الله سبحانه ؟
لو لم يكن لدينا من الفهم لطبيعة طريقنا أو لأركان بيعتنا وما فيها من الجهاد والتضحية ، فإن مثل هذه المعلومة كفيل بأن يوقظنا وينبهنا لواجباتٍ عدة على هذا الطريق ، نحو مشروعنا الإسلامي الكبير ، ونحو بلدنا مصر ، ثم نحو أخينا الذي ورطناه واحتمل من الهم والأمانة والتكليف ما لا يعين على حمله إلا الله سبحانه .
أول هذه الواجبات ، هو إصلاح ما بينك وبين الله سبحانه ، والقيام بمقتضى واجبات العبودية له عز وجل ، فجدد نيتك واحذر من آكل الحسنات المتسبب في أن يكون أول ثلاثة تسعر بهم النار من أرباب الحسنات العظام " شهادة وتعليم ونفقة " إنه الرياء أو الشرك الخفي ، والزم توبة نصوحاً ، واستغفاراً دائماً لحوحاً ، واذكر ربك تضرعاً وخيفةً ، سراً وجهراً ، ليلاً ونهاراً .
ومن أجدر ما تصلح به العلاقة بينك وبين ربك ، القيام بالفرائض خاصة صلوات الجماعة والفجر والقرآن ، " وما تقرب إلي عبدي بأحب إلي مما افترضته عليه " ، ثم النوافل " ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه " .
وليكن لكل واحدٍ منا خبيئة بينه وبين ربه ، إن استطاع ألا يعلمها - ولا حتى الملائكة المقربون - فليفعل " ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه " ، أو ركعتين في جوف الليل ، أو عمل صالح لا يطلع عليه إلا الله سبحانه .
وليحذر كل واحدٍ منا من كاسحات الحسنات التي تجعلها هباءاً منثوراً " ... ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها " .
الدعاء
واعلم أنه لا يرد القدر إلا الدعاء ، وأن الدعاء والقدر يتعاركان ، وأن الدعاء هو العبادة ، وأنك كلما دعوت الله سبحانه ، كلما استجاب - ما التزمت بآداب الدعاء وشروطه وابتعدت عن منهياته - " وقال ربكم ادعوني أستجب لكم " ، وما يطلع الله سبحانه عليه من عبده اللحوح من تواضع وإخبات واعتراف وتسليم بأنه هو الذي يملك الخزائن ، وما وراء ذلك من الانقياد والخشوع له سبحانه ، كل هذا يجلب مرضاته وتقريبه لعبده .
فلتجعل من وقتك نصيباً وحظاً لما يعرفه الصالحون بورد الدعاء المطلق ، تجلس خاشعاً منيباً جلسة العبد الذليل للرب سبحانه ، وترفع أكف الضراعة - التي يستحي الخالق بكرمه أن يردها صفراً - مبتهلاً راجياً طارقاً للباب دون ملل أو تضجر أو تعجل ، ولتجعل من هذا الدعاء المطلق نصيباً لأخيك الدكتور محمد مرسي أن يوفقه الله ويعينه ويسدده ويقوي ظهره ويرزقه البطانة الصالحة ويمدده بمدد من عنده سبحانه .. وغير ذلك مما تحبه لأخيك .
هذا كله بخلاف دعوات السجدات ودعوات السحر وأثناء المشي في الظلم لمصلى الفجر وعند رقة القلب ... لاتنسى في كل ذلك أخاك الذي ورطته أنت وإخوانك في هذا الهم العظيم .
الفهم ( أهداف الإخوان - طبيعة المرحلة – الإنجازات – العقبات )
وهو أول أركان ما بايعت عليه بهذه الجماعة المباركة ، وأعني بالفهم هنا بالإضافة إلى أهداف ومرامي دعوتك العظمي التي انتسبت إليها ، ومراتب العمل بها من فردٍ مسلم إلى بيتٍ مسلم إلى .. إلى .. ، أعني بالفهم بالإضافة لذلك أن تفهم طبيعة المرحلة والهدف من تواجد الرئيس مرسي بسدة الحكم ، والحكمة من وراء قراراته وصبره على معارضيه وطول نفسه ، وغير ذلك مما كتبناه من قبل أكثر من مرة ، وأهداف كل قرار يتخذه ، سواء أكانت أهداف مرحلية من إيجاد المؤسسية وإحداث ترسيخ لمفهوم تداول السلطة وإشاعة جو الحرية بين الناس ، أو أهداف بعيدة من إحداث النهضة والإصلاح بمصر ، أو أهداف أبعد هي أهداف ومرامي عظمى لدعوتك التي تشرفت بالانتماء لها .
ثم تفهم كم العقبات والمعوقات والعراقيل التي يحاول شراذم المفسدين وذراريهم أن يضعوها في الطريق وكيف ولماذا ؟ وكيفية مواجهتها ؟ وهذا يمتعك بطول النفس والصبر والحكمة ، وقديماً قال الخليفة الراشد سيدنا عمر - رضي الله عنه - " لم يعرف الإسلام من لم يعرف الجاهلية ".
ثم تتعرف على قرارات الرئيس وإنجازاته يوماً بيوم ، وتفهم قصده ومراميه من وراء الزيارات الخارجية والمكاسب التي يحققها من وراء ذلك .
وتتعرف على إنجازاته على الصعيد الداخلي في كل المجالات سواءاً قصيرة الأجل والعاجلة كإسقاط ديون الفلاحين مثلاً ، أو البعيدة المدى والتي هي أقرب للمشروعات التخطيطية التي تجنى ثمارها في المستقبل البعيد كاتفاقيات جلب المستثمرين أو إقامة مصانع كبرى ومشاريع عملاقة كمصنع سامسونج أو مشروع وادي قناة السويس الذي هو باكورة مشروع النهضة الخاص بالإخوان وبالرئيس .
وكذلك تتعرف على إنجازات الوزراء والحكومة ، وهي بالجملة محسوبة على الإخوان والحرية والعدالة ، فتتعرف على هذه الإنجازات والشريحة التي تخصها والنقلات النوعية التي تحدث في نطاق عملها .
كن أنت الجهاز الإعلامي
ذلك كله لتنطلق به بين الناس ، وتعالوا لنحسبها سوياً : كم تتوقع أن يكون عدد مشاهدي أكثر البرامج شتيمة في الرئيس وانتقاصاً له وللإخوان والحرية والعدالة والحكومة ؟ مهما بلغ ذهنك من رقم ، هل سيصل إلى عشرة ملايين مثلاً ، وكم سيتقنع بهذه الشتيمة والانتقاص ؟ سأفترض أنهم كلهم - وهو مستحيل - ..
أنت تملك أكثر مما يملكون ، لو أن كل أخ من الإخوان حاور بهذا الذي فهمه وعلمه وتعرف عليه دائرة زماماته ومعارفه وأقاربه وأهله وذويه وصبر عليهم ، وعرفهم بالهدوء وبالحكمة وبطول النفس هذه الإنجازات وطبيعة الأداء وأهدافه ومراميه .
ولو أن كل أخ من الإخوان وضع لنفسه مستهدفاً رقمياً لا يقل عن عشرين ، ويمكن أن يصل مع البعض إلى مائة ومائتين ليعرفهم ويوضح لهم ويعالج في نفوسهم ما يثيره الإعلام الفاسد من شبهات .
لو أننا التزمنا بذلك فسيصير الذي صنعه الإعلام الفاسد هباءاً منثوراً ، لا أثر له في نفس أي أحد ، ولا قيمة له في واقع الحياة .
وينبغى ألا ننسى أثناء سيرنا وتعريفنا للناس أن رسالتنا الأهم والأولى والأعظم هي إرشاد هؤلاء الناس إلى الحق والهدى وتعريفهم بربهم سبحانه وإنقاذهم من غفلة القلوب ودلالتهم على طريق الخالق العظيم .
وأننا نبذر بالأخلاق والتواضع وخدمة الناس والرفق بهم من بذور الخير والحق ما لا يمكن أن نبذره إذا قارعناهم بالجدال واللجج والخصومة . وقديماً علمونا أن الإسلام انتشر في بلاد الصين بأخلاق التجار الأمناء الصدوقين الرفقاء الحلماء ...
ولنعلم أن ما تصنعه الخدمة للناس ومواقف الغوث والإعانة مما لا يطيق ضريبته من العطاء والتضحية بالأنفس والثمرات والأهل والمال إلا الإخوان وإخوانهم من الإسلاميين - بفضل الله وقوته - أقول : لنعلم أن ما تصنعه الخدمة يقوم مقام ألف خطبة ومقالة ، فلا ينبغى علينا أن نستكثر أو نبخل على بني قومنا بالعطاء .
هل تنام أكثر من الرئيس ؟
ثم في النهاية أخي ولن أطيل عليك في هذه النقطة ، هل يصح لمن علم نبل الغاية وتيقن منها ، وعلم الطريق وعقباته ومشقاته وقلة الأعوان فيه إلا أمداد الله سبحانه ، وعلم العاقبة في الآخرة لمن تنكب عن هذا الطريق ، كما علم الجزاء لمن سار وثبت عليه ووفي بما بايع وعاهد عليه من الرضا والرضوان والمزيد والنظر لوجهه الكريم سبحانه .
أقول هل يصح لك أخي الكريم إذا علمت كل هذا ، وعلمت أن أخاك الذي ورطناه في هذا الهم الثقيل ينام أربع ساعات والباقي هو جهاد مطلق دائم - وهذه أصلاً ثقتنا في أخينا من قبل أن يحكى لنا حاله - هل يصح أن تنام أكثر مما ينام الرئيس ، هل الحمل والهم هو حمله وهمه وحده ؟ أم لك نصيب معه سواءاً بسواء .
ثم أخيراً .. هل علمت من هو الجندي المجهول
إنه من وفى بتصحيح العلاقة بربه الكريم ، إنه من حافظ على الدعاء لأخيه مرسي ، وإنه من فهم وعلم وتعرف ثم سار بذلك بين الناس هادياً ودالاً وكاشفاً للشبهات ثابتاً مجاهداً لا يتزلزل أو يحيد ، وكان راهباً بالليل فارساً بالنهار ، إنه أنت يا ابن دعوة الإخوان .. نعم .. أنت الجندي المجهول في مؤسسة الرئاسة ...
=============
[email protected]

