خالد ماهر
منذ إعلان فوز الدكتور محمد مرسي بالإنتخابات الرئاسية فى يونيو 2012 والسمة الغالبة على الساحة السياسية المصرية هي التجاذب والإستقطاب بل والتدافع فى بعض الأحيان  .
تحولت البلد إلى ما يشبه ساحة للصراع بين معسكر الثورة من جهة و معسكر الثورة المضادة من جهة أخرى ، غلب اللونان الأبيض والأسود ، على حساب المساحات الرمادية والتى اقتصرت لاحقا على  سكانها الأصليين  الذين عشقوا منذ البداية سياسة اللا موقف وانحازوا منذ زمن إلى منطق "الفرجة " بدلا من الإنضمام إلى كتيبة البنائين أو حتى إعانتها علي مواجهة كتائب الهدم !!
بدأ الرئيس يخطو خطواته الأولى نحو بناء دولة المؤسسات فحاول إرجاع مجلس الشعب الذى قضت المحكمة الدستورية بحله ولكن المحكمة أبت إلا أن تمضى فى طريق هدم المؤسسة التشريعية فأصدرت حكمها الشهير فى يوليو 2012 بعدم صحة قرار الرئيس بعودة المجلس الذى انتخبه زهاء ال 31 مليون مصرى .
لم ييأس الرئيس بل استثمر أحداث رفح فى إنهاء حكم العسكر الذى استمر قرابة ال 60 عاما ثم مضى فى طريق الإصلاح بكل أنواعه : السياسى والإقتصادى والإجتماعى .
المعارضة أيضا لم تيأس من محاولات الإفشال والتعطيل فبعد ان امتصت صدمة إزاحة         " المشير & الفريق " إذا بها تبدأ مرحلة جديدة سمتها الرئيسي هو التغطية على كل إنجاز يحدث مستخدمة فى سبيل ذلك قصفا إعلاميا لا يهدأ و أعمال عنف وتخريب لا تنقطع .
وبعد ..
أوشك العام الأول من ولاية الرئيس على الإنتهاء وكل فريق من الفريقين يرى رأى العين حصاد ما قدم خلال الشهور المنصرمة ، ولكن شتان ما بين الحصادين !!
الرئيس وفريقه ومؤيدوه يحصدون شهورا من الإنجازات التى لا تنقطع ، رغم القليل من الإخفاقات التى لا  يكاد  يخلو منها أى عمل سياسي خصوصا فى ظروف دولة بحجم مصر تخرج لتوها من ثورة قامت لمحاربة نظام أتى على الأخضر واليابس .
لن ينسى الشعب المصرى أن رئيسه المنتخب هو من حقق حلم إزاحة العسكر عن السلطة – وذلك بعد أقل من 45 يوما على توليه الحكم - ليقوموا بدورهم الطبيعى فى حماية الحدود والمرابطة على الجبهات والمشاركة الفعالة فى تنمية الموارد واستثمار الثروات .
شاهد الشعب بأم عينه رغيفا مدعما ب 5 قروش فقط ولكنه يصلح للإستهلاك الآدمى بل يفوق الأرغفة ذات ال 20 قرشا وزنا وجودة وتبع ذلك إنهاء أزمات السولار والبنزين والإنقطاع المتكرر للكهرباء وكذلك أزمة أنابيب البوتاجاز التى كانت تصل إلى ذروتها فى برد الشتاء ، وذلك بعد أن استقر فى وعي الجماهير أنها أزمات افتعلتها قوى الثورة المضادة لإفشال الرئيس والعمل على زيادة السخط الشعبى ضده .
كذلك شهدت الشهور الأخيرة تصنيع أول تابلت مصرى بمواصفات عالمية والإعلان عن طرحه فى الأسواق بدءا من منتصف مايو تحت شعار "صنع فى مصر " ، ذلك الشعار الذى لطالما حلمنا به بعد ان أقصى طموح النظام البائد هو تصنيع أستيكة أو إبرة للوابور بمواصفات مصرية خالصة !!
عمل الرئيس على إعفاء 44 ألف فلاح من ديون المتعثرين لدى بنك التنمية والائتمان الزراعي؛ تقدر بمليار ونصف مليار جنيه  كما أقر معاشا استثنائيا لأسر الشهداء ومصابى الثورة بالإضافة إلى رفع معاش الضمان الإجتماعى .
أضف إلى ذلك زيادة العلاوة الإجتماعية وتطبيق قانون الحد الأقصى للأجور مع رفع ميزانية الأجور فى الموازنة الجديدة بنسبة 150 % .
زادت المساحة المزروعة من القمح بـ 204 ألف فدان عن العام السابق لتصبح المساحة المزروعة ما يزيد على 3 ملايين فدان لنقترب من حلم الإكتفاء الذاتى من القمح بعد أن كسرنا حاجز ال 70 % من الإكتفاء .
لأول مرة بعد 6 سنوات من الحظر..مصر تصدر 172 ألف طن أرز مصري عالي الجودة..بعد أن كانت حكومة مبارك تطالب بمنع زراعته و استيراده من الخارج بحجة أنه يستهلك المياه بغزارة!!
أما الإحتياطى النقدى فحدث ولا حرج ، فقد وقف النزيف الذى استمر قرابة العامين ليرتفع الإحتياطى بمقدر مليار دولار وسط توقعات بوصوله حد ال 18 مليار دولار مع نهاية مايو .
تم تطبيق كادر المعلمين وصرف علاوة للمعلمين بنسبة 100% و كادر الأطباء وكذلك زيادة رواتب أساتذة الجامعات،
كذلك آتت الزيارات الخارجية ثمارها فأصبحنا نرى الودائع القطرية والمشاريع ذات الاستثمارات المليارية والتى هى إحدى ثمار الإتفاقيات المبرمة مع كل من الصين ، تركيا ، إيطاليا وأخيرا البرازيل .
هاهم أبناء سيناء – ولأول مرة – يتملكون أرضهم وينظرون إلى المستقبل بعين تملؤها روح التفاؤل ،جنبا إلى جنب مع إخوانهم سكان منطقة القنال الذين يترقبون البدء فى  مشروع تنمية شمال غرب خليج السويس على مساحة 6 كليومترات، والذي يوفر نحو 40 ألف فرصة عمل، باستثمارات 1.5 مليار دولار .
هذا إلى جانب المشروع العملاق "تنمية محور قناة السويس " الذى سيغير وجه المنطقة من خلال توفيره لمئات الآلاف من فرص العمل وعائداته ذات ال 100 مليار دولار .
حجم الإنجاز على المستوى السياسي لا يقل أبدا عن نظيره فى الجانب الإقتصادى فالنائب العام ( نائب مبارك ) قد أقيل ، والدستور الذى يحد من صلاحيات رئيس الجمهورية ويوسع فى الحريات قد تم إقراره بأغلبية تقارب الثلثين وذلك بعدما تم تحصين الجمعية التأسيسية ، ومجلس الشورى استلم مهامه التشريعية لحين انتخاب مجلس نواب جديد .
أفرج عن المعتقلين وتمت إعادة محاكمة قتلة الثوار وتم التحضير لمؤتمر العدالة الثانى الذى سيحد من نفوذ شلة الزند ويتيح المجال لشرفاء القضاة أن يصيغوا مستقبلهم بأيديهم بعيدا عن تضاغطات السياسة واستقطاب الأحزاب .
عادت مصر عودا حميدا إلى ريادتها العربية والإفريقية ، وقد شهد العالم بأسره كيف أن الدور المصرى فى حرب غزة كان له الأثر الفعال فى إنهاء العدوان وفتح المعابر ، تبع ذلك محاولات حثيثة لحل الأزمة السورية حلا يحفظ وحدة التراب السورى ويمنع إيجاد موضع قدم جديدة لقوى الغرب والإمبريالية .
أضف إلى ذلك تواصل مصر مع عمقها الإفريقى من خلال التواصل مع دول حوض النيل ثم التوسع شرقا إلى روسيا وإيران والصين وشمالا إلى ألمانيا وإيطاليا وجنوبا إلى البرازيل بما يتبعه ذلك من تخلص من التبعية للأمريكان والغرب .
هذا جانب من الإنجازات التى على كثرتها إلا أنها لا تخلو من بعض القصور لا سيما فى الملف الأمنى وملف إصلاح القضاء والإعلام ، لكن سلوى الجماهير هي فى أنها ملفات حتما ستصيبها سهام الإصلاح عاجلا غير آجل .
على الجانب الآخر ...
كان حصاد المعارضة حصادا مرا علقما !!
أرادوا فى البداية محاصرة الرئيس عن طريق وضع السلطة التشريعية فى قبضة الجيش فكانت النتيجة إزاحتهم عن الساحة  السياسية وذلك باحترافية شهد لها العدو قبل الصديق !!
ثم دخلوا فى لعبة الحشد الجماهيرى الذى لم يتخطى فى أفضل حالاته حاجز ال 40 ألفا ووصل ذروته بحصار الإتحادية وكلها مواقف خرج منها الرئيس أقوى مما كان ، فلم تفلح المظاهرات الفئوية المفتعلة ولم يفلح المولوتوف فى تعطيل المسيرة .
لجأوا بعد ذلك إلى آلة الإشاعات الجبارة فأرادوا ان يبيعوا الوهم للمصريين عن طريق إشاعات بيع قناة السويس ، بيع الآثار ، بيع سيناء ، توطين الفلسطينيين ، الإفلاس ، الأخونة ...إلخ ، فماذا كانت النتيجة ؟؟
أثبت المصريون انهم أذكى وأقوى ممن يكيد لهم المكائد ، كما أن حجم الإنجازات على الأرض قد أبطل كل حجة ودحض كل فرية !!
حاولت المعارضة تعطيل الإستفتاء على الدستور ، ففشلت !!
ثم استماتوا فى دعوة الجماهير للتصويت بلا .. فكانت النتيجة إقرار الدستور باكتساح !!
خاضوا انتخابات اتحاد طلاب الجامعات ، فحصد الإخوان معظم مقاعد اتحاد طلاب مصر ..
والآن يلجأون إلى حيلة جمع التوقيعات لسحب الثقة من أول رئيس منتخب فى تاريخ مصر ، والنتيجة معروفة سلفا فسيكون مصيرها حتما الفشل الذريع ، ففاقد الشئ لا يعطيه ولايمكن أبدا للظل أن يستقيم بينما العود أعوج !
الوقائع السابق ذكرها توصلنا إلى نتيجة واحدة لن تستطيع المعارضة والمتحالفين معها من أذناب النظام البائد أن ينكروها وإن حاولوا جهدهم ،
هى حقيقة واضحة وضوح الشمس ، 
نعم ، فالفرق واضح بين الحصادين ...
فشتان بين حصاد الإنجازات وبين حصاد الخراب ..
و شتان بين حصاد البناء وبين حصاد الهدم ، 
تلك الحقيقة مفادها ان الثورة ستنتصر لا محالة ...
نعم ، كلنا ثقة بأن الثورة ستنتصر ، وأن النجاح  دائما هو حليف لمن يبنى ويعمر ، كما هو حليف لذوى الضمائر اليقظة والأيدى المتوضئة .
وكأنى بأبيات الشاعر العملاق "صالح جودت "  تدوى فى أسماعنا حين قال :- 
أمة علمها حب السماء                          كيف تبني ثم تعلو بالبناء 
فمضت ترفل في وحدتها                     وتباهي في طريق الكبرياء 
بيد توسع في أزراقها                          ويد تدفع كيد الأشقياء 
سادت الأيام لما آمنت                        أن بالإيمان يسمو الأقوياء

 ( ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، ينصر من يشاء  )