وائل الحديني

كما قلت سابقاً: أن لكل مغنم مغرم، وأن الحكومات بما تملكة من سلطة تبقى دوماً فى دائرة الهجوم.

هل هذا الهجوم طبيعياً؟ نعم وعلى من قررأن يتصدى للمسئولية ويتصدر المشهد أن يتحمل.هذه هي الديمقراطية وهذه هي ضريبة الحكم الذي لم نجربه من قبل.

لو امتلكت الدولة كل وسائل الإعلام المسموعه والمرئية والمطبوعه ما استطاعت أن تصنع رأياً إيجابياً فى المجمل، لأن الرسائل السلبية للواقع أكثر نفاذاً للمتلقي ،كما أن نظرية (كل ما تقدمه وسائل الإعلام للمتلقي بمثابة الحقنة تحت الجلد فشلت واندثرت منذ عشرات السنين )، وإلا لما لبث الرئيس الحالي فى الحكم أسابيع بعد أن تعرض لحملة قصف وقذف إعلامي مأجور وغير مسبوق.

باسم عوده ربما هو الوزير الوحيد فى حكومة هشام قنديل الذي ابتعد عنه الإعلام المعارض بالسلب والرسمي بالإيجاب رغم صعوبة أدوار وزارته واحتكاكها المباشر مع الجماهير، وذلك لندرة أخطائه وتركيزه على الحركة دون الالتفات إلى محاولة جره إلى معارك جانبيه تثنيه عن هدفه.

يعرف أهالي فيصل عن باسم عوده قبل أن يتولى وزارة التموين أنه شاب ميداني يقضي معظم وقته محاولاً إيجاد حلول لقضاياهم البسيطة أنبوبة البوتجاز ورغيف الخبز.

الوزير حدد أولوياته بدقه مستعيناً ربما بدراسات من أجادوا الرصد والتحليل وفشلوا فى التطبيق.

نجح الوزير فى حل أزمة البوتجاز، وطرح افكاراً لحل مشكلة الرغيف ،بدءاً من تحسين الجوده للقضاء على الهدر، وخلق ظروف أفضل للتخزين ،ثم التخلص من الوسيط الذي كان يبيع ثلثي الكمية المدعمه فى السوق السوداء ليزداد غنىً، ويزداد المواطن معاناة حتى صرنا كالجياع، ثم اقتحم عوده منظومة زراعة القمح بقرار سياسي بالتأكيد وفرض رؤيته التي أوشكت أن تؤتي أكلها.

تجاوز باسم عوده كل خنادق الإعلام ومؤامراته: بحركته التي لا تهدأ بين الناس وبساطته وتلقائيته وإصراره ووضوحه، وانتصر على كل برامج التوك شو (الجباره) بعين الكاميرا المتواضعه المريضة التي تتحرك معه.

القضية إذن ليست النجاح فى تسويق رساله ولو مضروبة. لكن (التحدي): صناعة مضمون رساله قادره على تسويق نفسها والوصول للجمهور المستهدف بشكل واقعي محسوس وليس مقروء.

تعطل التكييف فى القطار مع صعوبة فتح النوافذ تحول إلى حديث سلبي تعدى وزير النقل إلى الرئيس وفشله وسوء اختياراته رغم أن منظومة السكه الحديد بدأت فى الاتزان بشكل ما، فالمشكلة الآنية هي: أن المئات تعرضوا للسلق كالبطاطس، والأزمة القريبة الحاضرة طبيعي أنهاتطغى على العقل وتتجاوز الإنجاز (البعيد).

نجاح باسم عوده يرجع إلى حضوره ومحاولته فرض نسق حضاري منظم ومرتب فى الملف المكلف به، هذه الحقيقة بعد نجاحها لن تستطيع وسائل الإعلام مجتمعة أن تنال منها، كما لن تستطيع وسائل الإعلام أن تفرضها كواقع لو لم تكن موجوده.

الإعلام تحول إلى آلة فاجرة تصنع الخصومة وتؤجج الأوضاع لا خلاف على ذلك، ونحن لن نقدر على صناعة إعلام منافس لاننا لا نملك الرؤى ولا الادوات ولا الرغبة، لذا تبقى خياراتنا محدوده هل نستجب لنداء الإعلام ونبذل كل الوقت فى الرد على مهاتراته؟ أم نهجر مقعد المشاهد وننزل إلى أرض الواقع بعنفوان كما كنا دوماً ونكون طبقة حقيقية عازله بينه وبين جمهوره.

حاول الإعلام أن يصنع من البرادعي مخلصاً ، لكن تهيؤات العالم الإفتراضي تحطمت أمام الواقع باخفاقاته.