وائل الحديني
بدعَةٌ عِندَ وُلاةِ الأمرِ صارَت قاعِدَة
كُلُّهُم يَشتُمُ أمريكا
أمريكا، إذا ما نَهَضوا للشَتمِ، تَبقى قاعدة
فإذا ما قَعَدوا، تَنهَضُ أمريكا لِتَبني قاعِد
الأبيات لـ أحمد مطر :
وترصد مرحلة من مراحل الخداع التي مرت بها أوطاننا،حيث يسب الحاكم أمريكا صباحاً ويُقّبل أرجلها ويأتمر بأمرها مساءاً .
حينما كانت أمريكا خياراً إستراتيجياً وحيداً تتحكم فى السياسات والزيارات وكمية ونوع المحاصيل وعدد حبات القمح .
هذ المهزلة أنهتها الثورات العربية ، وأصبح للجميع خيارات وبدائل وكرامه فوق الهامه.
لماذا يكرهون امريكا ؟ كان عنوان حلقة شاركت فيها فى بي بي سي منذ سنوات و مقالاً نشرته فى المصريون ورد علي فيه رئيس وحدة التواصل الإلكتروني بوزارة الخارجية الأمريكية رداً هادئاً مفاده أنك تظلم امريكا ويمكن أن تطّلع بعمق أكثر لتعرف أن مواقفها ليست بمثل هذا السوء الذي تظنه وأن لديها نوايا طيبه.
لم تكن المعارضة الشريفه طوال عهد مبارك تطلب تدخلاً من أمريكا ( الطيبة ) فى شئون مصر ،كانت رسائلها أنتم تساندون الاستبداد وتضخون المزيد من الدماء فى شرايينه لأبعاد إقليمية ،وأمريكا لم تكن تسمع فالديكتاتوريات كانت تكفيها مئونة حماية مصالحها نظير دولارات زهيدة تقدمها ودعم سياسي توفره.
البعض يستغرب أن يهرع محمد أبو حامد أو (القاضي) الزند إلى أمريكا ! فيطالب الأول الذي فقد ملامح الرجوله فى أقبية مباحث أمن الدولة المحكمة الجنائية الدولية بالتدخل لحمايته وحماية تنظيمه بلاك بلوك ، ويصرخ الزند مطالباً أوباما (سيد زمانه فى العهد القديم) بالنجده وتقديم العون .
ولد الزند فى إحدى قرى المحلة وعاش طفولته وصباه بين مرتزقة الوطني وفلول اليسار وذاع صيته كأحد الرموز المقربين من النظام و التي خاضت معاركه من أجل الإطاحة بتيار استقلال القضاء. واشتهر بقبُلاته العلنية القميئة التي تشبه التحرش الذي ربما يسبق الاغتصاب.
لا يشعر ( قاعدة امريكا ) بالخجل مطلقاً أنه فلول ويقود معركة الزحف المقدس الإسبرطية للقضاه لحفظ إمتيازات مبارك لهم كالتوريث وسن الـ 70 الذي يجعل قاضياً كهلاً يجلس على المنصة أمام كاميرات فضائيات العالم يهذي بكلمات غير مفهومة ويرفع وينصب ويجر بإرادته رغم انف واضعي قواعد النحو والصرف وأبائه الشرعيين .
الزند ترس فى ماكينة إعادة الظروف والأوضاع إلى سابق عهدها والإلتحاف بأمريكا هو نوع من الغرور قبل أن يكون جهل مفرط ، وأمريكا فى حاجه ماسة إلى مثل هذه النداءات لتعوض جزء من خسائرها طوال العامين الماضيين ، بعد أن فقدت خير نظمها وافضلها .
للاسف عند لغة المصالح يتفق معظم القضاة ويقدمون اسطورة (القضاء الجسد المعلق بين السماء والارض) الذي لا يجوز مسه أو التطاول عليه .
القضاء الذي عطل الرئيس السابق تنفيذ الملايين من أحكامه ففقد الناس الثقة فى العدالة وباتت الدولة غابة البقاء فيها للأقوى والأشرس مما تسبب فى المرض الإجتماعي الحاد الذي نعاني منه الآن.
ربما يراهن النظام المصري الحالي على الهدوء فى حل المشكلات والوصول لتوافق وهو أمر جيد .. لكن الغرور والهذي بكل أنواعه والذي يفتت لبنات المجتمع ويحطم قيمه ومبادئه وأخلاقياته ويصّعب من أبجديات التعايش بين الجار وجاره لابد أن يقابل بقدر من الشده والصرامة .
حينما يتعلق الأمر بمصر واستقلالية قرارها وأمن مجتمعها ، فليذهب الزند وناديه إلى الجحيم غير مأسوف عليه ... وحينما يتعلق الامر بأبو حامد ومن يتلاعبون على شاكلته وتطاولهم الفج والمستمر ، يثور التساؤل : أين القضاة ومجلس الشورى المنتخب ... ومن يحمي مصر؟
من السابق لآوانه القول أن جزء كبير من الشعب إما فشل أو فقد الثقة فى معركة الحرية لكنها رؤية لابد أن تبقى ماثلة فى الأذهان ـ دوماً ـ عند صناع السياسة وأولي الأمر.. .

