وائل الحديني
ربما كان اسوأ ما فى حكم محكمة الاستئناف بخصوص عودة عبدالمجيدمحمود بالنسبة لي أن يعود الزند إلى واجهة وسائل الإعلام بتصريحاته القميئة وقبلاته المقززه وأن نستيقظ على حقيقة مروعة : (السيده تهاني لازالت موجوده).
ويمثل الرباعي الزند والسيده تهاني وعبد المجيدمحمود (صاحب هدايا أخبار اليوم) كما (الفاسد جداً) عادل عبد السلام جمعه إنقلاباً أسود فى تاريخ القضاء المصري يكاد يطيح بانجازات القضاة الأفذاذ: الأخوين مكي وطلعت إبراهيم وزكريا عبد العزيز والخضيري وغيرهم من تيار الاستقلال ، ويتجاوز بانبطاحه قضاة شرفاء ظلت سيرتهم بيضاء وأحكامهم عنواناً للعدل.
بعيداً عن الأبجديات القانونية كأن قاضي الاستئناف نطق بحكم يخالف المادة 236من الدستور كأنه (مزاجي) لا يعترف بالدستور أو لم يقرأه أو لا يعرف بالأساس أن دستوراً أقر ، هناك حقيقة هي أن القضاء الجالس يمثل إحراجاً كبير للرئيس متعمداً ،وهذا ليس محل استغراب بالفعل .
فى تركيا التي عرف العالم من خلالها مصطلح الدولة العميقة (وضعت المخابرات المركزية بذورة فى عام 52) ،نجح أردوغان فى معاركه الأصعب الإقتصاد والحرب على الفساد التي وفرت للدولة عشرات المليارات من الدولارات كما حد من قدرات الجيش على الإنقلاب لكنه عاني صعوبات فى دخول عش الدبابير (القضاء) لثماني سنوات كاملة حتى سيطر على الجسم القضائي والقانوني بتعديلات دستورية فى 12سبتمبر2010.
ربما الأمور فى مصر ليست بالسهولة التي يعتقدها البعض وكسب معركة لا يعني الحسم النهائي لكل الأمور.
كشفت وثائق ويكيليكس أنه بعد12 يوما فقط من وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في عام 2002 أرسل السفير الأمريكي في أنقرة تقريرا إلى واشنطن بعنوان «الدولة العميقة في تركيا» جاء فيه: (يجري الطعن على سيادة الدولة العميقة خطوة بخطوة مع حدوث حالة انفتاح نادرة في تاريخ الجمهورية التركية». كانت الرسالة واضحة : على واشنطن أن تستنفذ كل السبل فى إعاقة الحزب الحاكم الجديد.
(للعلم بالشيئ )تتكون الدولة العميقة من :
·كبار الموظفين الحكوميين المدنيين والعسكريين حاليين او سابقين (مفاصل الدولة) والذين تناوبوا على السلطة واقتسموا الثروة .
· رجال الأعمال الذين احتكروا الاستثمارات ويحاولون استمرار امتيازاتهم المالية.
·عناصر من الأوساط الأكاديمية والمثقفين والتكنوقراط (النفعيين) الذين يريدون استمرار السيطرة على الدولة من خلال صياغة دستور ووضع قوانين وتشريعات تسمح لقوى الوضع القائم بالاستمرار في امتيازاتها ونفوذها (وثيقة السلمي ويحيي الجمل).
·الدعم الخارجي من الدول الخارجية فيما يتعلق بحماية المنافع والمصالح المتبادلة.
· القضاء الذي التزم بعقيدة نفعية طوال عقود تؤثر فى بنيانه وفى قراراته .
يضاف إلى ذلك فتات ممن شاركوا فى الثورات وإرساء التغيير ، ولم يجدوا مكاناً مع بدء بناء المؤسسات ، حيث تكون هناك فرص سانحة لتلقي الدعم من مؤسسات الداخل وأجهزة الخارج للإعاقة والتأزيم .
ليست إشكالية القضاء فى مصر شخص المستشار طلعت إبراهيم ، لكنها إرادة تطهير الجهاز القضائي التي يملكها هو أو غيره والتي ستقضي على فرص القضاة فى توريث ابنائهم واحفادهم ، وتؤكد الفصل التام بين القضاة وامتيازات مؤسسات الدولة التي كانوا يمرحون فيها كمستشارين وخبراء، والحد الأقصى والأدني للأجور ، والوظائف المدنية بعد التقاعد والتعيينات فى المجالس النيابية .. وغيرها من الامتيازات .
فى النهاية القضاة ليسوا بمعزل عن التطهير وهي أولوية ، فالشعور بالعدل والاطمئنان إليه كما وجوب الارتياح من طلة الزند والسيدة تهاني يجب أن تكون فى مقدمة استحقاقات شعب قام بثورة .

