محمد السروجي

"لا لأخونة الشرطة والجيش" شعار يؤكد حالة الهوس العام التي تجتاح المشهد المصري متمثلة في فوبيا الأخونة التي يراها البعض تنتقل من مربع لآخر وكأننا بصدد فيرس يجتاح الجسد المصري ، حالة من الإرهاب الفكري والابتزاز السياسي يمارسها بقايا نظام مبارك من جال المال الفاسد وشبكات الفساد من تجار السلاح والمخدرات والآثار فضلاً عن بعض العاجزين عن المنافسة والمزاحمة من بعض التيارات السياسية التي تجيد مهارات الاشتباك الخشن والتضليل لا العمل والتأطير فكان الطريق الأسهل التشويه والتشكيك والتشويش ، المربع الليبرالي العاجز لا يقوى على المنافسة الحقيقية ويراهن على إحراز الأهداف بأقدام الآخرين أو إنهاء المباراة قبل وقتها ببعض المشاغبات أو ربما الاعتداء على الحكم وإثارة الجمهور ، أجواء من الترويع العام لشعب مصر الواعي اليقظ في محاولة فاشلة لمزيد من الاستقطاب، تارة بأخونة الدولة وتارة بأخونة التعليم وأخرى بأخونة الإعلام وأخيرأ أخونة الشرطة والجيش، العجيب أن العلاقة الوحيدة بين الشرطة والإخوان كانت مئات الآلاف من المعتقلين والمئات من حالات والتعذيب والعشرات من حالات القتل فضلاً عن اقتحام البيوت ونهب الممتلكات ، لم يعرف ولو على سبيل التوهم أن استطاع طالب يحافظ على الصلاة ولا أقول متدين أن يقترب من أسوار كلية الشرطة أو ربما الشوارع المجاورة ، فكيف تكون أخونة الشرطة التي لم يعرف لها إلا تاريخ أسود ومشوه ونأمل لها العافية ، لكن تطوع البعض في أجواء الانفلات وادعى أن هناك حصة سرية في كليات الشرطة لطلاب الإخوان آخذ بالقول الشائع أكذب وتحرى الكذب حتى تصدق نفسك ويصدقك الناس ، أما أخونة الجيش فهي من الأعاجيب حيث كانت التعليمات لوقت قريب جداً هو استبعاد حتى المجندين المنتمين للإخوان وأنا صاحب تجربة شخصية في هذا الموضوع أثناء تجنيدي بالقوات المسلحة عام 1984 م حين تم استدعائي في وحدة المخابرات ودار معي حديث لا يقل سوءً عن أحاديثي مع قيادات الجهاز الغابر جهاز الإثم والعدوان – أمن الدولة المنحل – حين قلت لضباط المخابرات أنا مصر كل الإصرار على تأدية الخدمة الوطنية العسكرية وإن فكرتم حرماني من هذا الشرف فلن أسكت ولو كانت حياتي الثمن فما كان منهم بعد جولات من الاستنزاف النفسي والمعنوي إلا أن تركوني أكمل شرف الخدمة العسكرية ثم توالت الاعتقالات من أمن الدولة عقاباً على جرأتي على بعض زملائهم في المخابرات ، مصطلح الأخونة مطاط لا نعلم له تعريف مدقق ولا معيار قياس وكل ما في الأمر انه مصطلح متداول  إعلامياً ولأهداف متنوعة منها تصفية الحسابات السياسية وترويج الركود الإعلامي المفلس أو تحقيق أي مكسب ولو بالابتزاز ، بدأت حملة التصنيف من بعض الزملاء في النقابة العمالية المستقلة ذات الخلفيات السياسية المرتبكة بكتابة قوائم بأسماء الإخوان الموجودين في الوظائف القيادية بوزارة التربية والتعليم والمحافظات بالضبط كما كان يفعل جهاز الإثم والعدوان – أمن الدولة سابقاً - ، ثم بدأت حملات جمع أسماء الإخوان في كل الوظائف الحكومية بغض النظر عن أهمية الموقع الوظيفي ، يتم حصر قوائم بأسماء وأعداد الإخوان  العاملين ضمن الجهاز الحكومي البالغ 6 مليون من المصريين ولا أدري كم سيصل عدد الإخوان ، لذا كان التساؤل هل هناك مخطط لتقسيم وتصنيف المصريين تارة على الخلفية الدينية وتارة على الخلفية السياسية وأخرى على الهوية الرياضية ؟ لندخل جميعاً لنفق التميز والتصنيف البغيض ، من العجيب أيضاً أن المشكلات اليومية والمعتادة بين طلاب المدارس في وزارة التربية والتعليم دخلت هي الأخرى هذا النفق السياسي القائم والقاتم والمشوه ، حين يقال أن المعلم فلان انحاز للطالب علان لأن أبوه من الإخوان ! أو أن الطالبة الفلانية حرمت من بعض الحقوق لأنها غير محجبة ! ثم ينطلق قطار الفتنة وشق الصف بمظلة إعلامية مشبوهة لترسيخ هذا الهوس الطائفي المغرض الذي لن نجد له محطة وصول

خلاصة المسألة ... محاولات الفاسد البائد والبليد الحاضر رهان خاسر مع شعب يتمتع بحضارة عريقة ، والإخوان فصيل وطني مصري شأنه شأن كل المصريين ، وشغل الرأي العام بهذا النوع من التصنيف يطعن في الوحدة الوطنية والنسيج المجتمعي المتفسخ أصلاً ، لذا نأمل الهدوء قليلاً والعمل المنتج كثيراً ، الكلام غير المسئول لا يبني دول لكنه بسهوله يهدم الأوطان ، والعاقل من تجنب إهدار الفرص واستنزاف الطاقات  ... حفظك الله يا مصر ...

______________
المستشار الإعلامي لوزير التربية والتعليم