وائل الحديني

ننحني إكباراً : ونحن نرى  الدور الذي يلعبه بعض أفراد جهاز الشرطة في محاولات فرض الأمن ، ونقر بما يقدموه من تضحيات قد تصل إلى بذل الأرواح.

كما نتوارى خجلاً  أمام أبعاد المؤامرة اللا أخلاقية في الجهاز الإداري للدولة ، ومحاولات التضييق والإرهاق للمواطنين ، حتى ييأسوا ويقنطوا من أمر الله وقدره واختياره  ، وهذا ليس بجديد على الجهاز الذي شبهه البعض في منتصف التسعينات بديناصورات عصور ما قبل التاريخ ، إذاً الموجود ليس شاباً غادر المهد لكنه هرم بلغه المشيب.

حينما تقف في محطة مصر (رمسيس العتيقة ) عصراً لأيام  وتبدوا لك مهجورة بلا قطارات ولا صخب إلا من كتل بشريه هائلة غارقة في الدهشة قبل أن يبدأ دخول القطارات المتأخرة تتهادى في نفس التوقيت فأعلم أن هناك خلل.

وحينما لا تجد مسئولاً بالمحطة يجيب عن تساؤل : ما سبب التأخير وإلى متى ، أو يبدي اعتذاراً ، أو يلوح بتبرير ، فأعلم أن هناك خلل وتربص بآدميتك وثورتك.

لكن على الجانب الآخر ، حينما يستغل عدد من رجال الشرطة الأمر بمنهجية غريبة عليهم  ، ويربطون بمكر و يستدعون الشائعات من الإعلام الارتزاقي ، فاعلم أن الأمر تجاوز الخلل وأن هناك مؤامرة بالفعل.

الحقيقة أن هؤلاء استبدلوا أدوارهم المفترضة في العمل والبحث وضبط الأمن وتنظيم إيقاع الحياة بالحياد والدعة والسكون إلا من التثوير وبث الشائعات!

أقوال مأثورة بألسنتهم : (لا فائدة ، البلد تباع أمام الجميع ومن يتحدث سيضرب بالأحذية ، ينتقمون من الناس وكأن الشعب مسئول عن اعتقالهم طوال ثمانين عاماً ، 150 ألف جندي يتحركون في ركاب مرسي .مبارك لم يصل لهذا العدد ، تم إيقاف الطريق ساعتين لمرور مرسي ، البلد بتضييع ، لن نتدخل لصالحهم ، الإخوان قاطعين الطريق)!

لا يمكن في الذكرى الثانية للثورة أن ننسى دور الشرطة السلبي  في الثورة ، فهي في البدء كانت موجهة إليهم وضد ممارساتهم وقمعهم قبل أن تتسع كرة الثلج لتطيح بالنظام الذي كاد أن يطيح بمصر ويسقطها من حركة التاريخ ، و هي ممارسات باتت في ذمة التاريخ ولن يسمح عاقل بإعادة إنتاجها أو استنساخها.

ندعوا عقلاء الأجهزة الأمنية إلى البحث في أسباب المرض والوقوف على عوارضه  والتأكيد لأبنائهم أن ثقافة حبيب العادلي وحسن عبد الرحمن اندثرت ، وأن عهداً جديداً بدأ وأن الظروف أصبحت مثالية ليتوبوا بالعمل والبذل من اجل مصر ، بعيداً عن الأسماء والأشخاص .
ندعوهم للتذكير أن هناك شرعية جاءت عبر الصناديق باختيار حر ، وأن يكتبوا اسم رئيسهم المبجل باسمه وصفته أمام رجالهم حتى يتجاوزا الولاء لسلفه السجين الذي نهب وسرق وأغرق وأحرق ويوقفوا حملات السب والشتم والتحريض.

ندعوهم لبدء حملات توجيه معنوي للعلاج النفسي والتأهيل والترميم الحركي و القلبي.

لقد عادت مصر لأبنائها والجميع مطالب بغرس بذور التعايش والتوافق وتأصيل قيم العمل والإنتاج والتضحية ، نرفض بالحسنى وننقد بموضوعية ، ونتفاءل فالأمل يملئ الأفق رغم الصعاب ، وحينما ينطلق قطار تغيير ما بالأنفس والأفاق سنشعر بالفارق وسنلعن حينها أجيال العار على قعودها وتفريطها وعزوفها عن المشاركة.

_________
كاتب وباحث مصري