محمد السروجي

سؤال يجب الوقوف عنده وبدقة مهنية وعلمية بعيداً عن السجال السياسي القائم والقاتم ، باختصار شديد ، هل تملك وزارة الدكتور إبراهيم غنيم رؤية واضحة ومحددة ومعلنة لإصلاح منظومة التعليم ، هل تعرف وزارة الدكتور غنيم أين هي ؟ وماذا تريد ؟ وما هي ضمانات التحقق ؟ 

أين نحن ؟ " كثرة التحديات وندرة الفرص"

بدأت الوزارة عملها برصيد تراكمي سلبي كميراث طبيعي لسنوات سابقة يأتي قي مقدمته النقص الحاد في المباني المدرسية بنسبة عجز تصل 24.7%   ، وتراجع المستوى المهني والتربوي لعدد كبير من الإدارات المدرسية والقيادات التعليمية لاعتبارات نمط الإدارة اللامركزية العاجزة ، وهجرة الطلاب للمدرسة وانتقال التعليم للبيوت والدروس الخصوصية ما يعد تهديدا للعملية التربوية والتعليمية معاً  ،وتواضع مستوى المناهج الدراسية التي تعتمد الحفظ والاسترجاع دون باقي مستويات المعرفة ومهارات التفكير ، والبطالة المقنعة والسافرة ما جعل ديوان الوزارة يأن بحمل ثقيل من العمالة بزيادة تصل 40% ، والتسيب المالي  في  المعاهد القومية التي تبلغ أصولها 60 مليار جنيهاً ، وارتباك شبكة العلاقات الإنسانية داخل المجتمع المدرسي وتكرار حالات العنف المتبادل بين المكونات البشرية ، وعمل الوزارة في جزيرة منعزلة عن باقي وزارت ومؤسسات وهيئات الدولة ما يعد إهداراً للإمكانات المتاحة ، والهجوم الإعلامي غير المبرر وبخلفيات سياسية لا شأن للوزارة بها ما يُعد استنزافاً للقوى وإهداراً للطاقات وإعاقة للحركة ، فضلاً عن أشواق المصريين في تعليم عال الجودة وفي مدة زمنية قصيرة وربما هذا أصعب التحديات على الإطلاق

 

ماذا نريد ؟ "الأهداف ذات الأولوية"

يأتي في مقدمتها الأولويات الخمس وهي :

الإتاحة الكاملة

بمعنى توفير مكان إنساني وحضاري لكل طالب مصري يلتحق بقطار التعليم "2 مليون سنوياً"، لتنخفض الكثافة تدريجياً وتصل لمعدلاتها المقبولة خلال الجزء الأول للخطة الإستراتيجية "40 طالباً " ، وهو ما يمنع التسرب من التعليم الذي وصل لمعدلات مفزعة بمتوسط 6% ، ويحاصر غول الأمية الذي تجاوز 30% ، فضلاً عن إعادة توزيع العمالة على مستوى الإدارة والمعلمين والفنيين والأخصائيين بما يحقق العدالة الوظيفية وتكافؤ الفرص

اللامركزية الفاعلة

لتقوم المديريات التعليمية والإدارات المدرسية بواجبها الوظيفي والمهني والتربوي من خلال كم الصلاحيات الكبيرة المخولة لها ، في اتخاذ القرارات وتقديم الخدمات وتوفير الاحتياجات وممارسة الرقابة والمتابعات بالتنسيق مع الإدارة المحلية لكل محافظة ، وقد بدا هذا واضحاً حين صرح الدكتور وزير التعليم "أحلم باليوم الذي يمارس فيه مدير المديرية صلاحيات الوزير ، هنا سنكون بحق خدام هذا الشعب العظيم "

الجودة الشاملة

بعيداً عن ترتيب الأوراق ، نسعى لجودة تعليمية شاملة ، على مستوى الطالب وبمواصفات تليق بمكان ومكانة هذا الوطن العريق ، ولإشباع مكوناته الأساسية على مستوى المعارف والمعلومات والقيم والاتجاهات والسلوك والممارسات ، وعلى مستوى المعلم ليكون فعلاً نعم الوالد بالرابطة القلبية والأستاذ بالإفادة العلمية والقائد بالتربية السياسية والمربي بالمنظومة الخلقية، وعلى مستوى الإدارة المدرسية لننتقل بها من التنفيذ المحدود للتخطيط الممدود والرقابة العلمية المستدامة

الشراكة الضامنة

التكامل والشمول بين مؤسسات التربوية المدرسية واللامدرسية  بداية من البيت مروراً بالمدرسة فالمسجد والكنيسة فوسائل الإعلام حتى نتمكن من توفير مناخ تربوي وتعليمي داعم متكامل لا متضارب ، ثم التكامل بين مؤسسات الدولة على مستوى الإمكانات المادية والبشرية ليكون لدينا وفرة من الموارد تكمل بعضها البعض ولنتحمل جميعاً المسئوليات وبالطبع بنسب وزنية وصلاحيات تكافئ المسئولية الوطنية والوظيفية والسياسية

الموارد الكافية

من المعلوم أن الموارد الرسمية للوزارة بل لكل وزارات الدولة لا تفي بما هو مطلوب ومأمول ، لذا يأتي الدور الوطني والواجب الشرعي لمؤسسات المجتمع المدني ورجال الأعمال ،ثم القطاع الخاص  ليكون الدعم المالي والمعنوي

ضمانات التنفيذ

قد يقول قائل – وهو محق – ما هي ضمانات تنفيذ ما سبق ، وهو كلام ليس بالجديد فقد قاله من جاء قبلكم وكانت نسب التحقق لم تتجاوز الربع  " نسبة تنفيذ  الخطة السابقة 26%" ، لذا كانت حزمة الضمانات ومنها :

** تبني الرأي العام لهذه الأولويات ليكون نعم الرقيب على خطط الوزارة التي تمثل أكبر خط إنتاج بشري لأبناء المصريين

** استكمال مشروع المجلس الوطني للتعليم بهدف استقرار السياسات والاستراتيجيات وتجنب تغيرها بتغير الوزاراء المعنيين

** الشراكة المجتمعية في وضع المناهج الدراسية لتعبر بصدق ومنهجية علمية عن كل المصريين دون استثناء للتعامل الإيجابي مع تخوفات البعض من اختراق فصيل سياسي دون غيره هذه المناهج التي لها قدسيةومكانة الدساتير

** الإعداد الشامل للمعلم المصري عماد تربية وتعليم الأجيال ، على المستوى المهني والعلمي والتربوي ليعبر بصدق عن أملنا المنشود في تربية وتعليم جيل ينهض بهذا الوطن في أقل مدة ممكنه لأن حركة التاريخ والتطور لا تنتظر الكسالى

الخلاصة .. هذه رؤية الوزارة التي قد لا يعلمها الكثيرين خاصة من المهتمين بالعملية التعليمية ويبدءون دائماً من نقطة الصفر وكأنه لا توجد هناك رؤية ولا خطة ، هم بذلك مقصرون لعدم الاطلاع والبداية الدائمة من الفراغ ، ونحن أيضاً مسئولون عن توصيل هذه الرؤية لهم وللرأي العام المصري رغم الصخب والغبار الكثيف الغالب على الساحة الإعلامية فحجب الرؤية وخلط الأوراق ... حفظك الله يا مصر ....

________

المستشار الإعلامي لوزير التربية والتعليم