وائل الحديني
يعتقد البعض أن معظم النخبة (رغم تغريدها ) وكل الأحزاب (القديمة ) متعفنة ، فيما يرى البعض الآخر أنها متحللة ، وأن مرحلة التعفن أصلاً انتهت بقيام الثورة .
فمنذ أن أعلن الرئيس الراحل محمد أنور السادات عودة الحياة الحزبية إلى مصر في عام1976 بعد فترة طويلة من التغييب وبناء النخب والأحزاب لم يتعدى الشكلية الفجة .
فإطلاق الحياة الحزبية كان مقيداً بأفكار وتخوفات وتقاليد وإرث الحزب الحاكم ، لذا كانت كل الأحزاب والنماذج النخبوية التي يتم تمريرها صور كارتونية محددة الأبعاد والأحجام على اتصال دائم بالحاسوب المركزي للحزب الحاكم ، حيث كان يجري تحريكها وتقديمها وتأخيرها أو تفتيتها بأشكال مقولبة محفوظة ومعروفة .
ويمكن القول أن الحزب الحاكم (سابقاً) أخذ منهم أكثر مما أعطاهم ، فهو أعطاهم رخصة ومقرات وصحف ومقعد بالتعيين في مجلس الشورى على سبيل الهبة ، وأخذ منهم اعترافا بالتعددية الحزبية والشرعية الناتجة عن تنافسية منقوصة بين حزب يملك الدولة ، وأحزاب لا تملك شيئ .
وهذا لم يكن مستغرباً ، ففي غياب الوجود الجماهيري الحقيقي ، لم يكن هناك ما تلجأ إليه هذه الأحزاب سوى أبيها الذي أخرجها من رحمه وملئها بالهواء حتى صارت جسداً .
لذا كانت تتنافس على رضاه في المقام الأول وخروجها عليه لم يكن سوى مساحة مرسومة ومحددة بدقة.
هذه الأحزاب أخرجت لنا فيما بعد (نخب ثورية مصطنعة)، لذا لم يكن مستغرباً أيضاً أن يحُدث قانون العزل مثل هذه الضجة ويقابل بمثل هذا الرفض ، وكذلك سرعة الالتقاء بين الثوري (!!) والمطاح به وكأنهم بطموح واحد.
فماذا كانت تمثل تهاني الجبالي ثورياً حتى يُقّبل القانوني الثوري حسام عيسى يدها علناً ؟!
وماذا كان يمثل أحمد الزند نضالياً حتى يلتف الثوار حوله ؟
ولماذا الالتحام بالنائب العام (المعزول) الذي طالما كان عزله حلماً ثورياً ؟!
ولماذا لم تبعد شبهات الأمنجي ( أبو حامد) الثوار عنه : ألم يتشدد في رفض العسكري قبل أن يعوى دفاعاً عنه ، ممضياً وقته متأرجحاً بين القاهرة وأبو ظبي برسائل الفريق السارق الهارب!!
لقد عاشت الأحزاب والنخب تحت أقدام السلطان طويلاً حتى أدمنتها ، وهي ترفض بشدة أن تنتقل سلطته (إلا) إلى آخر من لحمه ودمه أو البديل فوضى عارمة ، لأنها بقيت كما كانت سابقاً مكلمات في الإعلام ولافتات وصحف هزلية بلا جماهيرية حقيقية أو أرقام تصويتية .
لذا كانت ولازالت وستبقى رهناً لرموز حزب هرم منحل يتلاعبون بالشعب ، في الماضي والحاضر ، يسلبون فرص المقاربة ، فيما يبكي مسخٌهم حباً في السلطة وهياماً بها مطالباً بسحب الاستثمارات الخارجية ، في الوقت الذي يلتحف فيه بكل الديكتاتوريات في المنطقة ، يشرب من دماء شعوبها ، ويأتمر بأمر حكامها !
إن الإشكالية تبقى كما هي: انخفاض سقف الطموح إلى الحد الأدنى الذي يخرج الجميع من ميدان التنافس من أجل صالح الوطن إلى سيطرة قيم الصفقة لخدمة ( الأنا) ببث الفرقة والفوضى والبحث عن الفتات بين بقايا مخلفات من يظنوه يملك العطاء ، سواء كان الحزب المنحل أو بقايا العسكري داخلياً ، أو التقرب بالهولوكست وبوذا خارجياً.

