م/ الدفراوي ناصف
إنتشرت في الآونة الأخيرة، مصطلحات بطريقة ممنهجة و مقصودة عن طريق الإعلام ، وبعض المناهضين للإخوان المسلمين.. وبدأ البعض  يكررها خلفهم بلا فهم أو دراية للمقصد والمعني .. فأصبحوا بذلك  يلصقون بأنفسهم ما يعيبون به شباب الإخوان ..
 أقول لهم حنانيكم ، تعالوا إلي كلمة سواء .
في البداية أحب أن أوضح للقارئ أن الطاعة عند الإخوان المسلمين هي ركن أصيل من أركان البيعة ، والتي يبايع عليها الإخوان العاملون ، بعد أن يجتازوا مراحل متتالية من التربية والتعليم والفهم .
وإذا بحثنا في رسائل الإمام الشهيد حسن البنا سنجد أن أركان البيعة  هذه قد جمعتها رسالة التعاليم والتي اختص بها حسن البنا رحمه الله فئة من الإخوان المسلمين ، وليس عموم الإخوان ، حيث أن دعوة الإخوان المسلمين بمثابة  مدرسة تربوية ، يمر فيها الأخ بعدة مستويات تربوية حتي يصل إلي المستوي المُخاطب هنا في رسالة التعاليم ، لذا تجد البنا رحمه الله يفتتح الرسالة بقوله : 
فهذه رسالتي إلي الإخوان المجاهدين (أي العاملين) من الإخوان المسلمين ، الذين آمنو بسمو دعوتهم وقدسية فكرتهم ، وعزموا صادقين علي أن يعيشوا بها ، أو يموتوا في سبيلها ، إلي هؤلاء الإخوان (فقط) أوجه هذه الكلمات ، وهي ليست دروسا تحفظ ، ولكنها تعليمات (تنفذ) .. وينهي مقدمة الرسالة بقوله : أما غير هؤلاء فلهم دروس ومحاضرات ، وكتب ومقالات وإدارات ، ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات ، وكلا وعد الله الحسني .. 
من يعلم هذا ويفهمه جيدا يعلم أنه ليس كل من ينتمي إلي الإخوان مطالب بركن الطاعة ، ولكن يحدث علي سبيل التربية والتمرين ، والإختبار ، وإن سقط البعض من غير المخاطبين في رسالة التعاليم في ركن الطاعة ، لا يُلام علي ذلك ، ولكن يوجّه وفقط .
أما الفئة المخاطبة بالطاعة تعتبر هي الصف الأول للجماعة ، وهي عصبها وقوتها ، بل هي التنظيم نفسه ، والمعروف عُرفا وشرعا وبداهة ، أنه لا تنظيم بدون قائد يأمر ، وجند يطيع ، ولكن الفارق عندنا هو أن الطاعة مبصرة ، وتحكمها القاعدة الشرعية (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) ..
ويقول حسن البنا رحمه الله في ركن الطاعة : وأريد بالطاعة ، إمتثال الأمر وإنفاذه  توا ، في العسر ، واليسر ، والمنشط ، والمكره  . انتهي كلامه رحمه الله .. وهذا الأمر ليس بغريب علي ديننا ، فقد ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : لا إسلام إلا بجماعة ولا جماعة إلا بإمارة.ولا إمارة إلا بطاعة -  قول الماوردي في الأحكام السلطانية.
وجماعة الإخوان المسلمين هي مؤسسة ، لها ضوابطها ، وقوانينها ، ولوائحها التي تنظم العمل بداخلها ، وهذه اللوائح تُطبق علي الأفراد المخاطبين برسالة التعاليم ، والذين بايعوا علي الأركان العشرة ومنها ركن الطاعة .. وهذا الأمر موجود في كل المؤسسات الناجحة ، ولا تُلام أي مؤسسة علي تطبيق لوائحها علي غير المنضبطين بها .. وهو ما يعرف لدى الأحزاب بـ  (الإلتزام الحزبي) .. وقد شاهدنا في الفترة الأخيرة علي سبيل المثال لا الحصر ، أحد الأحزاب يفصل بعض أعضائه في انتخابات الإعادة 2010 لأنه لم يلتزم بقرارات الحزب ، كما رأينا استقالة عدد من أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور إلتزاما منهم بموقف الحزب او الجهة التي ينتمون إليها ، فلماذا إذا قامت الجماعة بتطبيق نفس المبدأ الحزبي يطلق عليها أنها إقصائية ؟؟!! وعلي أفرادها المنضبطين بقراراتها خرفاناً ؟؟!
وقرارات الإخوان التي يجب علي الصف الإلتزام بها ، لا تصدر عن شخص بعينه ، ولكن تصدر عن الشورى ، وبالتالي ما يصدر عن الشورى لابد أن يلتزم به الجميع حتي وإن خالف هواه ، و قناعته .. بل ويعمل علي إنجاحه ، والدعاية له بكل حماسة وجد ونشاط .. وهذا الأمر ربما يكون مستغرباً عند البعض من خارج الصف ، لكن يفعله أفراد الإخوان بداهة ، لأنهم يرجون منه الأجر والثواب من الله .
وأختتم مقالتي بهذا الموقف قبل إنتخابات الرئاسة ، حيث قال لي أحد الأصدقاء أن شباب الأخوان (خرفان) ويتعاملون (كالقطيع) حيث أنهم يسمعون ويطيعون دون تفكير ، سألته :كيف ذلك ؟!
 قال لي : منذ فترة جادلني أحد الإخوان ليقنعني بأن الظروف ليست مهيئة ليكون من الإخوان مرشح للرئاسة ، واليوم نفس الشخص يحاول إقناعي بأن الظروف تغيرت ولابد أن يكون منهم مرشح رئاسي ..!! 
فابتسمت وقلت له بكل هدوء : هذا إن دل فإنما يدل علي النضج السياسي ، والفهم المؤسسي والتنظيمي الرائع عند شباب الإخوان المسلمين ، والذي قد يسبقون به غيرهم .. قال مندهشا كيف ؟! قلت: هذا هو الإلتزام الحزبي في أعلي مراتبه ، وشباب الإخوان يعلمون جيدا أن الشوري التي قالت منذ عام سابق أن الظروف لا تسمح ، هي الشوري نفسها التي غيرت القرار ، واصدرت قرار جديد ناتج عن دراسة وشوري وتصويت باغلبية أن الظروف تغيرت ، ولمن يلعب سياسة يعلم جيدا ان الظروف قد تتغير في يوم وليلة في عالم السياسة ، فما بالكم بعام كامل ؟! ،
وإن لم تتغير المواقف لتغير الظروف فهذا هو الركود الفكري والجمود السياسي في أسمي صوره  ، وبسبب ركن الثقة بين الجندي والقائد والثقة في المنهج والطريق ، يجعل تلقي هذه التعليمات بشئ من السهولة واليسر، والعمل بمقتضاها بجدية ، وبلا خجل أو مواراة  .. 
فلو كان لقب الخرفان يُطلق علي كل من يؤمن بالإلتزام الحزبي ، وما يصدر عن الشوري ، إذن فنعم الخرفان هي .. 
وإذا كان يقصد بالقطعان هي روعة الإنتظام في الإنقياد للقائد والسير في الوجهة التي يحددها علي بصيرة وعلم فنعم القطيع إذن .. ولكنها الثقة و الإخوة ..و الحب.


 
						
											 
 
					     
 
					     
									 
									 
									