عبد الجواد شبانة
استمعت بانصات وامعان جيدين الى الحجج التى يؤسس عليها بعض الأفراد رفض مشروع الدستور، فتبين لى الحقائق الآتية:
1. أن قسما من المعارضين يقولون عبارات عامة مثل قولهم انه دستور ظلم المرأة ، وأنه لم يحقق اهداف الثورة ، دون أن يحددوا لنا من خلال مواد مشروع الدستور مايؤيد رأيهم ، ومن ثم تأكدت أن هؤلاء لم يطالعوا الدستور ، ولم يدرسوه دراسة موضوعية ، بل يعارضونه لحاجة فى نفوسهم ليس إلا.
2. أن قسما آخر من المعارضين ينتقدون بعض مواد الدستور ، وعندما تستمع الى آرائهم تجد أنهم يفهمون النصوص على غير المراد الذى وضعت لتعبر عنه ، ويلصقون بها معان لايحتملها النص ، مثل قولهم الدستور لم يتكلم عن المرأة الا فى مادة واحدة ، وعندما تقول لهم ان كل مادة تتكلم عن المواطن تعنى الرجل والمرأة معا ، يقول لك لا ، ومن ثم تأكد لى أننا أمام مشكلة أخرى لاتتعلق بالدستور بل تتصل بطريقة تفسير هؤلاء للنصوص.
3. وهناك قسم اخر من المعارضين للدستور، ظلوا لفترات طويلة يكتمون الأسباب الحقيقية لتلك المعارضة ، إلا أن الله شاء أن تنكشف تلك الأسباب للشعب ، وقد لاحظت ان تلك الأسباب كان يصرح بها للصحافة الأجنبية دون المصرية ، ومن ذلك لما سألأت صحيفة ألمانية الدكتور محمد البرادعى تستفسر منه عن أسباب انسحاب التيارات المدنية من لجنة وضع مشروع الدستور، قال لها لأن بعض أعضاء تلك اللجنة لا يؤمنون بالهولوكست، ثم صرح مؤخرا لقناة سى إن إن الأمريكية أنه لا يوافق على مشروع الدستور لأنه لا يؤسس لدولة علمانية الدين فيها يجب أن يكون بمعزل عن الحياة ، ثم قال لإحدى القنوات المحلية – النهار – أن مشروع الدستور لايروق له ، لأنه لايعترف فى مصر إلا بالديانات السماوية ، ولم تضمن اعتبار الديانة البوذية احد الديانات المصرية.
4. وثمة قسم آخر من المعارضين للدستور ، دأبوا على تزوير الحقائق ، يؤلفون موادا من عندهم ، ويسوقونها للمجتمع على أنها من مواد مشروع الدستور ، وبالتالى يعارضون الموافقة عليه ، ومن ذلك قولهم إن مشروع الدستور يعطى الحق لرئيس الدولة فى بيع ارض سيناء ، وأن الدستور يمنع المرأة من الترشح لرئاسة الدولة.
5. لقد طالعت نصوص المشروع ، فلم أجد فيه شيئا مما تقدم ، وجدته جامعا ، وسطيا ، واقعيا ، مرنا ، يضيف مايقرب من خمسة وثلاثين حقا للمصريين لم تكن موجودة من قبل فى أى دستور من دساتير مصر السابقة ، أقام نظام المجتمع السياسى على أساس التعددية والشورى والديمقراطية والمواطنة وسيادة القانون ، ونظامه الاقتصادى على دور القطاع العام والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدنى ، وجعل هدفه تحقيق حد الكفاية ، وتحقيق العدالة ، وأقام نظام الحكم فيه على أسس النظام المختلط ، لاالرئاسى ولاالبرلمانى ، والفصل بين السلطات المشرب بروح التعاون فيما بينها ، وأقام نظامه الاجتماعى على أساس المساواة التامة بين الرجل والمرأة بما لايخل بأحكام مبادىء الشرائع السماوية ، وأنشأ لأول مرة فى تاريخ مصر الدستورى أجهزة مستقلة لإدارة الانتخابات ، ومكافحة الفساد ، وادارة شئون الصحافة والاعلام ، واداة شئون الدعوة الاسلامية ، وادارة شئون الوقف ، كما قلص من سلطات رئيس الدولة ، وأقام السلطة القضائية على أساس الاستقلال وعدم قابلية القضاة للعزب وحرم بشكل قاطع تدخل السلطة التنفيذية فى عملهم ، وكفل حق الابداع وحرية التعبير ورعاية المبدعين وتوظيف انتاجهم فى خدمة قضايا المجتمع.
6. والذى اخلص اليه ، أن المعارضة تقول أسبابا مرسلة ، لا أصل لها ، وأرى أنها لاتعارض بموضوعية ، وأن ثمة أسباب سياسية غير معلنة للمصريين هى التى تدفع المعارضة الى رفض مشروع الدستور الذى صاغت مع باقى اعضاء التأسيسية 95 % من مواده ، اعتقد أنها تتلخص فى أن المعارضة عندها احساس أنها إن لم تتمكن الآن من ابعاد التيار الاسلامى والرئيس الذى انتخبه الشعب من هذا التيار عن الحكم ، فلن تقوم لها بعد ذلك قائمة ، لأنها – اى المعارضة – تعتقد أن الرئيس - إذا وافق الشعب على مشروع الدستور - سينجح ، ونجاحه نجاح لتيار الاسلام الحاصل على ثقة أغلبية الشعب ، ومن ثم ففرص المعارضة فى الحكم ستضعف.
7. والآن ، أعتقد أن من حق غير القادرين ، ومن يعانون من البطالة ، والعنوسة ، والذين مازالوا يحرمون الخدمة الصحية والتعليمية عالية الجودة ، آن الأوان أن يفرحوا بثمار ثورتهم، التى قامت على تضحية ابنائهم ، وارواح شهدائهم ، وذلك لن يتأتى باستطالة أمد الفترة الانتقالية ، واستمرار غياب مؤسسات الدولة الفاعلة ، وهو هدف تسعى اليه المعارضة ليحكم الرئيس دولة بدون مؤسسات فيفشل ، غير عابئة تلك المعارضة بحقوق ابناء المجتمع الذين يضرهم استمرار ذلك المناخ ، تؤثر مصلحتها الذاتية على مصلحة المجتمع العليا ، لذلك فالتصويت بنعم واجب لإخراج البلاد من ذلك المناخ الذى تعيشه ، ليحصد المجتمع ثمار ثورته.


 
						
											 
 
					     
 
					     
									 
									 
									