حلمى داود
بعد ان تحدثنا فى الحلقة السابقة عن
بناء العقل
وتعبيد القلب
وترويض النفس
نختم هذه السلسلة بـنماذج ممن احسنوا الى انفسهم فطابت حياتهم ...وبقى ذكرهم ...وحققوا ما يرجون من غاياتهم:
1- محمد بن واسع ( رضى الله عنه )
تابعى جليل .. تلميذ أنس بن مالك .. وصاحب مالك بن دينار .. وشيخ الحسن البصرى .. وسمى زين القران
ربى نفسه على ملاقاة الاعداء ووازن بين عباداته وجهاده ... وكان قتيبة بن مسلم يستبشر به ويقول (حين يسأل عنه وهو يفتح خراسان ويخبروه أنه فى المسجد رافعا إصبعه ) "صبعه تلك احب الى من ثلاثين الف عنان"
( العنان : هو الفرس ومن عليه )
كان رضى الله عنه كثير العبادة يقول عنه جعفر بن سليمان كنت اذا وجدت فى قلبى قسوة نظرت الى وجه محمد بن واسع نظرة .. وكنت اذا رأيت وجه محمد بن واسع حسبت انه وجه ثكلى
وكان زاهدا فى الدنيا فمن اقواله " ما آسى على شئ من الدنيا إلا على ثلاث .. صاحب اذا اعوججت قومنى .. وصلاة فى جماعة يحمل عنى سهوها وأفوز باجرها ... وقوت من الدنيا ليس لأحد فيه منه ولا لله عز وجل تبعة "
ويقول "انى لأغبط رجلا معه دينه وما معه من الدنيا شئ وهو راض"
وكان رضى الله عنه يخفى اعماله ويقول " ان الرجل ليبكى عشرين سنه وامرأته معه لا تعلم " .. يقول حماد بن زيد ( دخلنا على محمد بن واسع نعوده فى مرضه فجاء يحى البكاء يستأذن فقالوا يحي البكاء فقال لهم "ان شر ايامكم يوم نسيتم البكاء"
وكان رضى الله عنه يبكت نفسه حتى النزع الأخير يقول حماد بن زيد " لما ثقل محمد بن واسع كثر الناس عليه فى العبادة فدخلت فإذا قوم قيام وآخرون قعود .. فاقبل علىّ فقال : اخبرنى ما يغنى هؤلاء عنى اذا اخذ بناصيتى وقدمى غدا وألقيت فى النار ثم تلا هذه الآية ( يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصى والأقدام)
2- ابو مسلم الخولانى
سيد التابعين وزاهد العصر ... من اقواله ( لو رأيت الجنه عيانا او النار عيانا ما كان عندى مستزاد )
وكان رضى الله عنه مستجاب الدعوة
كان منتبها لخطورة النفس فمن اقواله " أرايمم نفسا اذا اكرمتها وودعتها وكرمتها ذمتنى غدا عند الله وان انا اهنتها وأنصبتها وأعملتها مدحتنى عند الله غدا ... فقالوا من تيك يا ابا مسلم ... فقال تيك والله نفسى
وعلى عهد معاوية قحط الناس فخرج يستسقى بهم فلما نظروا الى المصلى قال معاوية رضى الله عنه لابى مسلم " تَرى ما داخل الناس فادع الله .. فقال أَفعل على تقصيرى .. فقام وعليه برنس فكشف عن رأسه ثم رفع يديه
فقال اللهم انا بك نستمطر وقد جئت بذنوبى اليك فلا تخيبنى ... فما انصرفوا حتى سُقوا .. فقال ابو مسلم : اللهم ان معاوية اقامنى مقام سُمعةٍ فان كان لى خير عندك فاقبضنى اليك ... وكان ذلك يوم الخميس فمات ابو مسلم رحمه الله فى الخميس المقبل
كان رحمه الله اذا مر على خرِبه وقف عليها ثم قال : يا خرِبه اين اهلك .. ذهبوا وبقيت اعمالهم ... انقطعت الشهوة وبقيت الخطيئة ... ابن ادم ترك الخطيئة اهون من طلب التوبة)
3- زين العابدين
التابعى الجليل والزاهد الكبير الذى تعرف البطحاء وطأته والبيت يعفه والحِل والحرم
هو زين العابدين على بن الحسين بن على بن ابى طالب رضى الله عنهم
انجاه الله من مجزرة كربلاء بسبب مرضه وكان اذا ناول السائل صدقة قبله ثم ناوله
سقط يوما سفود من غلام له "عبد " وهو يشوى شيئا فى التنور على راس صبى لعلى بن الحسين فقتله .. فنهض ابن الحسين مسرعا .. فلما نظر الى الغلام قال له انك لم تتعمد انت حر .. ثم شرع فى تجهيز ابنه للدفن
خرج رضى الله عنه يوما من المسجد فسبَه رجل فانتدب الناس اليه ..ز فقال دعوة . ثم أقبل عليه فقال : ما سترة الله عنك من عيوبنا اكثر ... الك حاجة نعينك عليها .. فاستحيا الرجل ... فالقى اليه زين العابدين خميصة كانت عليه وأمر له بألف درهم ..... فكان الرجل بعد ذلك اذا رآه يقول له انك من ابناء الانبياء
احترق يوما البيت الذى هو فيه وهو قائم يصلي .. فلما نصرف قالوا له مالك لم تنصرف .ز فقال اشتغلت عن هذه النار بالنار الاخرى
وكان اذا توضأ اصفر لونه ويقول له أهله ما هذا الذى يعتادك عند الوضوء .. فيقول تدرون بين يدى من اريد ان اقوم ؟؟
فإذا قام اخذته رعدة فقيل له مالك فيقول ما تدرون بين يدى من اقوم ومن اناجى ؟؟
هذه نماذج يسيرة ممن ساروا وسلكوا وكتب السير تمتلا بما هو اغنى للنفس من الطعام والشراب وبما يحفز النفس ان تتشبه بهم
تشبهوا بالرجال ان لم تكونوا مثلهم ... ان التشبه بالرجال فلاح
وأخيرا ... اخى كن ايجابيا
- فى تمحيص التقوى لتقوى علاقتك بالله تعالى
- فى تجديد التوبة لتحرير النفس من الشهوات والشبهات
- فى توثيق علاقتك بالناس لتوسيع دائرة التعارف والتعاون
- فى توضيح رسالتك فى الحياة لتحدد الطريق وتتأكد من الغاية
- فى تكثيف الحضور للأعمال والانشطه والمنتديات للمساهمة فى القدوة العمليه
واحذر ان لم تكن على قدر المسئولية من العذاب الاليم بالمذلة والعار والانتكاسة الدنيويه واحذر من الاستبدال بأقوام اخرين لهم رسالة يعتزون بها ويعملون على التمكين لها فى نفوس الناس
والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل

