د/ عادل فهمي (*)

رحم الله الشيخ محمد الغزالي الذي ساءه كثرة المتحدثين باسم الإسلام بدون علم ولا فهم...فقال" كم من متحدث باسم الإسلام وددت انه صمت".

مع الفارق..لدينا ظاهرة غير مفهومة، وهي ان كل فرد يعطى لنفسه حقوقا لا يعطيها له القانون، ولا المنطق ..من هذه الحقوق حق الكلام على لسان الرئيس، او الكلام نيابة عن الرئيس، او الدفاع عن الرئيس بدون إذن من الرئيس، وحق مطالبة الرئيس بفعل كذا وكذا..!!

- هؤلاء الذين يتحدثون باسم الرئيس ثلاث طبقات هي:

- طبفة التيار الذي ينتمي إليه الرئيس وهؤلاء فريقين فريق من الحزب، وفريق من الجماعة.
- طبقة المناصرين من المستشارين والمعاونين والمحبين.
- طبقة المعارضين وهم فرق شتى ناصريين ويساريين وقوميين وليبراليين.

أشكال الحديث نيابة عن الرئيس:
- تصريحات استباقية لما يجب ان يقوله الرئيس.
- تصريحات تعقيبية لتصحيح ما يقوله الرئيس.
- تصريحات موازية  لدعم ما يقوله الرئيس.
- تصريحات هجومية لكل ما يقوله الرئيس.
- مطالبات ملحة لما يجب ان يقوله الرئيس.
- اعتراضات مستمرة لما يقوله الرئيس..

مع ملاحظة ان الرئيس أيضا يتحدث احيانا نيابة عن مؤوسيه ونيابة عن الوزارة..!!

دلالات التصريحات التي تصدر من أشخاص غير الرئيس:
الدلالة الأولى: الخوف على الرئيس:
من أن يخطئ ولذلك يتقدم البعض لمنع خطا متوقع، او تنبيه الرئيس لمزلق أو مشكلة..ودافع هذا الخوف الحب والموالاة والنصح والنصرة للرئيس. ومع ذلك فإن هذه التصريحات مع نبل دوافعها تضر بالرئيس وتقلل من جدارته السياسية والشخصية.

الدلالة الثانية: الخوف من الرئيس:
هناك من يصرح نيابة عن الرئيس خوفا منه لأن نجاحه يقلل من فرص ظهور الآخرين ويصعب رحلة السعي نحو قصر الرئاسة مستقبلا، ودافع هذا الفريق هو التشويش، وإثارة الدخان حول الأهداف الحقيقية حتى لا يرى الناس كلاما محددا او رؤية واضحة.. وهذا الدافع تنقصه النزعة الأخلاقية..حيث يصدر من خصوم سياسيين يخشى منهم مستقبلا ويخشى عليهم إذا كانوا يفكرون بإحراج الرئيس دون تقديم بديل أو فكر يصلح للمرحلة الحالية من المخاض المصري..!!

الدلالة الثالثة: الجهل بقدر الرئيس:
الكلام نيابة عن الرئيس دلالة على جهل بالقواعد البروتوكولية والقانونية، وجهل بمكانة الرئيس الذي يعد من خيرة المتخصصين الأكاديميين في تخصص مرموق، وهو سياسي بارع خبر العمل السياسي حزبيا وبرلمانيا..!!
وهؤلاء لا عذر لهم لأن الذين حكموا مصر كلهم جاءوا من الفضاء العسكري..ولم تكن لهم أدني خبرة سياسية ولا فكرية وحكمونا ستة عقود..!!

الدلالة الرابعة: أن كل مصري بعد الخروج من قمقم الكبت وكهوف الاستعباد يرى أن رئيسه ملكه وحده وعليه أن يسمع كلامه هو وينفذ ما يراه هو.. وهؤلاء دافعهم إثبات الذات والظهور الغعلامي بعد عهود من التغييب الكامل..

إذن ما العمل ؟

عمل يقوم به الرئيس فلا يسمح لأي كان أن يتكلم باسمه ولا نيابة عنه..لا من القوى السياسية ولا من المستشارين ولا من الجماعة ولا من غيرها...

عمل يقوم به الحزب والجماعة وهو منع كوادرهما من التحدث مطلقا باسم الرئيس، ومعاقبة كل من يقع في هذا الخطأ، وتفصل الجماعة بين الخطاب السياسي للحزب والخطاب العام للجماعة.
عمل تقوم به أجهزة الدولة: على الرئاسة ومسؤوليها ألا تسمح بمن يتحدث نيابة عن الرئيس إلا بإذن، وعلى الإعلام ومسؤوليه ان يقدم تصريحات الرئيس والمتحدثين بشكل واضح ودقيق، وعلى الوزارة ألا تتخلى عن دورها فيضطر الرئيس للدفاع عنها.

إن سبب ما يحدث من ارتباك في التصريحات والكلام والقرارات هو كثرة المتحدثين بالحق والباطل الكلام عبر الفضائيات وعلى النت وفي المجالس والمؤتمرات.. ولو أن هناك من يرصد ويحلل ويضع اولويات للقضايا وتعرض بشكل محدد لأمكن حسم هذه الفوضى..!!

فكم من متحدث نيابة عن الرئيس وددتُ لو أنه صمت..!!

__________
* استاذ الاعلام بجامعة القاهرة