م/ خالد شلش

تعتبر مشكلة الصرف الصحى وما تسببه من تلوث للمياه والبيئة وما تنتجه من أمراض مزمنة وفتاكة بالمصريين وما تحدثه من دمار على الصحة العامة والناتج القومى من أخطر المشكلات التى تعانى منها مصر فى الوقت الحالى. وقد ناديت فى مجلس الشورى بضرورة اعتبار التعليم والصرف الصحى المشروع الأول للدولة المصرية الحديثة.

وترجع جذور المشكلة الى الستينيات من القرن الماضى حين سعى النظام الحاكم الى اكتساب شعبية سريعة فبدأ بتوصيل مياه الشرب الى القرى والمدن  قبل الصرف الصحى لقلة تكلفتها وسرعة إنجازها فأزداد استهلاك المياه وأرتفع منسوبها ولم يجد المواطن إلا المجارى المائية ليلقى فيها مياه الصرف الصحى الملوث وبدون أى معالجة.......!  وعليه أكلنا الطعام الملوث وشربنا الماء المخلوط بالمجارى ودخل المرض والألم كل بيت مصرى وعجزت الدولة عن مواجهه المشكلة  لقلة الموارد وللفساد الذى طال معظم العاملين فى هذا القطاع وتسبب ذلك فى تأخر المشروعات عشرات السنين مع زيادة حجمها لصالح المقاولين والمكاتب الإستشارية.

والوضع الحالى كما بينه تقرير لجنة الإسكان بمجلس الشورى يؤكد أن 47 مدينة فى مصر  مازالت محرومة من خدمة الصرف الصحى الى جانب  85%  من القرى المصرية . وأنه تم إنفاق 30 مليار جنيه على مشروعات لم تنتهى بعد ولم يستفيد منها المواطن  وهى  تحتاج الى 23 مليار أخرى لإحيائها. وأننا نلقى أكثر من 10 مليون متر مكعب مياه صرف ملوث بدون أى معالجة يوميا فى المجارى المائية الى جانب الصرف الصناعى شديد الخطورة . وأننا كما صرح السيد وزير المرافق نحتاج الى 80 مليار جنيه لإنهاء مشروعات الصرف الصحى وفى حالة توفر التمويل فأمامنا 15 سنه للانتهاء من التنفيذ لأسباب تتعلق بقدرة القطاع والمقاولين.

فهل نحن على استعداد للسير فى هذا الطريق الطويل  أم نحتاج الى حلول سريعة ومبتكرة حتى نسرع الخطى نحو التنمية؟

بالطبع نحن نحتاج الى حوار سريع وشامل لكل أطراف المشكلة.... المواطن والحكومة والمختصين وأصحاب الرأى والشباب ...... مع إستحضار تجارب الآخرين حتى نتخطى تلك العقبة  ومن جهتى أطرح مبادرة لعلها تكون بداية لهذا الحوار أسميها   :-

المبادرة الشعبية لحل مشكلة الصرف الصحى:

وتتلخص المبادرة فى قيام المواطنون فى القرى (وهم على استعداد) بالتعاون مع الدولة فى تنفيذ المشروع على أن تتولى الدولة مهمة الدراسة والتخطيط  والتنفيذ لمحطة التنقية وخط الانحدار للشوارع الرئيسية فقط .  ويتولى المواطنون شراء أرض المحطة وتنفيذ خطوط الانحدار فى باقى الشوارع والوصلات المنزلية .  تحت إشراف مهندسى الهيئة القومية وشركات المياة.  وذلك يوفر قرابة 50% من قيمة المشروع كما أشار مسئولى الوزارة وفى حضور السيد وزير المرافق فى اجتماع  لجنة الإسكان بمجلس الشورى  يوم الخميس 27|9|2012   .  ولتقليل أكثر للتكلفة أقترح إصدار قرار من مجلس الوزراء بإلغاء كافة الرسوم لكافة الهيئات المنوط بها  استخراج  تصاريح  لمشاريع الصرف الصحى من مصاريف إدارية وحوافز إشراف وجعل سنوى وخلافه .   وتوصيل  الكهرباء على حساب شركة الكهرباء وبمعرفتها  على أن يتولى المواطنون شراء المحول والمهمات .  مع إعفائهم من رسوم توصيل المجارى للبيوت حين التشغيل :-
وأقترح أن نبدأ سريعا  ببعض القرى حتى تكون نماذج على الطريق.

بعض الافكار المساعدة
1- المبادرة مدتها لن تقل عن خمس سنوات ولا ينبغى الصمت على إلقاء ناتج جرارات الكسح بالمجارى المائية أكثر من ذلك . وعليه أقترح قيام شركات المياه بنزح ترنشات المواطنون بمعرفتها وتوصيلها الى أقرب محطة تنقية أو شبكة صرف سواء بشراء سيارات كسح أو الاتفاق مع الغير . وتحصيل القيمة مع فاتورة المياه  وتشديد عقوبة إلقاء المياه الملوثة فى المجارى المائية الى الحبس ومصادرة الجرارات .  وعمل ترنشات مغلقة فى نهاية الخطوط الحالية  للقرى المخالفة مع اعتبارها حل مؤقت.

2- ضرورة فصل الصرف الصناعى للشركات ومحطات البنزين والورش عن الصرف الصحى وعدم السماح مطلقا بتوصيله على المجارى العمومية لما يسببه من دمار للشبكة ولعملية التنقية وإلزام الشركات الصناعية العامة والخاصة بعمل محطات لها.

3- دراسة رفع دعم المياه عن السفارات والقنصليات الأجنبية والفنادق والمطاعم الكبرى  والشركات الهادفة للربح  والقرى السياحية  وكل  قادر حتى نوفر التمويل اللازم لمشروعات الصرف الصحى والمياة.

4- لابد من نهج جديد فى تصميم المشاريع يعتمد على  خفض التكلفة مع تصميم محطات تنقية للتجمعات الصغيرة ونقل مياه الصرف من العزب والنجوع  بسيارات بعد تجميعها فى بيارات مغلقة بدلا من نقلها بخطوط انحدار أو طرد.
 
حمى الله مصر . ورزق القائمين على أمرها كل توفيق لحل العاصى من مشاكلها . حتى تتقدم وتنهض وتتبوأ مايليق بها من مكانة.

_____________________
أمين سر لجنة الإسكان بمجلس الشورى