محمد السروجي*
مازلنا على يقين أن الإصلاح الشامل والمطلوب لمصر ما بعد 25 يناير يبدأ بإعادة بناء الإنسان المصري وفقاً لمنظومة متكاملة من البناء الحضاري للإنسان المصري بتاريخه الفرعوني والمسيحي والإسلامي الذي يعتبر المكونات الأساسية له ككائن اجتماعي متمثلاً في المكون الفكري والمعرفي والمكون القيمي والوجداني وأخيراً الحركي والمهاري ، ومازلنا على يقين أن هذه المهمة الوطنية والفريضة الشرعية لا يقوى عليها فصيل أو مؤسسة أو وزارة بل هي مهمة تتطلب الشراكة الإيجابية بين كل المؤسسات المدرسية واللامدرسية التي تعتبر الروافد الأصيلة والصافية للبناء "البيت – المدرسة – المسجد- الكنيسة – الإعلام " ، فضلاً عن الأدوار المتكاملة لمؤسسات الدولة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني ، الواقع يؤشر أن التحديات التي تواجه منظومة التعليم المصري تراكمت منذ عقود وأشواق المصريين في تعليم عال الجودة حلم مشروع ومطلب عادل ، وبين التحديات والحلم مساحات شاسعة يجب أن تتحرك فيها كل الأطراف الوطنية وبفاعلية مؤثرة ومنتجة بروح الفريق الواحد والهدف المشترك ، نعم مؤسسات الدولة وفي المقدمة وزارة التربية والتعليم هي المسئول التنفيذي الأول وليس الوحيد عن تحقيق هذا المطلب وإنجاز هذا الحلم ، لكن الواقع يؤشر أيضاً أن الظروف الراهنة بعد ثورتنا الرائدة والرائعة تتطلب نمط جديد ونوعي على مستوى الأفكار والممارسات ، أفكار قوية وجريئة وممارسات فورية وسريعة ، منها :
** إعادة النظر في المنظومة الثقافية عن التعليم عموماً وأنه ليس بوابة التوظيف الحكومي بقدر ما هو إعداد وتأهيل لسوق العمل عموماً بمجالاته الواسعة والشاسعة في القطاع الخاص والأهلي ، المحلي والإقليمي والدولي فضلاً عن كونه الرافد الأساسي لإعداد الأجيال للحياة بصفة عامة
** إعادة هيكلة وزارة التربية والتعليم التي تحمل جبشاً من العمالة – 1,6 مليون – 50% منها تعمل بمجال الإدارة ما يخالف كل النظم الإدارية في العالم
** التواصل الفاعل والمنتج مع مؤسسات المجتمع المدني المحلي والإقليمي والدولي لدعم منظومة التعليم خاصة في مجال بناء المدارس الجديدة وصيانة المدارس القائمة ، دعماً يحقق المصلحة الوطنية المصرية في المقام الأول
** النهوض بالتعليم الفني وفقاً لرؤية واقعية علمية واضحة تعيد الثقة في هذا النوع من التعليم ليخرج لنا العمالة المهرة بمستوى عال الجودة وفقاً لمطالب سوق العمل ، ما يخفف العبء النفسي والمادي والاجتماعي لهاجس وكابوس الثانوية العامة
** تطوير المناهج الدراسية لتكون قليلة الحجم عميقة الفكر والمهارات
** الشجاعة والجرأة في التعامل مع وهم مجانية التعليم ، لتكون المجانية واقعاً مملموساً لغير القادرين ، وتكون الخدمة مقابل الأجر لقطاع غير قليل من المصريين يستطيعون دون عناء دفع مقابل هذه الخدمة ، ما يوفر فرص وأماكن وإمكانات أكثر جودة للآخرين غير القادرين "نموذج المدارس التجريبية ذات المصروفات المتوسطة "
** الشجاعة والجرأة في تحديد مدى مستوى وصلاحية العاملين بهذا القطاع الحيوي ، بطرق متنوعة تحقق الهدف دون المساس بحقوق العاملين وفقاً لمعادلة الحقوق والواجبات التي أصابها الخلل حين حرص البعض الحصول على الحقوق دون أداء الواجبات
** التوسع المنضبط للتعليم الخاص تحت مظلة الوزارة وفي ضوء القوانين والقرارات المنظمة ما يحقق الإتاحة والجودة
** تعديل قانون التعليم 139 لسنة 81 لتكون جميع مؤسسات التعليم ما قبل الجامعي بأنواعه في مصر خاضعاً لوزارة التربية والتعليم ما يحقق السيادة الوطنية ويحفظ الهوية المصرية
خلاصة الطرح ... إصلاح التعليم في مصر واجب شرعي ومسئولية وطنية لكل الشعب المصري العظيم … حفظك الله يا مصر ….
_______________
*المستشار الإعلامي لوزير التربية والتعليم

