تشهد منطقة طوسون بمحافظة الإسكندرية حالة من التوتر المتصاعد، بعدما قررت محكمة القضاء الإداري بالدائرة 53 إحالة دعوى قدّمها 62 من الأهالي إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقريرها القانوني، دون الاستجابة لطلبات وقف الإجراءات المستعجلة التي يخشى السكان أن تفتح الباب أمام الاستيلاء الفوري على منازلهم تمهيدًا لإزالتها ضمن مشروع تطويري جديد.

 

جلسة مشحونة وسط حضور أمني كثيف

 

انعقدت الجلسة وسط إجراءات أمنية مشددة داخل أروقة مجمع محاكم الإسكندرية، حيث حضر المحاميان محمد رمضان عبد الباسط وحمدي خلف ممثلًا عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ضمن هيئة دفاع تضم سبعة محامين. وترافع الدفاع مطالبًا المحكمة بالتدخل العاجل لوقف ما يصفه الأهالي بـ"خطر داهم" يهدد منازلهم وحقهم الأصيل في السكن.

 

وخلال الجلسة، شدد الدفاع على أن المشروع المزمع في طوسون لا يحمل صفة النفع العام كما تعلن الجهات الرسمية، وإنما هو مشروع استثماري يخدم مصالح فئات بعينها، مشيرين إلى أن مبررات تنفيذه تتعارض مع مبدأ حماية السكان الأصليين وعدم الإضرار بمصالحهم.

 

مستندات وخرائط تكشف بدائل للمشروع

 

قدّم الدفاع أمام هيئة المحكمة خمس حوافظ مستندات تضم خرائط فنية وصورًا من واقع المنطقة عبر "جوجل إرث"، تظهر — بحسب ممثلي الأهالي — وجود طريق قائم بالفعل يمكن أن يؤدي الدور نفسه الذي تتذرع به الجهات المنفذة للمشروع، دون الحاجة إلى إزالة منازل أو تهجير أهالٍ يقيمون في المنطقة منذ عقود.

 

وطلب الدفاع تمكينه من استخراج صور رسمية لخرائط المشروع من مديرية المساحة، متضمنة الأراضي الفضاء المجاورة، تمهيدًا لعرضها على لجنة متخصصة من أساتذة كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية. وتهدف اللجنة المقترحة إلى تحديد ما إذا كان الطريق القائم يمكن أن يغني عن المشروع المزمع.

 

وفي حال كانت هناك ضرورة للمشروع، هل توجد بدائل أقل ضررًا يمكن تنفيذها دون المساس بحقوق السكان؟

 

المحكمة تتجاهل الشق المستعجل

 

ورغم ما طرحه الدفاع من مستندات ومخاوف، فقد انتهت المحكمة إلى إحالة الدعوى للمفوضين، متجاهلة طلبات وقف التنفيذ العاجلة، وهو ما يعني استمرار الإجراءات الحكومية دون تجميد أو مراجعة فورية.

 

المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عبّرت في بيانها عن استيائها من هذا القرار، مؤكدة أن رفض الشق المستعجل يتناقض مع ما يواجهه الأهالي من مخاطر تمسّ حقوقهم السكنية، فضلًا عن غياب الشفافية بشأن مستقبلهم ومستقبل ممتلكاتهم.

 

مشروع ضخم يهدد آلاف الأسر

 

وتعيش طوسون منذ مطلع عام 2025 حالة من الغموض والقلق بعد بدء استعدادات حكومية لشق طريق جديد ضمن خطة تطوير شرق الإسكندرية ومنطقة أبو قير. وتشير تقديرات إلى أن مسار المشروع قد يمسّ ما يقرب من 6000 أسرة في طوسون والمناطق المحيطة.

 

وفي أبريل 2025، أصدر محافظ الإسكندرية القرار رقم 88 بتشكيل لجنة لحصر التعارضات مع مسار الطريق الدائري الجديد بطول 23 كيلومترًا. وتضم اللجنة جهات عديدة بينها:

 

  • مديرية المساحة
  • جهاز حماية أملاك الدولة
  • إدارة نزع الملكية
  • ممثلون عن إدارة المهندسين العسكريين

 

وتشهد المنطقة منذ ذلك الحين زيارات حصر مكثفة للمباني دون إعلان واضح عن خطط التعويض أو بدائل السكن أو حتى نطاق الإزالة، ما يزيد من المخاوف لدى السكان الذين يؤكدون أنهم يعيشون بلا معلومات حول مستقبلهم.

 

مطلب الأهالي: حماية الحق في السكن والشفافية

 

يتمسك الأهالي بمطالبهم القانونية لوقف المشروع أو تعديله بما يضمن الحفاظ على منازلهم وحقوقهم الأساسية. وتؤكد الجهات القانونية الداعمة لهم أن المعركة لم تنته بعد، وأن المرحلة المقبلة أمام مفوضي الدولة ستكون محورية في تحديد مستقبل الدعوى.

 

أما في شوارع طوسون، فما يزال القلق سيد الموقف، بانتظار ما ستؤول إليه الإجراءات القضائية، وسط تساؤلات ملحّة حول مصير آلاف الأسر التي تخشى أن تجد نفسها في مواجهة قرارات إخلاء مفاجئة دون ضمانات واضحة أو بدائل عادلة.