تشهد مدن جنوب سيناء خلال الأسابيع الأخيرة عودة ملحوظة للسياح الإسرائيليين، الذين بدأوا بالتوافد مجددًا إلى شواطئ طابا ودهب ونويبع عقب دخول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيّز التنفيذ، رغم هشاشته واستمرار الخروقات الميدانية.

 

ورغم التحذيرات الأمنية العديدة الصادرة في إسرائيل، فإن الآلاف اختاروا استئناف رحلاتهم إلى المنطقة لقضاء عطلات قصيرة بعيدًا عن أجواء الحرب.

 

القناة العبرية i24News أكدت أن الحركة نحو سيناء تشهد ارتفاعًا كبيرًا، مشيرة إلى أنّ شبه الجزيرة كانت قبل السابع من أكتوبر 2023 من أكثر الوجهات السياحية شعبية لدى الإسرائيليين، نظرًا لطبيعتها الهادئة وأسعارها الجذابة.

 

تحذيرات رسمية.. وحركة سياحية لا تتوقف

 

بعد اندلاع الحرب في غزة، أصدر مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تحذيرات مشددة من السفر إلى سيناء بدعوى وجود تهديدات محتملة. ورغم ذلك، يظهر أن جزءًا كبيرًا من الإسرائيليين اختار تجاهل تلك التحذيرات، خصوصًا خلال عطلة عيد الأنوار اليهودي (حانوكا)، حيث امتلأت الطرق المؤدية إلى طابا وسيارات الإسرائيليين تعبر الحدود دون انقطاع.

 

سهولة دخول الإسرائيليين إلى سيناء

 

وبحسب شهادات عدد من السياح الإسرائيليين وتقارير إعلامية، فإن دخول الإسرائيليين إلى مصر عبر منفذ طابا يتم بسهولة كبيرة، وبدون إجراءات معقدة أو عوائق مالية تُذكر. ويؤكد المترددون على المعبر أن الإجراءات تستغرق وقتًا قصيرًا، وأن الرسوم المفروضة رمزية مقارنة بوجهات أخرى، ما يجعل الرحلة في متناول فئات واسعة.

 

كما تعود اللغة العبرية لتتردد بكثافة في شوارع سيناء بعد انقطاع دام أكثر من عامين، حيث يعود كثير من الإسرائيليين إلى الشاليهات والأكواخ التي اعتادوها، مستفيدين من هدوء الشواطئ واعتدال الطقس.

 

في المقابل.. الفلسطيني يواجه مسارًا بالغ التعقيد

 

ورغم سهولة دخول الإسرائيليين، يشير فلسطينيون من غزة وعدد من المنظمات الحقوقية إلى أنّ عبور الفلسطينيين إلى مصر عبر معبر رفح يظل بالغ الصعوبة، خاصة خلال الحرب. فبين القوائم الطويلة للانتظار، والإجراءات الأمنية المشددة، وضرورة التسجيل عبر وسطاء، أصبح السفر عملية مرهقة ومكلفة.

 

وتتحدث تقارير حقوقية وإعلامية عن مبالغ مالية كبيرة يضطر الفلسطينيون إلى دفعها للحصول على فرصة للعبور، في ظل سيطرة شركات وساطة على عملية التنسيق، وهو ملف أثار جدلًا كبيرًا خلال الأشهر الماضية.

 

كما تشير شهادات عديدة إلى أنّ العبور يتم عبر ترتيبات يشرف عليها أفراد وشركات مرتبطة بمنظومة أمنية مصرية، من بينها مجموعات يُشار إليها إعلاميًا بأنها تابعة لـ"قوات العرجاني"، وهو ما يجعل التكلفة النهائية للسفر باهظة، تصل في بعض الحالات إلى آلاف الدولارات، خصوصًا خلال ذروة الحرب.

 

هذه الفوارق الكبيرة بين تسهيل دخول السائح الإسرائيلي وصعوبة عبور الفلسطينيين تثير انتقادات واسعة لدى منظمات حقوقية، التي ترى في ذلك ازدواجية صارخة في المعايير، خاصة مع الظروف الإنسانية القاسية التي يعيشها سكان غزة.

 

توتر مكتوم في سيناء

 

وعلى الرغم من انتعاش السياحة الإسرائيلية، تؤكد القناة العبرية أن المشهد لا يخلو من التوتر، حيث تُسجل بين الحين والآخر حوادث احتكاك أو خلافات سياسية بين بعض السياح الإسرائيليين وسكان محليين، في انعكاس مباشر لتداعيات حرب غزة وأحداث السابع من أكتوبر على المزاج الشعبي.

 

رحلات محفوفة بالمخاطر.. لكن الإقبال مستمر

 

وفي ختام تقريرها، أشارت i24News إلى أن المؤسسات الأمنية الإسرائيلية ما زالت تعتبر السفر إلى سيناء مخاطرة غير محسوبة، لكن آلاف الإسرائيليين يرون أنها فرصة مناسبة للهروب من أجواء الحرب، وقضاء عطلة قريبة ورخيصة مقارنة بوجهات أخرى.