دخل السياسي والحقوقي، أسامة رشدي على خط الجدل المثار حول المطالبة باعتزال جماعة "الإخوان المسلمين" العمل السياسي، والانتقال بها إلى صيغة جديدة، بما يتوافق مع روح مشروع الإمام الشهيد حسن البنا.

 

وجاء هذا التطور في أعقاب الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرًا، بالنظر في إدارج بعض فروع الجماعة في مصر ولبنان والأردن على قوائم الإرهاب.

اعتزال العمل السياسي

 

وأبدى رشدي في سياق تعليقه على السجال الدائر بين الدكتور مراد علي، مستشار حزب "الحرية والعدالة"، والباحث الدكتور عمار فايد رفضه لفكرة المطالبة باعتزال العمل السياسي، قائلاً: "لا أحد ينبغي أن يطالب أحد باعتزال العمل السياسي".

وقال رشدي إن "كل من راهنوا على أن عزل الإسلاميين سيفتح لهم المجال العام قد اخطأوا، لأن عزل أي فصيل والقبول بمصادرة حقوقه وحرياته ستفضي إلى عزل الجميع وإغلاق المجال العام بالكلية، كما هو الحال في مصر الآن. ‏ولا أعتقد أن الدكتور مراد علي بدعوته قد قصد ذلك".

 

ويدعو المستشار الإعلامي لحزب "الحرية والعدالة" إلى مراجعة داخلية جذرية تفضي إلى إعادة تعريف دور الجماعة، والانتقال بها إلى صيغة جديدة، "جماعة دعوية إصلاحية تُعنى ببناء الإنسان، ونشر الفكرة الإسلامية بشمولها، ومقاومة الفساد الأخلاقي، وتربية الأجيال على الإسلام في فهمه الشامل الصحيح".

 

في المقابل، قال رشدي في رده على فايد إن "ممارسة العمل السياسي بشكله المعروف في العالم كله يخضع لتنظيم وتدقيق لضمان نزاهة الممارسة السياسية، وذلك في التمويل والدعاية والإعلام وكل ما يتعلق بتضارب المصالح في العلاقات أو العمل التجاري وغير ذلك من معايير الاستقلال".

 

طريقة الإدارة داخل الكيانات الإسلامية 

 

واستدرك: "المشكلة لدينا في التيار الإسلامي كله في مصر باستثناءات بسطية كتجربة حزب الوسط مثلاً، أن البعض يرى الأحزاب أو النقابات أو سائر الكيانات السياسية هي عبارة عن لجان من لجان الجماعة الأم، تتمتع بشخصيتها القانونية في العلن، ولكنها في الحقيقة تدار من خلال مكتب الإرشاد او مجلس الشورى أو المدرسة السلفية وخلافه.!!".

وأشار إلى أن هذا هو ما أدى إلى الخلط بين وظائف الجماعات الاسلامية المتعددة والمتشعبة في مختلف المجالات من دعوة وعمل خيري وتعليم ورعاية صحية ومشاريع تجارية ومصالح خاصة، "فنحن جميعا بالتأكيد لنا مصالح خاصة في الحياة، بين كل ذلك وبين العمل السياسي والحزبي وهو الأمر الذي أضر بالطرفين".

وشدد على أنه من الواجب على كل من يحبون الإخوان وهم الجماعة الأكبر وهو ما ينطبق أيضا على الجماعات الاسلامية الأخرى التي انخرطت في العمل السياسي، أن "نعترف بأن هذا الخلط يحتاج لإصلاح، وقد طالبت بذلك من عشر سنوات على الأقل حتى نتجنب ما وصلنا اليه الآن، بل ومن بعد نجاح ثورة يناير من داخل مصر".

 

‏ورأى رشدي أنه كان يتوجب الإبقاء على حزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسي لـ "الإخوان المسلمين"، بدلاً من "دفنه في إطار الخلافات والمشاكل"، وذلك حتى "يكون المظلة السياسية التي يعمل من خلالها كل من انتدبوا أنفسهم للعمل السياسي، وكان يجب المحافظة عليه والحديث باسمه حتى لو زعم العسكر أنهم قاموا بحله".

 

وقال إن "الأحزاب الشرعية لا تفقد شرعيتها بالانقلابات العسكرية، فإذا بنا نعمد لقتل الحزب ونصر على ممارسة العمل السياسي باسم الجماعة، ومن هو المرشد ومن هو القائم بالأعمال وخلافه، وهو من الأخطاء المدمرة من بعد الثورة، ومن بعد الانقلاب".

 

وتابع: "‏كانت لدينا أحزاب ولكن كانت القرارات في مصر تطبخ خارجها. ولا استثني أحدًا".

 

حزب الحرية والعدالة

 

وأنشئ حزب الحرية والعدالة في السادس من يونيو 2011، وكان أول رئيس له هو الدكتور محمد مرسي، وخلفه الدكتور سعد الكتاتني بعد انتخابه رئيسًا لمصر في يونيو 2012.

 

وفاز الحزب بأغلبية مقاعد البرلمان في أول انتخابات أجريت بعد ثورة 25 يناير 2011، لكن انتهى الأمر إلى إصدار قرار من المحكمة الدستورية العليا ببطلان إجراء الانتخابات.

 

وبعد أكثر من عام من انقلاب الجيش على الرئيس المنتخب، صدر قرار من المحكمة الإدارية بحل حزب "الحرية والعدالة".

 

وعلى الرغم من التلميحات بإمكانية فصل الحزب عن الجماعة، وتركيز الأخيرة على المسار الدعوي والتربوي، إلا أن قيادات الجماعة نفت آنذاك، وأكدت استمرارية تبعية الحزب للجماعة، على الرغنم من أنها لم تنكر التخطيط لذلك، "حيث كانت الخطة تقضي بأن يتم الفصل التدريجي حتى تنضج الأوضاع السياسية في البلاد"، لكنها توقفت عن ذلك بعد حدوث الانقلاب.

   

الدعوة للمراجعات 

 

وشدد رشدي على أن "الدعوة للمراجعات منذ زمن وليس الآن، ضرورة لصالح تنظيم العمل السياسي وفقًا للتخصص والاستقلالية وإعادة الاعتبار للمعايير التنظيمية المعمول بها في الأحزاب في العالم، فيما يتعلق بتنظيمها ومسئوليات الأعضاء واستقلال هذه الكيانات السياسية في قرارها وتمويلها وانتخاب قياداتها وفقًا للقوانين المرعية. وفصل ذلك عن المجالات الأخرى التي تضطلع بها الجماعات مع كامل الاحترام للجميع".

وأكد رشدي أن هذا "يجب أن ينطبق على الجميع، وليس فقط الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية"، مشيرًا إلى أن هناك أحزابًا ليبرالية شكلها رجال أعمال أسّسوا أحزابا وقنوات وصحف وأنفقوا ملايين من الأموال السياسية وأداروا ذلك من الخلفية، "‏وكل هذا مخالف للأصول المرعية في العالم".

 

وأوضح رشدي أن "‏العمل السياسي تخصص والمنافسة تحتاج لمعايير عادلة بين الجميع، وهذا لا يتناقض مع حق كل مواطن في أن يعتنق ما يشاء من الأفكار والبرامج التي يؤمن أنها الأفضل لخدمة الناس والبلاد".

وأشار إلى أن هناك فروعًا لجماعة الاخوان في المغرب العربي وغيره كانت لديهم تجارب وتجاوزوا هذا الخلط وقطعوا أشواطًا في ذلك.


وحث رشدي على إطلاق مبادرات شجاعة لإعادة النظر فيما يجب المبادرة به، موضحًا أنه لا علاقة لذك بقرارات ترامب أو غيره من الأنظمة الاستبدادية المحيطة بنا.