في صفعة جديدة لنظام الجنرالات الذي يبيع الأرض بدعوى "الوطنية"، كشفت تسريبات الضابط المعارض أيمن الكاشف عن وثائق سرية صادرة عن مجلس الوزراء وجهات سيادية، تؤكد ما حذر منه الشرفاء لسنوات: تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية لم يكن مجرد "إعادة حق لأصحابه" كما روجت أبواق النظام، بل كان الفصل الأول في مخطط استراتيجي لـ"خنق" مصر اقتصاديًا وعسكريًا، وتقديم مفاتيح البحر الأحمر هدية مجانية لإسرائيل.

الوثائق المسربة بتاريخ 19 أغسطس الماضي، ليست مجرد تقارير، بل هي "اعترافات رسمية" من داخل أروقة السلطة بأن النظام يدرك تمامًا الكارثة التي قاد البلاد إليها، ومع ذلك يستمر في تنفيذها بدم بارد.

 

"الخنجر الإسرائيلي".. نفط الخليج يمر عبر "تل أبيب" وليس السويس

 

الوثائق تكشف عن الكابوس الذي تجاهله السيسي عمدًا وهو يوقع اتفاقية التنازل: خط أنابيب النفط السعودي-الإسرائيلي. هذا المشروع الذي يربط نفط الخليج بميناء إيلات ومنه إلى عسقلان على المتوسط، ليس مجرد مشروع تجاري، بل هو "حكم بالإعدام" على قناة السويس وخط "سوميد" المصري.

 

التقارير السيادية تعترف صراحة بأن هذا المسار الجديد سيضرب تنافسية القناة في مقتل، حيث يوفر بديلاً أرخص وأكثر أمانًا للنفط الخليجي بعيدًا عن السيادة المصرية. وهنا تكمن الخيانة العظمى؛ فالنظام الذي يتسول الدولارات من صندوق النقد، قام بنفسه بقطع شريان الحياة الدولاري الرئيسي لمصر (قناة السويس) عبر تسليم الجزيرتين اللتين كانتا تضمنان السيطرة المصرية على مدخل خليج العقبة، وبالتالي التحكم في أي مشروع منافس.

 

تيران وصنافير.. من "بوابة أمن" إلى "نقطة خنق"

 

تحذير الوثائق (الصفحة 9) من تحول مضيق تيران إلى "ممر دولي" يُستخدم للضغط على مصر، يكشف أن النظام تنازل عن "درع مصر الاستراتيجي" في البحر الأحمر. بمجرد خروج الجزر من السيادة المصرية، تحول المضيق من ممر مصري خالص (تاريخيًا وقانونيًا) إلى ممر دولي، مما يعني أن السفن الإسرائيلية العسكرية والتجارية باتت تتمتع بحرية الحركة الكاملة دون أي قدرة لمصر على الاعتراض أو التفتيش.

 

الأخطر، كما تشير التسريبات، هو احتمال استخدام السعودية (وخلفها إسرائيل) للمضيق كورقة ضغط سياسي وعسكري ضد القاهرة، خاصة في ملفات حساسة مثل "تهجير الفلسطينيين". النظام، بتنازله هذا، وضع الجيش المصري في موقف "المكشوف" استراتيجيًا، حيث يمكن لأي قوى معادية الآن إغلاق المضيق في وجه الملاحة المصرية أو تهديد السواحل الشرقية، بينما يقف الجيش عاجزًا بعد أن فقد نقاط ارتكازه المتقدمة.

 

"محور الطاقة الجديد".. عزل مصر جيوسياسيًا

 

الوثائق تتحدث عن "محور طاقة جديد" يضم دولاً خليجية وإسرائيل، يهدف لتجاوز مصر تمامًا كمركز للطاقة. هذا المخطط يحول مصر من "بوابة الشرق" إلى "دولة هامشية" معزولة، تتوسل الفتات من جيرانها. إن انخراط دول الخليج في مشاريع "إسرائيل إكسبرس" وخطوط الأنابيب البديلة، بمباركة وتسهيل من النظام المصري، هو دليل على أن هذا النظام لا يعمل لمصلحة مصر، بل يعمل كـ"مقاول من الباطن" لتنفيذ أجندة "الشرق الأوسط الجديد" التي تكون فيها إسرائيل هي المركز والمهيمن.

 

 

نظام يحاكم نفسه بتهمة "الخيانة العظمى"

 

هذه التسريبات لا تترك مجالاً للشك: النظام لم يبع الأرض فقط، بل باع المستقبل والأمن. الجنرالات الذين يتبجحون بحماية الأمن القومي هم من فرطوا فيه بوعي كامل وتخطيط مسبق، مقابل حفنة من الرز الخليجي والرضا الإسرائيلي. الوثائق المسربة هي "صك إدانة" تاريخي يثبت أن ما حدث في تيران وصنافير لم يكن "ترسيم حدود"، بل كان عملية "تجريد" لمصر من سلاحها الاستراتيجي، وتسليم رقبتها لعدوها التاريخي. إن من يفرط في تيران وصنافير وهو يعلم (وفق تقاريره السرية) أنها ستؤدي لخنق قناة السويس وتهديد الأمن القومي، لا يمكن وصفه إلا بـ"الخائن" الذي يجب أن يحاكم، ليس فقط سياسيًا، بل جنائيًا بتهمة الإضرار العمدي بالمصالح العليا للبلاد.