أطلق الخبير الاقتصادي البارز الدكتور هاني توفيق تحذيرًا جديدًا بشأن الفقاعة العقارية في مصر، مشيرًا إلى أن "ملايين الوحدات السكنية الخالية تحيط بالطريق الدائري كالأطلال"، في إشارة إلى الإفراط في البناء والمعروض العقاري الهائل غير المستغل، وسط تراجع حاد في الطلب الحقيقي بسبب ضعف القوة الشرائية للمواطنين.

 

الثروة العقارية المهدرة: 15 مليون وحدة خاوية

 

كشف هاني توفيق في تصريحات سابقة أن عدد الشقق الخاوية في مصر يبلغ 15 مليون وحدة سكنية، ما يمثل ثروة عقارية مهدرة تُقدر بنحو 30 تريليون جنيه. وأوضح أن هذا الرقم الهائل يعكس اختلالًا بنيويًا في السوق العقاري المصري، حيث يتم التوسع في البناء دون مراعاة القدرة الفعلية للمواطنين على الشراء.

 

وأضاف الخبير الاقتصادي أن حجم الاستثمار العقاري بلغ 20% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ضعف المتوسط العالمي البالغ 10% فقط، ما يؤكد المبالغة الشديدة في التوسع العقاري.

 

تحذيرات من انفجار الفقاعة العقارية

 

حذّر هاني توفيق منذ عامين من وجود "فقاعة عقارية" في مصر، لكنه واجه هجومًا من "أصحاب المصالح" في القطاع العقاري، إلا أن الواقع أثبت صحة تحذيراته، حيث ينهار القطاع العقاري حاليًا فعليًا.

 

وقال توفيق في تحذيراته: "أسعار الوحدات بالتقسيط حاليًا تتضمن فائدة حوالي 32%"، مشيرًا إلى أن مدة التقسيط وصلت لأكثر من 10 سنوات في كثير من الحالات، ما يعني أسعارًا خرافية تتجاوز القدرة الشرائية للمواطنين.

 

وأكد أن "القطاع يشهد مرحلة من الركود خلال الفترة السابقة لمرحلة الانفجار"، بسبب التسعير المبالغ فيه من قبل المطورين العقاريين، والذي نتج عنه تراجع في حجم الطلب مع تزايد المعروض.

 

علامات الأزمة العقارية

 

رصد هاني توفيق عددًا من العلامات الواضحة على وجود أزمة عقارية حقيقية، منها:

 

كثرة الاتصالات الجنونية وتكرارها يوميًا من قبل شركات التطوير العقاري بالمواطنين في محاولات يائسة لتسويق وبيع المعروض العقاري الراكد.

 

المبالغة في إطالة مدة تقسيط أسعار الوحدات السكنية التي وصلت لأكثر من 10 سنوات.

 

إفلاس بعض شركات المقاولات والتطوير العقاري وتأخير تسليم الوحدات للمشترين.

 

تراجع حاد في الطلب الحقيقي على الوحدات السكنية، باستثناء الطبقة العليا التي تستثمر مدخراتها في منطقة الساحل الشمالي.

 

ارتفاع أسعار العقارات بمعدلات تفوق أي زيادة في دخول المصريين.

 

نصائح للمواطنين في ظل الأزمة

 

وجّه هاني توفيق نصائح للمواطنين لمواجهة الوضع الحالي، من أبرزها:

 

عدم شراء عقار إلا بعد استلام المفتاح في اليد، تجنبًا لمخاطر التأخير أو عدم التسليم.

 

نظام الدفع بالتقسيط أفضل بكثير من الدفع النقدي الكامل، بشرط التأكد من سمعة المطور العقاري.

 

التقشف والابتعاد عن الاستثمار العقاري حاليًا، لأن "الجاي خطير".

 

الاحتفاظ بالسيولة النقدية وعدم المغامرة بالاستثمار في قطاع يعاني من الركود.

 

السياق الاقتصادي والاجتماعي

 

تأتي تحذيرات هاني توفيق في ظل أوضاع اقتصادية صعبة يعاني منها المصريون، حيث أكد أن "ما لا يقل عن 50 مليون فقير في مصر" لا يستطيعون توفير 100 جنيه يوميًا للمعيشة. وأضاف: "50% من المصريين لا يجدون 2 دولار في اليوم".

 

وفي سياق متصل، أشار إلى أن "الأغلبية فعلًا مطحونة ومش ناقص انخفاض في قوتها الشرائية"، بسبب ارتفاع أسعار السلع والخدمات دون زيادة مقابلة في الدخول.

 

الطريق الدائري وتوسعات البنية التحتية

 

في السياق نفسه، شهد الطريق الدائري حول القاهرة عمليات إزالة لعقارات ملاصقة للطريق ضمن خطة توسعة وتطوير، بعد تعويض السكان. كما بدأت السلطات في عزل مسار الأتوبيس الترددي (BRT) على الطريق الدائري بمصدات أسمنتية، لمنع تعدي السيارات الخاصة على مسار الأتوبيس.

 

لكن رغم هذه التطويرات، فإن ملايين الوحدات السكنية الخالية المحيطة بالطريق الدائري تظل شاهدًا على الإفراط في البناء دون مراعاة للطلب الحقيقي، ما يجعلها "كالأطلال" حسب وصف هاني توفيق.

 

طروحات حكومية جديدة رغم الأزمة

 

رغم التحذيرات من الفقاعة العقارية، أعلنت الحكومة المصرية عن طرح 25 ألف وحدة سكنية خلال نوفمبر 2025 عبر "منصة مصر العقارية"، ضمن المرحلة الثانية من خطة طروحات هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة. كما تم تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع "سكن مصر" بالقاهرة الجديدة في نوفمبر 2025.