على الرغم من التقارب الملحوظ بين مصر تركيا، كما ظهر في العديد من المواقف والمناسبات، وآخرها حضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قمة شرم الشيخ للتوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار بغزة، إلا أن النظام الانقلابي في مصر يواصل محاكمة 81 من الموقوفين فيما يعرف إعلاميًا بـ "قضية التخابر مع تركيا".
ويحاكم في القضية المقرر النطق فيها بعد غد الإثنين، 35 حضوريًا و46 غيابيًا، وضمت قائمة المتهمين عددًا من قيادات "الإخوان المسلمين"، منهم؛ النائب الأول للمرشد خيرت الشاطر، والقياديان عبد الرحمن البر، ومحمود عزت. فضلاً عن العديد من النساء.
ووجهت نيابة أمن الدولة العليا طوارئ للموقوفين، اتهامات تشمل "التخابر مع دولة أجنبية للإضرار بمكانة مصر السياسية والاجتماعية والاقتصادية"، و"المشاركة في اتفاق جنائي يهدف إلى قلب نظام الحكم"، و"الانضمام إلى جماعة إرهابية مخالفة للدستور والقانون".
وجاءت القضية رقم 955 لسنة 2017 حصر أمن دولة عليا، في ذرورة الخلافات آنذاك بين تركيا والانقلاب في مصر، على خلفية الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي، وهو ما أرجعها كثير من المحللين إلى الخلافات السياسية في المقام الأول.
تقارب مصري - تركي
إلا أن العلاقات الفاترة بين مصر وتركيا شهدت تحسنًا ملحوظًا خلال الأعوام الثلاث الأخيرة، مع تبادل تركيا ومصر تعيين السفراء في عام 2023، وأعلنت أنقرة أنها ستزود القاهرة بطائرات مسيرة مسلحة.
ووصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى القاهرة في فبراير 2024، في أول زيارة له إلى مصر منذ عام 2012، ورد قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بزيارة إلى تركيا في سبتمبر الماضي.
الأمر الذي اعتبرته صحيفة "ديلي صباح التركية" يمثل فصلاً جديدًا في شراكتهما الدبلوماسية، وأرجعت التقارب بين الجانبين إلى إدراك كل منهما عدم استدامة مواقفهما المتضاربة سابقًا في السياسة الإقليمية، التي كان لها تكاليف باهظة تكبدتها الدولتان.
وكان الرئيس التركي أحد الموقعين على وثيقة وقف إطلاق النار خلال قمة شرم الشيخ في الأسبوع الماضي، بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والعديد من قادة الدول. وينتظر أن تشارك تركيا ومصر في القوات الدولية التي ستتوجه إلى غزة لحفظ الأمن.
مع ذلك، لا زالت إجراءات محاكمة المتهمين في قضية التخابر مع تركيا مستمرة في مصر، ما دفع المجلس الثوري المصري إلى التساؤل عبر حسابه في منصة "إكس": "مصر تصالحت مع تركيا وأصبحوا سمن على عسل، و #السيسي و#اردوغان صاروا حبايب وشركاء في اتفاقية غزة، ووهناك تعاون عسكري ومناورات مشتركة بين الجيشين المصري والتركي، والتجارة بين البلدين مزدهرة، فما معنى استمرار قضية "التخابر مع تركيا" التي يحاكم فيها 81 متهمًا مدنيًا مصري؟!".
وأضاف: "قمة الظلم وانعدام المروءة والأخلاق من نظام #السيسي_الصهيوني أن يستمر في انتقامه من ضحايا خلافاته السابقة مع تركيا بينما التخابر الحقيقي الآن يتم رسمياً وعلى أعلى مستوى!! كمثال المعتقلة المصرية سمية ماهر حزيمة منذ 8 سنوات ما بين حبس احتياطي وانتهاكات جسيمة. ينتقمون منها لأنها فقط ابنة القيادي العمالي وعضو مجلس الشورى السابق ماهر أحمد حزيمة في مدينة دمنهور بمحافظة البحيرة".
مصر تصالحت مع تركيا وأصبحوا سمن على عسل، و #السيسي و #اردوغان صاروا حبايب وشركاء في اتفاقية غزة، و وهناك تعاون عسكري ومناورات مشتركة بين الجيشين المصري والتركي، والتجارة بين البلدين مزدهرة، فما معنى استمرار قضية "التخابر مع تركيا" التي يحاكم فيها 81 متهم مدني مصري؟! قمة الظلم… pic.twitter.com/E2j96XjcWN
— المجلس الثوري المصري (@ERC_egy) October 18, 2025
ضغوط على تركيا
قد يكون المضي في المحاكمة غريبًا بعض الشيء، لكنه يبدو متسقًا مع سياسات نظام السيسي، الذي ما فتأ يضغط على تركيا لطرد الإخوان المتواجدين على أراضيها، وتسليم المتهين في قضايا تنظرها المحاكم المصرية إلى القاهرة.
غير أن تركيا ترفض التجاوب بشكل تام مع تلك الضغوط حتى الآن، لذا يمكن القول إن استمرار نظر قضية التخابر مع تركيا يأتي في إطار تلك الضغوط وقبول تركيا بتسليم مطلوبين إلى سلطات الانقلاب في مصر.