على الرغم من أن البرلمان في الدول الديمقراطية يضطلع بمهمة مراقبة الوزراء والأجهزة التنفيذية في الدولة كجزء أصيل من اختصاصاته، إلا أن البرلمانات التي تشكلت في مرحلة ما بعد الانقلاب على الرئيس محمد مرسي في مصر لم تعرف هذه الممارسة المنوطة بها دستوريًا، وكانت في أفضل الأحوال ديكورًا لتجميل صورة الانقلاب.

 

لكن الجديد في الأمر هو تحويل البرلمان إلى مكافأة نهاية الخدمة للوزراء السابقين محل الرضا السيادي، والأقرب وصلاً وصلة بالأجهزة الأمنية، يغترفون منه المكاسب، ويحتمون فيه بالحصانة، لضمان عدم المساءلة عند ارتكاب أية مخالفات أو شبهات فساد تحوم حولهم.

 

القائمة الوطنية

 

وتضمنت "القائمة الوطنية من أجل مصر" – التي تتشكل من تحالف للأحزاب الموالية للانقلاب - 8 وزراء سابقين ضمن مرشحيها في انتخابات مجلس النواب، وهم:

 

  1. الدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان السابق، ورئيس حزب الجبهة الوطنية.
  2. المستشار علاء فؤاد، وزير الشئون النيابية السابق.
  3. المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية السابق.
  4. اللواء محمود شعراوي، وزير التنمية المحلية الأسبق.
  5. السيد القصير، وزير الزراعة السابق.
  6. الفريق محمد عباس حلمي، وزير الطيران المدني السابق، ورئيس حزب حماة الوطن.
  7. الدكتور أشرف حاتم، وزير الصحة الأسبق.
  8. محمد سعفان، وزير القوى العاملة الأسبق.

 

وجاهة اجتماعية

 

يزعم إعلاميون موالون للنظام، أن الاستعانة بالوزاراء السابقين يهدف إلى الاستفادة من خبراتهم في إدارة الملفات التشريعية والرقابية، لما يمتلكونه من خبرات تنفيذية وإدارية، فضلاً عن التعامل مع أجهزة الدولة ومؤسساتها.

 

قد يدفع البعض بأن مثل هذا الأمر ليس بدعًا في مصر، بل إن الدول الديمقراطية العريقة تسمح للوزراء السابقين بالترشح لانتخابات البرلمان، ولا تحرمهم من ممارسة هذا الحق الأصيل لهم.

 

لكن هؤلاء يتغافلون عن عمد، المقارنة بالأجواء الانتخابية في مصر بغيرها من الدول الديمقراطية، ففي الأولى لا يخفى على ذي عينين كيف تدار الأمور داخل مراكز ولجان الاقتراع من تزوير، وتقديم الرشاوى الانتخابية لترجيح كفة مرشح على حساب آخر، وغيرها من ممارسات تتنافى بالكلية مع النزاهة المفترضة.

 

في حالة مصر، لا يخفى أن الهدف في النهاية هو تشكيل برلمان "تفصيل" على مقاس النظام، حتى لا يعكر صفوه بأسئلة واستجوابات، ولا يقض مضجعه بالحديث عن المخالفات التي تسد عين الشمس، أو إثارة ملفات الفساد التي تزكم الأنوف، ليكون في أفضل أحوال "مكلمة" لملء المضبطة بالطنطنة الفارغة، دون أن يتمخض عن ذلك ممارسة برلمانية حقيقية.

 

أما والحال هكذا، فإن اختيار الوزراء السابقين لن يحرك راكدًا، ولن يغير واقعًا، ولن يكون أكثر من وجاهة اجتماعية لهؤلاء، بعد أن رفلوا في نعيم الحكومة، وذاقوا عسلها المصفى، إذا نطقوا لن يتحدثوا إلا نفاقًا، وإذا رفعوا أيديهم كانت بالموافقة.