ارتبط حزب "مستقبل وطن" المحسوب على الأجهزة الأمنية في مصر بالعديد من وقائع الفساد، كان آخرها القبض على رجل الأعمال محمد عبدالحكيم الناعوتي، أمين عام مساعد الحزب عن منطقة مصر القديمة بالقاهرة، بتهمة الاستيلاء على مبالغ مالية تجاوزت 750 مليون جنيه، بدعوى توظيفها في مجال الاستثمار العقاري مقابل منح أرباح شهرية.
ويرأس الناعوتي مجلس إدارة شركة الناعوتي للتصدير والاستيراد، التي تأسست للعمل في مجال الاستيراد والتصدير، خاصة فيما يتعلق بملف المنتجات الغذائية عام 2013، بـ "رأس مال وطني حر"، كما جاء عبر صفحتها الرسمية على موقع "فيسبوك".
ووفقًا لتقارير، فإن جهات التحقيق تلقت أكثر من 30 بلاغًا رسميًا من متضررين في مناطق مختلفة، حول قيام المتهم بجمع أموال تحت مسمى مشروعات عقارية وشركات استثمار، دون الحصول على التراخيص القانونية المطلوبة لتوظيف الأموال أو إنشاء صناديق استثمار عقارية.
وكشفت التحقيقات الأولية عن عمليات تحويل مالي معقدة بين حسابات تابعة لشركة المتهم وأخرى شخصية، فضلاً عن تعاملات نقدية خارج الإطار المصرفي يُشتبه في أنّ جزءًا منها استُخدم في مشروعات غير مسجلة رسميًا، ما دعا الأجهزة المختصة إلى تتبع حركة الأموال وفحص المستندات البنكية والشيكات المتداولة.
وتضمنت بعض البلاغات اتهامات مباشرة بتوظيف أموال بالمخالفة للقانون رقم 146 لسنة 1988 المنظم لأنشطة تلقي الأموال من الجمهور، والذي يعاقب بالسجن والغرامة كل من جمع أموالاً لتوظيفها دون ترخيص من الهيئة العامة للرقابة المالية، أو امتنع عن ردّها للمودعين.
ومن وقت لآخر تلاحق اتهامات بالفساد والتربح غير المشروع بقيادات وأعضاء حزب مستقبل وطن، صاحب الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ.
ومن ذلك اتهامات لاحقت بعض النواب بشأن الاتجار في المخدرات والآثار، جرى إثارتها في وسائل الإعلام دون اتخاذ رسمي بشأنها، وسط محاولات للتكتم عليها واحتوائها بعيدًا عن جهات التحقيق.
يتزامن ذلك مع الإعلان عن قوائم الترشح لانتخابات مجلس النواب المرتقبة، والتي يهيمن عليها أعضاء حزب "مستقبل وطن".
وفقًا لمصادر متطابقة، فإن الحزب الذي يعد الظهير السياسي لقائد الانقلاب، عبدالفتاح السيسي يمنح الترشح على قائمته الانتخابية لمرشحين مقابل أموال طائلة، تصل بحسب التقديرات إلى 50 مليون جنيه للمرشح الواحد.
وقال علاء الخيام، رئيس حزب "الدستور" الأسبق منشور عبر صفحته على موقع "فيسبوك": "تكلّم كي أراك، واليوم تكلّم أحد أعضاء حزب مستقبل وطن اكتشفنا – أو بالأحرى تأكدنا – أن مقعد البرلمان لم يعد موقع خدمة عامة، أو نائب للتشريع بل استثمار مضمون الأرباح".
وأضاف: خمسون مليون جنيه تُدفع من أجل مقعد لا يتجاوز راتبه الرسمي أربعين ألف جنيه شهريًا"، متسائلا:ً "فمن أين تأتي هذه الملايين؟ ولماذا يُصرف هذا المبلغ الضخم إن لم يكن المقعد نفسه بابًا للنفوذ والمصالح؟".
وتابع: "والأدهى أن هذه الواقعة ليست استثناءً… بل نموذج متكرر في مشهد سياسي صار المال فيه معيار الكفاءة، والولاء فيه أهم من الإرادة الشعبية، وأصبح هذا الحزب جزء لا يتجزأ من إفساد الحياة السياسية في مصر".
يُذكر أن محمد عبد الحكيم الناعوتي يُعد من الأسماء البارزة في النشاط التجاري بمنطقة مصر القديمة، وكان يشغل موقعاً قيادياً في حزب مستقبل وطن الحاكم ضمن أمانة القاهرة، ما أضفى على القضية بعداً سياسياً واجتماعياً لافتاً، خاصة في ظلّ ارتباط الاتهامات بشبهة استغلال النفوذ الحزبي في كسب ثقة المواطنين.
ومن المتوقع أن تكشف جلسات التحقيق المقبلة عن تفاصيل موسعة حول شبكة العلاقات التجارية والمالية لرجل الأعمال المتهم، وحجم الأضرار التي لحقت بالمودعين.