في 26 سبتمبر 2025، حدّثت مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قاعدة بياناتها للشركات المتورطة بأنشطة في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية، ليصل إجمالي الشركات المدرجة إلى 158 اسمًا.
التحديث أضاف عشرات الشركات الدولية المعروفة ونسّق علامات استفهام جديدة حول مسؤولية الشركات العاملة في أسواق مثل مصر التي تعتمد على سمعتها السياحية والتجارية.
ما هي الشركات الست (التي تبيّن تواجدها في السوق المصري)؟
التحليل محلياً أشار إلى أن ستة أسماء بارزة ضمن الشركات الدولية المدرجة في قاعدة بيانات الأمم المتحدة لها حضور تجاري واضح داخل السوق المصري أو شبكات توزيع/خدمات تخدم مصر، وهي: Airbnb، Booking.com،Expedia،TripAdvisor،Motorola Solutions،JCB.
الأدلة العملية على هذا الوجود تتراوح بين صفحات خدمات وحجوزات مخصّصة لمصر، مكاتب أو موزّعين إقليميين، وتقارير صحفية ومهنية توثّق نشاط هذه الشركات.
آليات الدعم التجاري للمستوطنات
تُدرَج الشركات في قاعدة البيانات لأسباب محددة: تقديم خدمات حجوزات وإعلانات عقارية داخل المستوطنات (شركات السفر الإلكترونية)، تزويد معدات وإنشاءات أو أدوات بناء تُستخدم في تطوير البنية التحتية الاستيطانية (شركات المعدات الثقيلة)، أو توريد أنظمة أمنية ومراقبة للمستوطنات (شركات التقنية والاتصالات).
بتجميع الأدلة، تتكرر ثلاث آليات رئيسية:
- حجز وتسويق أماكن إقامة داخل مستوطنات عبر منصات السفر؛
- بيع أو دعم معدات تعمل في أعمال بناء وهدم؛
- توريد تكنولوجيا مراقبة وأمن.
وجود هذه السلاسل يعني إيرادات مباشرة أو غير مباشرة تعزز استمرار وجود المستوطنات.
لماذا يهمّ ذلك مصر؟
- السمعة السياحية والاقتصادية: مصر تعتمد بشدّة على السياحة والخدمات (سوق حجوزات الفنادق والرحلات أحد أعمدتها)، وجود منصّات تحجز لمواقع داخل مستوطنات يضع تواصلاً مباشراً بين السوق السياحي المصري وسلاسل اقتصادية تُدينها جهات دولية، هذا يعرّض سمعة العلامة الوطنية والمنتج السياحي لمخاطر المقاطعة والضغط الدولي.
- المخاطر القانونية والامتثال الدولي: قرار محكمة العدل الدولية وتوصيفات الأمم المتحدة رفعت سقف التدقيق القانوني حول "التعاون الاقتصادي" الذي قد يُعتبر مؤازرة لاحتلال مُعتبر في أحكام دولية، شركات ومؤسسات مالية قد تضطر لإعادة النظر في علاقاتها مع جهات تعتبر متواطئة، ومعها سلاسل توريد تمر أحيانًا عبر موانئ ومقدّمِين مصريين.
- الهوّة بين الحكومة والشعب: بينما تُظهر قواعد بيانات دولية أسماء شركات كبرى، فإن الشارع المصري وأحزاب وكيانات مدنية انتقدت في مناسبات سابقة تعاملات حكومية تُعدّ تطبيعًا أو مواربة مع سياسات إسرائيل، ما يولّد استياءًا داخليًا قد يتحوّل إلى ضغط سياسي واقتصادي.
تحت إدارة قائد الانقلاب العسكري، شهدت السنوات الأخيرة تصاعدًا في اتفاقيات اقتصادية وعسكرية وتجارية مع إسرائيل (اتفاقات غاز، تعاون أمني، وغير ذلك) وهو ما يقوّي علاقاته التجارية وتجعل السوق المحلي موصلاً بخرائط اقتصادية قد تجهض المواقف الوطنية الرسمية أو تضع الحكومة أمام تناقض بين المصلحة الاقتصادية قصيرة المدى والموقف الأخلاقي والقانوني طويل المدى.
عدد الشركات المدرجة (158) وتوسّع القوائم في تحديث 26 سبتمبر 2025 يثبت أن القضية لم تعد قضية محلية بل قضية مرتبطة بمنظومة التجارة العالمية.
تصريحات وتحليلات بارزة
المفوضية السامية لحقوق الإنسان أوفدت بيانًا بشأن قاعدة البيانات ودعت الشركات إلى "واجب العناية" وتقديم تعويضات حال ثبوت أضرار حقوقية.
تقارير إخبارية عالمية (رويترز، الجزيرة) أبرزت أن التحديث يضم أسماء شركات سفر كبيرة مثل Airbnb وBooking وExpedia و TripAdvisor.
هذه الأسماء نفسها شديدة التأثير في السوق المصري (حجم الحجوزات عبرها يصل لآلاف الليالي شهريًا للسياحة في القاهرة والأقصر والأهرامات).
محلّلان اقتصاديان مستقلان اعتبرا أن "التعامل اللامسؤول" مع شبكات التوريد وغياب رقابة حكومية على مسارات الاستيراد والتصدير قد يعرّض القاهرة لضغوط دبلوماسية واقتصادية لاحقًا، خصوصًا إذا توسّعت حملات المقاطعة أو سحب الاستثمارات من سلاسل تعتبر متواطئة.
التقرير الأممي (26/9/2025) كشف أن لعبة المصالح الاقتصادية تتقاطع اليوم مع أخلاقيات حقوق الإنسان والقانون الدولي.