شهدت عدة مناطق في مصر، اليوم الأحد ، انقطاعًا مفاجئًا للتيار الكهربائي استمر ما بين ساعة وساعتين، وفق ما أفاد به مواطنون عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المنصات الإعلامية.
ورغم أن وزارة الكهرباء لم تصدر حتى الآن بيانًا رسميًا يوضح أسباب هذه الانقطاعات، إلا أن مؤشرات عديدة ترجّح أن الأمر يتعلق ببرنامج تخفيف أحمال جديد يجري تطبيقه بشكل غير معلن، في ظل استمرار الضغوط الكبيرة على الشبكة القومية للكهرباء وارتفاع الاستهلاك مع دخول فصل الخريف الذي يشهد تغيرات مناخية متقلبة.
انقطاعات متفرقة ومتزامنة
بحسب الشهادات المتداولة، فقد شملت الانقطاعات مناطق في القاهرة الكبرى مثل المعادي والهرم ومدينة نصر، إلى جانب مدن في المحافظات مثل الإسكندرية وطنطا والمنصورة.
وجاءت الانقطاعات في توقيتات متقاربة تراوحت بين منتصف النهار وساعات المساء الأولى، الأمر الذي عزز الاعتقاد بأنها ليست أعطالًا عشوائية، بل جزء من خطة مبرمجة تستهدف تقليل الضغط على الشبكة عبر قطع الخدمة لساعات محدودة في أحياء متفرقة.
غضب وسخط
وسط موجة الانقطاعات المفاجئة، عبّر المواطنون عن غضبهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، معتبرين أن ما يحدث إهانة جديدة تضاف إلى أزماتهم اليومية مع الغلاء وتراجع الخدمات. تباينت التعليقات بين السخرية والاحتجاج الصريح، فكتب بعضهم أن الحكومة "تتعامل مع الشعب بالكرباج"، بينما رأت أصوات أخرى أن انقطاع الكهرباء يكشف فشل الدولة في إدارة أبسط حقوق المواطن الأساسية.
وتحوّلت المنصات إلى مساحة لتفريغ السخط الشعبي، حيث تساءل كثيرون عن جدوى المشروعات العملاقة والإنفاق الضخم إذا كان المواطن ما زال عاجزًا عن ضمان ساعة إنارة مستقرة في منزله.
ومن جهته كتب جاريدو " غلاسه بقا وهو كده وحد ليه شوق فى حاجه".
غلاسه بقا وهو كده وحد ليه شوق فى حاجه.😂😂😂😂 https://t.co/2zAREv87Ql
— THE G RADIO LLC (@THEGRADIO) September 18, 2025
وقالت أسماء " علشان احنا شوية مساطيل بيضربوا فينا بالكرباج واحنا مستسلمين".
علشان احنا شوية مساطيل بيضربوا فينا بالكرباج واحنا مستسلمين
— أسماء __💮🌹🌹🌸#أسوم 🌹💕 (@mhmd_asma89670) September 19, 2025
وسخرت نسرين نعيم " يعنى القمر ده يعملكم كباري تشحتوا تحتها وتحميكم من الشمس لا فى انبوبه غليت ولا بنزين ولا اكل ولا شرب ولا مياه ولا كهرباء والدنيا ماشالله على ايده زى الزفت وكمان بيبع أعضاء ومكافيكم ايس والحشيش ومش عجبكم شعب مفتري بجد اشحتوا وانتم ساكتين وبلاش افترى".
يعنى القمر ده يعملكم كباري تشحتوا تحتها وتحميكم من الشمس لا فى انبوبه غليت ولا بنزين ولا اكل ولا شرب ولا مياه ولا كهرباء والدنيا ماشالله على ايده زى الزفت وكمان بيبع أعضاء ومكافيكم ايس والحشيش ومش عجبكم شعب مفتري بجد اشحتوا وانتم ساكتين وبلاش افترى pic.twitter.com/PK3Gt8IlXN
— نسرين نعيم (@nesrinnaem144) August 16, 2025
غياب الشفافية الرسمية
المفارقة أن وزارة الكهرباء لم تصدر أي إعلان مسبق بشأن عودة العمل بجدول تخفيف الأحمال، وهو ما أثار حالة من الغضب لدى المواطنين الذين فوجئوا بانقطاع الكهرباء عن منازلهم وأماكن عملهم دون سابق إنذار.
ويؤكد خبراء أن غياب الشفافية يزيد من حالة الاحتقان الشعبي، إذ أن الناس قد يتفهمون ضرورة الترشيد في حال وجود أزمة حقيقية، لكن ما لا يقبلونه هو غياب المعلومة الدقيقة ومحاولة التغطية على الأزمات من خلال الصمت الرسمي أو التصريحات الملتبسة.
خلفيات الأزمة
تعود أزمة الكهرباء في مصر إلى عدة عوامل متراكمة، أبرزها النقص في إمدادات الغاز الطبيعي والمازوت اللازمين لتشغيل محطات الكهرباء، إلى جانب الضغوط المتزايدة على الشبكة نتيجة النمو السكاني والتوسع العمراني غير المتوازن مع القدرة الإنتاجية.
كما أن موجات الحر غير المسبوقة التي ضربت البلاد خلال الصيف ساهمت في زيادة الاستهلاك لمستويات قياسية، ما أدى إلى تطبيق نظام تخفيف الأحمال بشكل معلن منذ يوليو الماضي، قبل أن تعلن الحكومة في سبتمبر أن الأزمة "انتهت" مع تحسن الأحوال الجوية. لكن عودة الانقطاعات اليوم تعيد الشكوك حول قدرة الدولة على معالجة الأزمة من جذورها.
تأثيرات مباشرة على المواطنين
لم تقتصر تبعات الانقطاع على تعطيل الأجهزة المنزلية أو التسبب في مشقة وقتية للسكان، بل امتدت لتشمل تعطيل الأعمال التجارية والمحال الصغيرة والمكاتب التي تعتمد بشكل أساسي على الكهرباء.
كما تضررت بشكل خاص الأسر التي لديها مرضى يحتاجون إلى تشغيل أجهزة طبية في المنازل، حيث عبّر بعضهم عبر مواقع التواصل عن خوفهم من أن تؤدي الانقطاعات غير المتوقعة إلى تهديد حياة ذويهم.
وفي بعض المناطق، أدى الانقطاع المفاجئ إلى توقف المصاعد، ما أثار حالة من الفزع بين السكان خاصة في العمارات المرتفعة.
شكوك حول عودة "التخفيف المبرمج"
يرى محللون أن ما يحدث اليوم قد يكون إشارة إلى عودة العمل بنظام "التخفيف المبرمج" وإن كان دون إعلان رسمي هذه المرة، في محاولة من الحكومة لتفادي الانتقادات التي واجهتها خلال الصيف.
فالانقطاعات المنتظمة لساعات محددة، وفي مناطق متفرقة، تكاد تكون نسخة مكررة من السيناريو السابق، لكن مع غياب الجداول المعلنة التي كانت الوزارة تنشرها حينها.
وإذا صح هذا الاحتمال، فإنه يعني أن أزمة الطاقة لم تُحل بعد، وأن المواطنين قد يواجهون فصلًا جديدًا من الانقطاعات المتقطعة خلال الأشهر المقبلة.
انعكاسات سياسية واقتصادية
تأتي هذه التطورات في وقت يعاني فيه الاقتصاد المصري من أزمات متشابكة، تشمل ارتفاع أسعار الطاقة والوقود، إلى جانب تراجع قيمة الجنيه ونقص العملة الصعبة.
ويؤكد خبراء أن استمرار أزمة الكهرباء قد يوجّه ضربة إضافية لثقة المستثمرين، خاصة في القطاعات الصناعية كثيفة الاستهلاك للطاقة، كما أنه يفاقم من شعور المواطنين بالعجز الحكومي في إدارة ملف حيوي يؤثر بشكل مباشر على حياتهم اليومية.
وأخيرا فانقطاعات الكهرباء التي شهدتها عدة مناطق مصرية اليوم ليست مجرد أعطال طارئة كما تحاول السلطات الإيحاء، بل مؤشّر على أن أزمة الطاقة لا تزال قائمة رغم الوعود المتكررة بحلها.
ومع غياب الشفافية والبيانات الرسمية، يظل المواطنون هم الحلقة الأضعف، يواجهون الظلام والحرارة وتعطّل أعمالهم دون تفسير مقنع.
ومع تكرار هذه الأزمات، يتأكد أن معالجة ملف الكهرباء في مصر تحتاج إلى رؤية جذرية تتجاوز الحلول المؤقتة، وتضع المواطن في قلب أولويات السياسات العامة بدلًا من تركه ضحية لغياب التخطيط وسوء الإدارة.