يواصل أكثر من 4 آلاف عامل بشركة مصر للألومنيوم في نجع حمادي إضرابهم واعتصامهم لليوم الثالث على التوالي احتجاجًا على خفض نسبة أرباحهم رغم تحقيق الشركة أرباحًا قياسية.
بدأ الإضراب في 18 سبتمبر 2025، حيث يطالب العمال بنسبة 12% من صافي الأرباح، إضافة إلى زيادة الحوافز وبدلات المخاطر التي لم تشهد تعديلًا يواكب ارتفاع التضخم وارتفاع الأسعار.
ويأتي هذا الإضراب في ظل إهمال الإدارة لتلبية مطالب العمال رغم إعلان الشركة تحقيقها أرباحًا مالية ضخمة بالفترة الأخيرة، وهو ما فاقم من الغضب وسط العاملين.
ما الذي حدث بالضبط؟
وفق تقارير مراقبة ونشطاء، سجلت الشركة صافي أرباح بلغ نحو 9.35 مليار جنيه خلال العام محل الخلاف، وتنص لوائح الشركة على أن نصيب العمال من صافي الأرباح يجب أن يصل إلى 12%، أي حصة معتبرة تُترجم إلى ملايين الجنيهات بحسب الحسابات المدرجة.
الإدارة قررت بدلاً من ذلك صرف ما يعادل 66 شهرًا من الأجور بدلًا من المبلغ الكامل (المذكور في اللوائح بـ136 شهرًا كمكافأة/نسبة مرجعية)، فيما اعتبر العمال هذا تخفيضًا فعليًا لنصيبهم، هذه الفجوة بين الأرقام والقرارات الإدارية كانت الشرارة الأساسية للإضراب.
تظهر السجلات الصحفية أن بداية الاعتصام والإضراب الجزئي كانت فعليًا في 21–22 أكتوبر 2024، حين تجمع آلاف العمال في ساحات المصنع وموانئ الشركة في القاهرة والإسكندرية وسفاجا، مُعلنين رفضهم للقرار الإداري القاضي بتقليص نصيبهم من الأرباح.
المطالبة الأساسية كانت إعادة تطبيق نسبة 12% من صافي الأرباح بالكامل، وزيادات في الحوافز وبدلات مخاطر العمل، وشفافية في حسابات الشركة.
الوضع في شركة مصر للألومنيوم.. خسائر العمال مقابل أرباح الشركة
شركة مصر للألومنيوم، بصفتها إحدى الشركات الرائدة في قطاع الصناعة، حققت أرباحًا قياسية بلغت خلال عام 2024 نحو 2.5 مليار جنيه، بزيادة نسبة 30% عن العام السابق.
رغم ذلك قررت الإدارة خفض نصيب العمال من الأرباح من 15% إلى 8%، مما أثار غضب العمال ودفعهم إلى الإضراب اعتراضًا على هذه الخطوة التي تعتبر تراجعًا غير مبررًا في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها الطبقة العاملة.
هذا القرار جاء في وقت يعاني فيه العمال من ارتفاع معدلات التضخم الذي تخطى 25% عام 2025، مما يجعل الحوار والإصلاح حقيقة ملحة لتعزيز حقوق العمال وحمايتهم.
تصاعد الاحتجاجات العمالية في عهد السيسي
شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعًا مكثفًا في عدد الاحتجاجات والإضرابات العمالية في مصر، خاصة منذ تولي عبد الفتاح السيسي الحكم عام 2014.
وفقًا لتقارير دار الخدمات النقابية والعمالية، سجل عام 2024 وحده أكثر من 121,000 انتهاك لحقوق العمال، من بينها فصلاً تعسفيًا وخصومات غير شرعية وتأخيرًا في صرف الأجور.
تضاعف الضغط على العمال بسبب تعويم العملة المصرية المتكرر وارتفاع سعر الدولار، الذي وصل إلى نحو 50 جنيهًا في 2024، ما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للحاصلين على أجور ثابتة.
كما تراجع نصيب الأجور من موازنة القطاع الحكومي بنسبة كبيرة، من 24% عام 2010 إلى 14.8% عام 2025، ما يعكس تدهور ظروف العمال المعيشية بشكل عام.
الأسباب الرئيسية لاحتجاجات العمال في مصر
من الأسباب الجوهرية التي أدت إلى تصاعد موجة احتجاجات العمال في مصر في السنوات الأخيرة تردي ظروف المعيشة، تراجع الأجور الحقيقية بسبب التضخم، وعدم الالتزام بقرارات الحكومة برفع الحد الأدنى للأجور، إلى جانب غياب الحوار الحقيقي بين أصحاب العمل والعمال.
كما فاقمت السياسات الاقتصادية التي ينتهجها النظام من معاناة الطبقة العاملة، مثل تقليص الدعم وفرض ضرائب جديدة ورفع أسعار السلع الأساسية.
بالإضافة إلى ذلك، اتبع النظام سياسة أمنية قمعية ترافقت مع موجات فصـل تعسفي للعمال المعتصمين، مما جعل البيئة النقابية غير حرة وأضعفت قدرة العمال على تنظيم احتجاجاتهم بشكل ناقد وفعّال.
علق الدكتور علي يعقوب، الخبير الاقتصادي المصري، على الأزمة العمالية بقوله: "إن انخفاض نسبة الأجور من الناتج المحلي ونظام الحوافز المقيد يشكلان كارثة اجتماعية تهدد الاستقرار في مصر إذا استمرت على هذا المنوال".
وأشار يعقوب إلى أن غياب الحوار الاجتماعي الحقيقي بين الحكومة والعمال يفاقم من أزمات الاحتجاجات.
كما قال محمد عطية، الناشط النقابي، إن الحكم يفرض قوانين عمل تصدر بصورة تحكمية تهمش العمال، مثل قانون العمل الجديد الذي أقر مؤخراً وقلص من تمثيل النقابات المستقلة، مفضلاً الاتحاد الرسمي.
في المقابل، لم تهتم تصريحات نظام السيسي بشكل جدي بالمطالب العمالية، حيث اقتصرت على دعوات لتعويض التكاليف بتحسين الإنتاجية فقط، دون معالجة جذور الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي دفعت العمال إلى التمرد.