أثار مقطع فيديو نشر على مواقع التوصل الاجتماعي، جدلًا واسعًا بعد أن ظهر فيه أحد المحللين الصهاينة، متحدثًا عن حالة "الغضب الشديد" التي يعيشها عبد الفتاح السيسي، ليس بسبب معاناة الفلسطينيين في غزة أو تصاعد العدوان الإسرائيلي، بل – بحسب المحلل – لأن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لم ينجح بعد في القضاء على حركة حماس.
التصريحات تضمنت أيضًا ثلاث نقاط حساسة: أن هذا التصعيد اللفظي من السيسي متفق عليه مسبقًا مع إسرائيل، وأن مصر مرتبطة أمنيًا بالكيان الصهيوني، وبالتالي فهي لا تشكّل خطرًا حقيقيًا عليه.
الفيديو فتح الباب لأسئلة أكبر حول حقيقة الدور المصري في العدوان المستمر على غزة، ومقدار التواطؤ مع الاحتلال الإسرائيلي.
https://x.com/i/status/1968431305269354593
النقطة الأولى: غضب السيسي بسبب "فشل نتنياهو"
المحلل الصهيوني في الفيديو أكد أن السيسي "غاضب جدًا"، لكن ليس من المجازر اليومية في غزة، بل من أن نتنياهو لم يحقق الهدف الإسرائيلي المركزي وهو القضاء على حماس.
هذه الرواية تكشف انحياز الموقف المصري الرسمي، حيث يتعامل النظام مع المقاومة الفلسطينية كعقبة أمام مشاريع الإقليمية والدولية، لا كخط دفاع مشروع عن الأرض والشعب الفلسطيني.
واعتبر مراقبون أن هذا الغضب المزعوم يعكس أولويات النظام المصري، التي تتعارض مع المزاج الشعبي في الشارع المصري والعربي الداعم للمقاومة.
النقطة الثانية: التصعيد اللفظي باتفاق مع إسرائيل
أكثر ما أثار الجدل هو ما ذكره المحلل الصهيوني من أن التصعيد الكلامي الصادر عن السيسي تجاه إسرائيل ليس حقيقيًا، بل يتم بتنسيق واتفاق مسبق مع تل أبيب.
هذه النقطة تسلط الضوء على الازدواجية في الخطاب المصري:
فبينما يخرج السيسي بتصريحات إعلامية يتحدث فيها عن "خطوط حمراء" و"رفض التصعيد"، تؤكد المصادر أن هذه المواقف محسوبة بعناية لتجميل صورة النظام أمام الشارع العربي، دون أن تؤثر فعليًا على طبيعة التعاون مع الاحتلال.
النقطة الثالثة: مصر مرتبطة أمنيًا بإسرائيل
بحسب الفيديو، فإن مصر مرتبطة أمنيًا بالكيان الصهيوني، وبالتالي فهي ليست ولن تكون مصدر تهديد له.
هذه المعلومة ليست جديدة تمامًا، إذ كشفت تقارير عديدة خلال السنوات الأخيرة عن التنسيق الأمني العميق بين القاهرة وتل أبيب، خاصة في ملفات سيناء والحدود مع غزة.
غير أن تصريحات المحلل الصهيوني جاءت لتؤكد أن هذا الارتباط الأمني لم يعد سرًا، بل أصبح جزءًا معلنًا من الواقع السياسي في المنطقة.
ردود الفعل: اتهامات للنظام بالتواطؤ
الفيديو الذي نشر أحدث عاصفة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر ناشطون أن ما قيل يثبت حقيقة التواطؤ المصري مع الاحتلال.
كثير من التعليقات شددت على أن الغضب الشعبي في مصر من سياسات السيسي تجاه غزة بلغ ذروته، خاصة بعد استمرار إغلاق معبر رفح لفترات طويلة، وفرض قيود على دخول المساعدات الإنسانية.
واعتبر آخرون أن الفيديو ليس إلا تأكيدًا لما يعرفه الجميع: أن النظام المصري أقرب إلى تل أبيب منه إلى غزة.
بين الموقف الرسمي والمزاج الشعبي
المفارقة الكبرى تكمن في التباين بين الموقف الرسمي المصري الذي يبدو أقرب إلى إسرائيل، وبين المزاج الشعبي الذي يظهر في كل مظاهرة أو تفاعل إلكتروني، حيث يعبر المصريون بوضوح عن تضامنهم مع غزة ومقاومتها.
هذا التناقض يعكس أزمة شرعية متفاقمة، إذ يفقد النظام المصري القدرة على إقناع شعبه بأنه يقف في صف القضية الفلسطينية.
السيسي يستخدم الملف الفلسطيني كورقة ضغط
يرى المحلل السياسي نظام المهداوي أن النظام المصري يتعامل مع الملف الفلسطيني من زاوية مصالحه الإقليمية والدولية فقط، وليس كقضية مبدئية.
فالسيسي، بحسب هؤلاء، يستخدم ورقة غزة والوساطة بين إسرائيل وحماس لكسب رضا القوى الغربية والحصول على الدعم المالي والسياسي.
ويرى المهداوي أن تصريحات المحلل الصهيوني، تسلط الضوء على مدى انخراط النظام المصري في حسابات إسرائيل الداخلية، حيث يُقاس الغضب والرضا ليس بما يحدث في غزة، بل بما يحققه نتنياهو من أهداف عسكرية.
https://x.com/3CoD4TR4znf7wHw/status/1968431305269354593
سقوط الأقنعة
الفيديو الذي نشر لم يكن مجرد تصريح عابر من محلل صهيوني، بل وثيقة تكشف الكثير عن حقيقة الدور المصري في الحرب على غزة.
فإذا كان السيسي غاضبًا من فشل نتنياهو في القضاء على حماس، فهذا يعني أن الموقف المصري الرسمي لا يختلف كثيرًا عن الموقف الإسرائيلي.
وإذا كان التصعيد اللفظي يتم بتنسيق مسبق مع تل أبيب، فإن الخطابات الإعلامية تصبح مجرد مسرحيات للاستهلاك المحلي.
وبينما يستمر التواطؤ الرسمي، يبقى الأمل معقودًا على الموقف الشعبي المصري والعربي الذي يصر على دعم المقاومة الفلسطينية وفضح كل أشكال التعاون مع الاحتلال.