رغم مرور أكثر من أربعة عقود على استصلاحها وامتلاك سكانها للأرض بعقود شراء منذ عام 1979، لا تزال منشية مبارك التابعة لمحافظة الإسماعيلية تعيش أوضاعاً أشبه بالمناطق المنسية.
أكثر من خمسة آلاف نسمة يواجهون معاناة يومية بسبب غياب الخدمات الأساسية، في ظل تجاهل رسمي يبرر المأساة بأنها "خارج الحيز العمراني".
 

مياه وكهرباء ناقصة وحياة غير آدمية
الأزمة تبدأ من المرافق التي تمثل الحد الأدنى للحياة الكريمة. بداية العزبة تعيش في ظلام دامس بلا كهرباء، بينما نهايتها تعاني من انقطاع مياه الشرب بشكل شبه دائم.
المفارقة أن الدولة قامت بتركيب عدادات كهرباء ومياه وخطوط تليفون وإنترنت، ما ينفي مبرر "الخروج عن الحيز العمراني".
ومع ذلك، يظل الأهالي بلا خدمات مستقرة.

إلى جانب ذلك، يفتقر الطريق المؤدي إلى العزبة إلى التمهيد، مما يحول التنقل إلى معاناة يومية ويعزل السكان عن الخدمات الأخرى كالمستشفيات والمدارس. "نعيش حياة غير آدمية"، هكذا يلخص أحد الأهالي الوضع.
https://www.facebook.com/watch/?v=1067132588329487
 

أزمة البناء.. شباب بلا بيوت
المعاناة لا تتوقف عند الخدمات، بل تمتد إلى أزمة البناء. شباب القرية الذين يرغبون في الزواج والاستقرار يجدون أنفسهم أمام قيود معقدة. المجلس المحلي يرفض منح تراخيص بناء، بحجة أن الأرض زراعية وخارج الحيز، بينما تشدد وزارة الزراعة على المنع وتحرير المحاضر.
أما القوات المسلحة فتسمح ببناء دور واحد فقط، وهو ما لا يكفي لأسر ممتدة.

السكان يؤكدون أن الأرض مملوكة لهم بشكل رسمي منذ 1979، وأنها ليست تابعة للجيش أو الأوقاف أو الاستصلاح الزراعي. "أرضنا اشتريناها بعرقنا، كانت جبالاً فاستصلحناها، واليوم لا نُعامل كأصحاب حق"، يقول أحد كبار السن.
 

مطالب الأهالي
تتلخص مطالب سكان منشية مبارك في إدخال العزبة ضمن الحيز العمراني، وتوفير مياه وكهرباء بشكل منتظم، وتمهيد الطريق الرئيسي، إلى جانب السماح بالبناء وفق القوانين المنظمة لحل أزمة الشباب.

أزمة الكارفانات تكشف صورة أوسع لنقص الخدمات في الاسماعيلية

معاناة منشية مبارك ليست استثناءً، بل تعكس مشهداً أوسع في محافظة الإسماعيلية، حيث يشعر المواطنون بالحرمان من أبسط حقوقهم، بينما تُمنح الفرص لمستثمرين كبار.

خلال الأشهر الأخيرة، اشتكى مئات الشباب من أصحاب الكارفانات التجارية المرخصة من مطاردة المحليات لهم، رغم التزامهم بالقوانين ودفعهم الرسوم.
في المقابل، تم إسناد بعض هذه المشروعات لمستثمرين لإدارتها والاستفادة منها، وهو ما خلق حالة من الغضب بين الشباب الباحث عن فرصة عمل.

أصحاب الكارفانات يؤكدون أن مصدر رزقهم مهدد، وأنهم ضحايا قرارات مزدوجة لا تفرق بين المرخص وغير المرخص، بينما تُفتح الأبواب أمام أصحاب النفوذ.
 

القاسم المشترك.. غياب العدالة
من قرية منشية مبارك إلى كارفانات الإسماعيلية، يظل القاسم المشترك هو شعور المواطن بالتجاهل.
في القرى، تنقطع الخدمات بحجة الحيز العمراني، وفي المدن تُحارب مبادرات الشباب الاقتصادية لصالح مستثمرين كبار.

الوضع الراهن يطرح أسئلة مشروعة: كيف يمكن لشباب أن يبدأ حياة أسرية وهو ممنوع من البناء؟ وكيف يمكن لشباب آخر أن يعيش بكرامة وهو يُحرم من مصدر رزق مشروع رغم الترخيص؟

والخلاصة أن أهالي منشية مبارك يطالبون بإنصافهم وإدخال قريتهم ضمن الحيز العمراني، وأصحاب الكارفانات ينادون بوقف الملاحقات غير المبررة.
وفي الحالتين، تبقى العدالة الغائبة هي العنوان الأبرز. فهل تتحرك الجهات المعنية لإنهاء هذه المعاناة، أم تبقى الأصوات تصرخ في فراغ؟