منذ ما يقرب من تسع سنوات، أطلقت نقابة صيادلة الغربية مشروعًا سكنيًا طموحًا يستهدف توفير وحدات سكنية لأعضائها بأسعار مناسبة.

المشروع الذي بدأ الإعلان عنه في عام 2016 حمل آمال المئات من الصيادلة الشباب والراغبين في الحصول على شقق تليق بهم وبأسرهم.
غير أن تلك الآمال سرعان ما تحولت إلى حالة من القلق والاستياء، بعدما ظل المشروع حبيس الأوراق والوعود دون أي إنجاز ملموس على أرض الواقع.

هذا الوضع دفع العديد من الحاجزين إلى التقدم بشكاوى متكررة، متهمين النقابة بالتقصير، بل وصل الأمر بالبعض إلى الحديث عن "نصب" واستغلال للثقة، وهو ما أثار جدلًا واسعًا في الأوساط النقابية والمجتمعية.
 

خلفية المشروع ووعود البداية
في عام 2016 أعلنت نقابة صيادلة الغربية عن إطلاق مشروع مساكن خاص بأعضائها، وحددت موقعًا يفترض أن يقام عليه المشروع.
وجاءت التصريحات حينها مؤكدة أن الهدف هو توفير سكن لائق وبأسعار تقل عن أسعار السوق، في خطوة بدت إيجابية لتعزيز الخدمات المقدمة لأعضاء النقابة.

تم فتح باب الحجز وتحصيل مقدمات مالية من عدد كبير من الصيادلة، وسط أجواء من التفاؤل بأن النقابة تتحرك لمساعدة أعضائها في مواجهة أزمة الإسكان.
بعض الحاجزين دفعوا مبالغ كبيرة أملاً في الحصول على شقق جاهزة في فترة وجيزة، خاصة وأن النقابة وعدت بجدول زمني محدد لإنجاز المراحل الأولى.
 

الواقع: غياب التنفيذ وتراكم الشكاوى
رغم مرور سنوات طويلة على الإعلان، لم يتم تنفيذ أي خطوات ملموسة على الأرض. لا أساسات ولا مبانٍ ولا حتى تجهيزات للبنية التحتية. ظل الموقع المخصص للمشروع كما هو، بينما تتراكم الوعود دون نتيجة.

الحاجزون بدأوا يشعرون بخيبة أمل كبيرة، ووجهوا انتقادات لاذعة للنقابة متهمينها بعدم الشفافية في إدارة المشروع.

بعضهم وصف ما جرى بأنه "نصب منظم" بسبب جمع الأموال دون أي إنجاز يذكر.
وقدّم عدد منهم شكاوى رسمية إلى الجهات الرقابية والنيابة الإدارية، مطالبين بفتح تحقيق موسع لمعرفة مصير أموالهم.
 

اتهامات الحاجزين: نصب أم سوء إدارة؟
من أبرز ما يثير الجدل أن الحاجزين يرون أن النقابة لم تلتزم بواجبها تجاه أعضائها:

  • غياب الوضوح: لم تُصدر النقابة تقارير مالية دقيقة حول الأموال المحصلة وكيفية التصرف فيها.
  • تأجيل متكرر: على مدى السنوات، جرى تقديم مبررات مختلفة مثل تعثر الإجراءات أو مشكلات مع الجهات الحكومية، دون خطوات عملية حقيقية.
  • انعدام الثقة: مع مرور الوقت، أصبح الصيادلة يعتبرون أن أموالهم مهددة بالضياع، وأن النقابة لم تحمِ حقوقهم.

ورغم أن بعض الأصوات داخل النقابة تُرجع الأزمة إلى عراقيل إدارية وتعقيدات في التراخيص أو ارتفاع أسعار مواد البناء، إلا أن ذلك لم يعد مقنعًا لكثير من الحاجزين، الذين يرون أن الأمر خرج من إطار "التعطيل" إلى شبهة "النصب".
 

التداعيات والدعوات إلى التحقيق
الأزمة ألقت بظلالها على علاقة الصيادلة بنقابتهم. فقد تراجع مستوى الثقة بين الطرفين، وأصبح المشروع نموذجًا للفشل الإداري في نظر كثير من الأعضاء.
ومع غياب أي رؤية واضحة لإنهاء الأزمة، تزايدت الأصوات المطالبة بتدخل الجهات الرقابية للدفاع عن حقوق المتضررين.

بعض الحاجزين دعوا إلى استرداد أموالهم بالكامل مع التعويض عن التأخير.

آخرون طالبوا بتشكيل لجنة مستقلة من الدولة لفحص ملفات المشروع ومحاسبة المسؤولين عن التعطيل.

هناك من يرى أن الحل يكمن في تصعيد قانوني واسع لضمان عدم تكرار مثل هذه الأزمات داخل النقابات المهنية

وفي النهاية فإن قضية مشروع مساكن نقابة صيادلة الغربية تكشف عن إشكالية كبيرة في إدارة المشروعات السكنية داخل النقابات المهنية في مصر.
فبينما انطلق المشروع عام 2016 كخطوة طموحة لتوفير سكن لأعضاء النقابة، تحوّل بعد تسع سنوات إلى مصدر قلق وشكوى وشبهة استغلال.
وحتى الآن لم تُقدّم النقابة حلولًا عملية تُرضي الحاجزين أو تعوّضهم عن سنوات الانتظار.

الأزمة الحالية تطرح أسئلة ملحّة: أين ذهبت أموال الأعضاء؟ لماذا لم يُنجز المشروع رغم كل الوعود؟ وكيف يمكن حماية أموال المواطنين داخل الكيانات النقابية؟

الإجابة على هذه الأسئلة لن تحدد فقط مصير مشروع سكني متعثر، بل ستؤثر أيضًا على مستقبل العلاقة بين النقابات المهنية وأعضائها، وعلى مدى قدرتها على لعب دور حقيقي في تحسين أوضاعهم بدلًا من إثقالهم بخيبات جديدة.