تعيش مدينة أبوحماد بمحافظة الشرقية حالة من الشلل التام منذ يومين عقب انفجار خط مياه رئيسي أدى إلى اختلاط مياه الشرب بالصرف الصحي وانقطاع الخدمة عن آلاف المواطنين.
الأزمة لم تتوقف عند حد العطش أو توقف الحياة اليومية، بل امتدت إلى خسائر للتجار وتلوث بيئي يهدد صحة الأهالي.
المفارقة الصادمة أن الخط المنكوب تم تغييره قبل أشهر قليلة فقط، في إطار مشروع رصف وتجديد البنية التحتية، ما يكشف بوضوح حجم الفساد والإهمال الذي يهدر المال العام دون نتائج حقيقية.
 

انفجار كارثي يربك الحياة في المدينة
الانفجار وقع بشكل مفاجئ وأدى إلى اندفاع كميات ضخمة من المياه واختلاطها بمياه الصرف الصحي، لتغمر الشوارع وتحوّل أجزاء من المدينة إلى برك آسنة.

 

ومع توقف ضخ المياه عن المنازل، تعطلت الحياة اليومية للمواطنين الذين اضطروا إلى شراء المياه المعبأة أو الاعتماد على سيارات تبيع المياه بأسعار مضاعفة.
المواطنون وصفوا الوضع بأنه "نكبة حقيقية"، حيث لم يشهدوا انقطاعًا بهذا الطول منذ سنوات، فيما عجزت شركة المياه والصرف عن توفير حلول عاجلة.
 

 

شكاوى المواطنين والتجار.. عطش وخسائر
الأزمة انعكست بشكل مباشر على حياة المواطنين، خصوصًا مع ارتفاع درجات الحرارة، حيث اشتكى الأهالي من عدم قدرتهم على توفير احتياجاتهم الأساسية من مياه الشرب والطهي والغسيل.
بعض الأسر اضطرت لنقل المياه من قرى مجاورة باستخدام الجراكن، في مشهد يعكس الإهانة اليومية للمواطن.

من جانبهم، أبدى التجار استياءً بالغًا، إذ تسببت الأزمة في كساد الأسواق وتلف بضائع تعتمد على التبريد، مثل الأسماك واللحوم والدواجن. أحد أصحاب المحال قال: "كيف ندير أعمالنا من غير مياه؟ حتى الزبائن هربوا من السوق خوفًا من التلوث والروائح الكريهة".
 

فساد المشاريع الجديدة.. رصف وشبكات تنهار
المفارقة الكبرى التي فجرت الغضب الشعبي هي أن خط المياه المتهالك جرى تغييره قبل أشهر قليلة فقط، ضمن مشروع تطوير ورصف جديد في شوارع أبوحماد.

المواطنون تساءلوا: كيف ينهار الخط بهذه السرعة؟ ولماذا لم تُصلح الشبكات بشكل جذري بدلًا من الترقيع؟ الإجابة الأقرب تكمن في الفساد وسوء التنفيذ، حيث يُرجح أن المقاول المنفذ استخدم خامات رديئة أو اختصر في المعايير الهندسية، ما جعل الشبكة غير قادرة على الصمود.

أحد الأهالي لخص الموقف بقوله: "الفلوس اتصرفت والرصف اتعمل، لكن الشبكات تحت الأرض فاسدة.. النتيجة انفجار ومعاناة".
 

غياب المساءلة وتجاهل المسؤولين
الأهالي لم يخفوا استياءهم من غياب المسؤولين عن المشهد، حيث لم يصدر بيان واضح من المحافظة أو شركة المياه يشرح أسباب الكارثة أو يحدد موعدًا لإصلاح الأعطال.

المواطنون أكدوا أنهم تقدموا بشكاوى عديدة، لكن دون جدوى. هذا الصمت يعكس غياب الشفافية والمساءلة، ويطرح تساؤلات حول كيفية إدارة مشروعات البنية التحتية في مصر، خاصة أن الأموال المرصودة لتطوير الشبكات تضيع دون أي أثر ملموس. أحد المواطنين قال بمرارة: "ندفع فواتير مياه وصرف، وندفع ضرائب ورسوم، لكن عندما تأتي الأزمة لا نجد لا خدمة ولا مسؤول يرد علينا".

وفي النهاية فإن أزمة انفجار خط المياه في أبوحماد ليست مجرد عطل فني عابر، بل عنوان صارخ لفساد إداري وإهدار ممنهج للمال العام. كيف يُعقل أن تُصرف الملايين على مشروعات رصف وتجديد شبكات تنهار بعد أشهر قليلة؟ وكيف تُترك مدينة بأكملها عطشى ومشلولة دون حلول عاجلة أو خطط طوارئ؟

ما حدث جرس إنذار جديد على أن البنية التحتية في مصر تدار بعشوائية وغياب رقابة حقيقية، فيما يبقى المواطن هو الضحية الأولى والأخيرة.
وإذا لم تتم محاسبة المسؤولين عن هذه الكارثة، فسيظل تكرارها أمرًا حتميًا في مدن وقرى أخرى، حيث يختلط الفساد بالماء.. ويختنق الناس بلا حياة.