تتواصل معاناة ملايين المصريين في القرى والنجوع مع أزمة نقص مياه الشرب، والتي تفاقمت خلال الأشهر الأخيرة، وسط شكاوى من انقطاع متكرر قد يستمر ساعات طويلة وربما أيامًا كاملة. في بعض المناطق، لم تتوقف الكارثة عند حد الانقطاع، بل امتدت إلى اختلاط المياه بالصرف الصحي، وهو ما تسبب في إصابة عدد من الأهالي بأمراض معوية وجلدية.

ورغم الوعود الحكومية بحلول عاجلة، تتواصل شهادات المواطنين عبر فيديوهات منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي توثق عمق الأزمة، وتعكس حالة الغضب والإحباط من استمرار المعاناة.
 

انقطاع متكرر يرهق الأهالي
في محافظات الوجه القبلي مثل المنيا وأسيوط وسوهاج، يسجّل الأهالي انقطاعًا متكررًا لمياه الشرب، ما يدفعهم للاعتماد على شراء المياه المعبأة أو ملء الجراكن من الطلمبات الجوفية.

وتظهر مقاطع فيديو متداولة طوابير من النساء والأطفال مصطفين بالجراكن أمام سيارات محملة بالمياه، في مشهد يعكس أزمة حقيقية في أبسط مقومات الحياة اليومية.
الأهالي يؤكدون أن انقطاع المياه يتزامن غالبًا مع ساعات الذروة، ما يضاعف معاناتهم في قضاء الاحتياجات الأساسية.
https://www.youtube.com/watch?v=Ex3yIzzb0Ms&t=3s
 

تلوث واختلاط بالصرف الصحي
في قرى بمحافظات الشرقية والدقهلية والبحيرة، يشكو المواطنون من تغير لون وطعم ورائحة المياه، في دلالة واضحة على تلوثها واختلاطها بمياه الصرف الصحي.
أحد الأهالي قال في فيديو متداول: "المية ريحتها وحشة وبتطلع من الحنفية مسفرة.. أطفالنا عيانين ومفيش حد بيسأل فينا".

فيما أظهرت شهادات أخرى حالات إصابة بالإسهال والتسمم بين الأطفال نتيجة استخدام المياه الملوثة. منظمات محلية حذرت من خطورة استمرار الوضع، مشيرة إلى أن التلوث قد يرفع معدلات الإصابة بالفشل الكلوي وأمراض الكبد.
https://www.facebook.com/watch/?v=1263275841375206
 

شهادات من قلب الأزمة
إحدى السيدات في قرية بالجيزة ظهرت في مقطع فيديو وهي تحمل جركنًا على رأسها، وتقول بلهجة غاضبة: "إحنا في 2025 ولسه بندوّر على نقطة مية نظيفة.. العيال بتشرب من الطرنبة زي زمان".
فيما صوّر شاب من محافظة القليوبية المياه الخارجة من الصنبور بلون بني داكن، معلقًا: "دي مش ميه، دي موت بطيء"، مؤكدًا أن الأهالي تقدموا بشكاوى رسمية لكن دون استجابة حقيقية.
مثل هذه الفيديوهات المتداولة أصبحت وسيلة أساسية لنقل معاناة الناس بعيدًا عن التصريحات الرسمية الوردية.
https://www.youtube.com/shorts/NkUgcVPL5jU?feature=share
 

وعود حكومية وتقاعس في التنفيذ
رغم تعهدات الحكومة المستمرة بتحسين شبكات المياه وتخصيص مليارات الجنيهات لمشروعات البنية التحتية، إلا أن الأزمة لا تزال تتفاقم.
خبراء مياه أكدوا أن غياب الصيانة الدورية لشبكات التوزيع وضعف محطات التنقية وراء استمرار التلوث والانقطاعات.
وفي حين تلقي السلطات باللوم على الزيادة السكانية وندرة الموارد المائية، يرى مواطنون أن الأزمة تكشف عن فشل إداري وفساد في تنفيذ المشروعات المعلنة.

أزمة مياه الشرب في مصر لم تعد قضية خدمية فحسب، بل باتت تهدد الصحة العامة والاستقرار الاجتماعي في القرى والمدن على حد سواء.
وبين انقطاع المياه واختلاطها بالصرف الصحي، ومعاناة المواطنين التي توثقها الفيديوهات يوميًا، تبدو الحاجة ملحة إلى تدخل حقيقي يضمن وصول مياه نظيفة وآمنة لكل أسرة مصرية، بعيدًا عن وعود لم يلمس الناس منها شيئًا على أرض الواقع.