شهدت مدينة الحوامدية بمحافظة الجيزة وقفة احتجاجية جديدة لعمال مصنع الكيماويات، وذلك في إطار سلسلة متنامية من الإضرابات والاحتجاجات العمالية التي اجتاحت عدة محافظات خلال الأسابيع الأخيرة، في مشهد يعكس تصاعد التوتر الاجتماعي داخل المصانع التابعة لشركة السكر والصناعات التكاملية.
وطالب العمال المحتجون في الحوامدية بصرف العلاوات المتأخرة منذ عام 2017، وزيادة الأجور بما يتناسب مع ارتفاع تكاليف المعيشة، إضافة إلى تحسين أوضاعهم المالية والإدارية.
وبحسب أحد المشاركين في الوقفة، فإن العمال أنهوا تحركهم بعد تلقيهم وعودًا من إدارة المصنع واللجنة النقابية بالنظر في المطالب وتنفيذها خلال الشهر المقبل.
ولم تقتصر التحركات العمالية في الحوامدية على مصنع الكيماويات فقط، إذ بادر سائقو أتوبيسات نقل العمال أمس إلى تنظيم وقفة احتجاجية مماثلة، رفعوا خلالها مطالب بزيادة الرواتب وتحسين ظروف العمل. وقد حصلوا هم الآخرون على وعود من الإدارة بدراسة مطالبهم في وقت قريب.
موجة احتجاجات في الصعيد
بدأت شرارة الاحتجاجات الحالية قبل نحو أسبوعين في مصنعي إدفو وكوم أمبو بمحافظة أسوان، حيث دخل العمال في إضراب شامل، تبعهم لاحقًا زملاؤهم في مصانع أرمنت بالأقصر ودشنا بقنا، ما حوّل المطالب العمالية إلى موجة واسعة ذات طابع تصعيدي.
شملت المطالب زيادة الرواتب، صرف العلاوات المجمدة منذ عام 2017، رفع قيمة البدل النقدي وبدل الوجبة، وصرف المنحة الخاصة التي أقرها عبدالفتاح السيسي مؤخرًا.
كما اعترض عمال إدفو وكوم أمبو على استقطاع مبالغ من رواتبهم — لا تقل عن 700 جنيه — مقابل الاشتراك الإلزامي في منظومة التأمين الصحي الشامل المطبقة حديثًا في أسوان، وطالبوا في المقابل بتوفير مستشفى داخل المصانع لتلبية احتياجاتهم الصحية.
تدخل أمني واحتواء جزئي
شهدت التحركات العمالية في بعض المناطق تدخلات أمنية، كان أبرزها في مصنع أرمنت بالأقصر، حيث أنهى العمال إضرابهم السبت الماضي بعد استدعاء خمسة منهم من قِبل جهاز الأمن الوطني. وبحسب أحد العمال، فإن الموقوفين تلقوا وعودًا بمتابعة مطالبهم مع إدارة الشركة، وهو ما دفع زملاءهم إلى تعليق الإضراب مؤقتًا.
وفي اليوم ذاته، دخل عمال مصنع المعدات في الحوامدية في إضراب ليوم واحد فقط، احتجاجًا على أوضاعهم، قبل أن يعودوا للعمل بعد تلقيهم تطمينات مماثلة من الإدارة واللجنة النقابية.
خلفية عن الشركة
تضم شركة السكر والصناعات التكاملية التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية الخاضعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية، عدة مصانع رئيسية لإنتاج السكر من القصب، أبرزها في أسوان والأقصر وقنا، إضافة إلى مصانع المعدات والكيماويات في الحوامدية.
ويعود تاريخ تبعية الشركة القابضة للصناعات الغذائية وكياناتها إلى وزارة التموين منذ عام 2014، بعد نقلها من وزارة الاستثمار، ما جعلها جزءًا مباشرًا من المنظومة الحكومية المرتبطة بالأمن الغذائي المصري.
مؤشرات أزمة ممتدة
تعكس هذه التحركات الاحتجاجية المتزامنة أزمة متصاعدة بين آلاف العمال وإدارة الشركة، في ظل ضغوط اقتصادية متزايدة يعاني منها القطاع العمالي في مصر، خصوصًا مع تجميد العلاوات وتراجع القوة الشرائية للأجور.
ويرى مراقبون أن تكرار هذه الاحتجاجات في أكثر من موقع وبمشاركة قطاعات مختلفة من العمال يشير إلى احتمالية اتساع نطاق الأزمة ما لم تُستجب المطالب بشكل جذري، خاصة أن المصانع المعنية تُعد من الركائز الأساسية في إنتاج السكر، وهو من السلع الاستراتيجية التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر.