عادت مقالب القمامة لتغزو شوارع مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ، بعد موجة من الانتقادات الشديدة تجاه الحملات الرسمية للنظافة، التي أثبت الواقع اليوم أنها حملات شكلية أكثر منها جهودًا حقيقية لتحسين البيئة.

 

هذه الظاهرة أثارت استياء المواطنين، خصوصًا بعد أن أصدرت المحافظة بيانًا أشادت فيه بـ13 مسئولًا شاركوا في ما وصفته بـ«حملات نظافة»، وهو ما اعتبره الكثيرون مجرد مظاهر إعلامية تخفي الواقع الفعلي للشوارع المليئة بالنفايات.

سكان دسوق عبّروا عن غضبهم من تفاقم مشكلة القمامة في المدينة والدخان والغبار الناتج من حرق القمامة بدل إزالتها، مؤكدين أن تراكم النفايات أصبح يؤثر على حياتهم اليومية، من الروائح الكريهة إلى انتشار الحشرات والقوارض، بالإضافة إلى المخاطر الصحية المحتملة، خصوصًا مع انتشار الأمراض المرتبطة بسوء إدارة المخلفات.

يقول أحد المواطنين: "نرى المسؤولين في الصور وهم يحملون أكياس القمامة لأخذ الصور فقط، وبعد يوم واحد تعود المقالب لتملأ الشوارع مرة أخرى".

وأثار البيان الرسمي الذي نشرته المحافظة ردود فعل غاضبة بين الأهالي، خاصة بعد ذكر أسماء 13 مسئولًا شاركوا في الحملات «النجاح المزيف».

وانتقد مواطنون هذه الخطوة معتبرين أنها محاولة لتجميل الواقع وتضليل الرأي العام، بينما تظل المدينة غارقة في النفايات. ويشير الخبراء في إدارة المخلفات إلى أن هذه الحملات الشكلية تعكس فشل الإدارة المحلية في وضع استراتيجية مستدامة لإدارة القمامة.

تعد مشكلة القمامة في دسوق جزءًا من أزمة أوسع في محافظات مصرية عديدة، حيث تكشف الإحصاءات عن ضعف البنية التحتية لجمع النفايات، ونقص المعدات الحديثة، وعدم كفاية عدد العمالة المدربة، ما يجعل الجهود الفردية أو الحملات المؤقتة غير فعالة على المدى الطويل.

في ظل هذا الواقع، تبرز الحاجة إلى خطط شاملة تعتمد على إعادة التدوير، وتخصيص ميزانيات كافية، وتطبيق عقوبات صارمة ضد من يلوث الشوارع.

على الجانب الاجتماعي، تؤكد الدراسات أن ظهور حملات نظافة وهمية ينعكس سلبًا على ثقافة المجتمع المدني، حيث يفقد المواطن الثقة في الجهات الرسمية ويقل التزامه بالنظافة، معتقدًا أن كل الجهود مجرد بروباجندا إعلامية.

كما أن هذا الفشل الإداري يفتح المجال لشركات خاصة وغير مرخصة للقيام بأعمال النظافة بشكل غير منظم، ما يزيد المشكلة تعقيدًا ويخلق بيئة صحية غير آمنة للسكان.

وأكد مراقبون محليون أن مجرد تنظيم حملات إعلامية دون توفير متابعة مستمرة وتطبيق حلول مستدامة لن يحل المشكلة، وأنه من الضروري العمل على رفع الوعي بين المواطنين حول أهمية المشاركة المجتمعية في إدارة المخلفات، جنبًا إلى جنب مع جهود الدولة.

ويشير هؤلاء إلى أن الاعتماد على الصور والاحتفالات الإعلامية لا يعكس سوى فشل حقيقي في التنفيذ على الأرض، وهو ما تراه معظم شوارع دسوق اليوم.

في الختام، تظل مشكلة القمامة في دسوق مؤشراً على فشل الحملات الشكلية، وعلى ضرورة إعادة النظر في استراتيجيات المحافظة تجاه إدارة المخلفات. فالمواطنون بحاجة إلى بيئة نظيفة وآمنة، وليس مجرد صور إعلامية لأسماء مسؤولين يُشاد بهم على حملات وهمية. ويجب على الجهات المعنية تحويل هذه الحملات من مجرد مظاهر إعلامية إلى برامج عملية مستدامة تعالج الأزمة بفاعلية وتحافظ على صحة وسلامة السكان.