تشهد محافظة المنيا في صعيد مصر موجة مقلقة من الجرائم الجديدة التي تتعلق بسرقة المقابر، حيث انتشرت تقارير عن سرقة الرخام، وأبواب المقابر المصنوعة من الحديد، وأحيانًا العبث بجثث الموتى أنفسهم.

هذه الظاهرة التي كانت في السابق شبه منعدمة، أصبحت اليوم قضية أمنية واجتماعية تهدد القيم المجتمعية والأمان العام للمواطنين.

https://x.com/i/status/1964788575532167424

أهالي المنيا يعبرون عن قلقهم العميق من تصاعد هذه الجرائم، التي لا تقتصر على السرقة المادية فقط، بل تشمل أحيانًا الإضرار بالجثث، بما في ذلك كسر الرؤوس واستخراج بعض العظام.
بعض المصادر المحلية أشارت إلى أن هناك محاولات لاستغلال أجزاء من الجثث في صناعة المخدرات أو استخدامها لأغراض طبية أو شعوذة، وهو ما يضيف بعدًا خطيرًا لهذه الظاهرة ويثير الخوف والرعب بين السكان.

يربط خبراء علم الاجتماع والجريمة بين هذه الظاهرة المتنامية وانتشار الفقر في المحافظة.
فالمنيا، التي تعتمد إلى حد كبير على الزراعة والدخل المحدود، تواجه معدلات بطالة مرتفعة، ما يدفع بعض الفئات المستضعفة أو المجموعات الإجرامية إلى البحث عن وسائل غير قانونية للحصول على المال السريع.
وتشير الدراسات إلى أن المجتمعات التي تعاني من الفقر وغياب الرقابة الأمنية تكون أكثر عرضة لانتشار الجرائم غير التقليدية مثل سرقة المقابر.

كما يلعب ضعف تطبيق القانون وعدم وجود رقابة فعالة على المقابر القديمة أو المهجورة دورًا في تفاقم المشكلة.
فالكثير من المقابر غير محمية بأسوار قوية أو كاميرات مراقبة، مما يسهل على العصابات المحلية الوصول إليها دون مواجهة صعوبة كبيرة.
بعض المواطنين وصفوا الوضع بأنه أصبح "كارثيًا"، خصوصًا في القرى الصغيرة والمناطق النائية التي تعاني من نقص الشرطة وتأخر الاستجابة الأمنية.

على الجانب الآخر، تتحدث بعض الشهادات المحلية عن ازدياد جرائم سرقة الرخام والحديد من أبواب المقابر بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام في الأسواق السوداء، حيث يمكن بيع الرخام والأبواب المعدنية بأسعار جيدة جدًا، ما يشجع اللصوص على استهداف المقابر بشكل متكرر.
هذه الظاهرة ليست فقط سرقة للمواد، بل تمثل اعتداءً على حرمة الموتى وأهلهم، وهو ما يثير غضب السكان ويخلق توترًا نفسيًا واجتماعيًا عميقًا في المجتمع المحلي.

من جانب آخر، يربط بعض الباحثين بين هذه الجرائم وانتشار الجريمة المنظمة في صعيد مصر، حيث تقوم بعض العصابات بارتكاب جرائم معقدة تتجاوز السرقة التقليدية، مثل طحن الجمجمة أو أجزاء من العظام لأغراض غير قانونية، ما يعكس تحولًا خطيرًا في أشكال الجرائم المحلية وارتفاع مستوى العنف والجريمة المنظمة في المناطق الريفية.

جهود السلطات المحلية لمكافحة هذه الظاهرة تظل محدودة، رغم إعلان بعض المحافظين عن خطط لتعزيز الأمن في المقابر، وتركيب كاميرات مراقبة، وتكثيف الدوريات الشرطية، إلا أن التحديات الاقتصادية والاجتماعية تعيق التنفيذ الكامل لهذه الخطط.
ويشير الأهالي إلى أن الحل يجب أن يكون متعدد الأبعاد، يشمل تحسين ظروف الفقر، وزيادة التوعية المجتمعية، وتطبيق القانون بشكل صارم ضد مرتكبي هذه الجرائم لضمان ردع الآخرين.

في الختام، تظل سرقة المقابر في المنيا ظاهرة مقلقة تحمل أبعادًا اجتماعية وأخلاقية وأمنية خطيرة.
الفقر، ضعف الرقابة الأمنية، وارتفاع قيمة المواد المسروقة هي عوامل رئيسية تغذي استمرار هذه الجرائم.

ومواجهة هذه الظاهرة تتطلب جهدًا متكاملًا بين الحكومة، السلطات الأمنية، والمجتمع المحلي لحماية حرمة الموتى والحفاظ على استقرار المجتمع، قبل أن تتفاقم الأزمة وتصبح جزءًا من واقع يومي لا يمكن السيطرة عليه.