أعلن أهالي منطقة طوسون شرق الإسكندرية أنهم لن يتركوا منازلهم نظرا رغم حجم الانتهاكات التي يتعرضون لها نتيجة سياسة نزع الملكية القسرية التي تتبعها الحكومة.
ومنذ أبريل الماضي، وأهالي طوسون في حرب وجودية وقانونية بعد قرار نزع ملكية 260 منزلًا بالإضافة إلى 4 مساجد وكنيسة، ضمن مسار الطريق الدائري الجديد.

وقام الأهالي بنشر ملصقات رافضة للقرار على جدران المنازل إلا أن ذلك الاحتجاج لم يلقَ آذانًا صاغية، حيث قامت جهات بزي مدني بإزالتها، في محاولة واضحة لإسكات صوت السكان.

هذه الأحداث تُظهر تجاهل الحكومة لمصالح المواطنين وحقوقهم، وتبرز فشل الدولة في تحقيق توازن بين مشاريع التنمية وكرامة السكان، لتتحول التنمية إلى أداة تهجير ومصادرة لمكتسبات المواطنين دون تقديم بدائل حقيقية.
 

صدمة الأهالي وخطر التهجير
قرر محافظ الإسكندرية تشكيل لجنة لحصر التعارضات مع مسار الطريق الدائري الممتد 23 كيلومترًا، لكنها لم تأخذ في الاعتبار حقوق السكان المتضررين.
الأهالي الذين يقطنون المنطقة منذ سنوات طويلة يعيشون الآن تحت تهديد فقدان منازلهم وممتلكاتهم، وسط عدم وضوح آلية التعويض أو ضمان حماية مصالحهم.

المحامي محمد رمضان، عضو هيئة الدفاع، أكد أن القرار أحادي الجانب ويفتقد لأي دراسة جدوى اجتماعية أو اقتصادية، ما يزيد من صعوبة مواجهة الأزمة.
 

التحرك القانوني والدفاع عن الحقوق
استجابة لهذه الأزمة، شكل الأهالي هيئة دفاع مكونة من خمسة محامين، وعقدوا اجتماعات دورية لإطلاع السكان على المستجدات ومتابعة الخطوات القانونية.
تقدم الأهالي بشكاوى عبر البوابة الإلكترونية لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير النقل ومحافظ الإسكندرية، كما رافقوا ممثلين عن هيئة الدفاع في لقاء مع وزير النقل والصناعة كامل الوزير الذي وعد بدراسة القضية مع المحافظ.

هذه التحركات القانونية والأهلية تمثل إصرار الأهالي على حماية منازلهم ورفض سياسة التهجير القسري.
 

البدائل الهندسية للطريق الدائري
قام الأهالي بالاستعانة بمكتب استشاري هندسي لدراسة مسارات بديلة للطريق الدائري، وتم التوصل إلى مسار لا يتسبب في هدم المنازل.
هذا الحل الوسط يتيح تنفيذ المشروع التنموي دون المساس بمكتسبات المواطنين.

وفقًا للمحامي رمضان، هناك سابقة مشابهة عام 2008 حين صدر قرار إزالة لإقامة منتجع سياحي وتم إلغاؤه بعد الطعن، ما يوضح إمكانية تعديل السياسات بما يحفظ حقوق السكان دون الإضرار بالمشروع.
 

الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية للقرار
معظم المنازل في طوسون متصلة بجميع المرافق العامة، وقد حصلت على تصالحات بناء رسمية.
ويبلغ متوسط سعر المنزل نحو 4 ملايين جنيه، وهو ما يجعل أي تعويض مالي غير كافٍ لتعويض الخسائر المادية والاجتماعية.
علاوة على ذلك، تهديد المجتمعات بالتهجير يخلق أزمات اجتماعية كبيرة ويؤثر على استقرار السكان، ويعكس غياب العدالة في تنفيذ مشاريع التنمية، حيث يتحمل المواطنون وحدهم تكلفة التنمية الحكومية.

وفي النهاية فأحداث طوسون تؤكد رفض الأهالي القاطع ترك منازلهم، وتمسكهم بحقهم في العيش بكرامة والاستفادة من التنمية دون فقدان ممتلكاتهم.
إن استماع الحكومة لمطالب السكان والبحث عن بدائل واقعية يعد اختبارًا حقيقيًا لمصداقية الدولة في حماية حقوق المواطنين وتحقيق تنمية عادلة توازن بين المشاريع التنموية وحقوق الأفراد، بعيدًا عن سياسة التهجير القسري التي تهدد حياة المواطنين ومجتمعاتهم.