بينما تروج حكومة مصطفى مدبولي لخططها السياحية والتنموية في البحر الأحمر، يعيش أهالي تقسيم النور بمدينة الغردقة واقعًا مختلفًا تمامًا، تغيب عنه أبسط الخدمات الأساسية وعلى رأسها مياه الشرب.
فمعاناة السكان من الانقطاعات المتكررة للمياه باتت يومية، حتى تحولت حياتهم إلى جحيم، وسط شكاوى متواصلة من الإهمال وغياب استجابة حقيقية من الأجهزة المحلية.
انقطاعات يومية تحوّل الحياة إلى مأساة
فنشر أحد الاهالي فيديو يصف المعاناة قائلا "نحن سكان منطقة تقسيم النور – الغردقة – محافظة البحر الأحمر، نرفع هذه الاستغاثة بعد أن ضاقت بنا السبل، من عدم توافر الخدمات الأساسية التي تضمن لنا حياة كريمة، ومنها:
- انعدام أعمدة الإنارة في الشوارع.
- عدم وجود مياه شرب نظيفة تكفي حاجات السكان.
- غياب خدمات الصرف الصحي بشكل تام.
وتابع تعاني المنطقة من تدني شديد في مستوى المرافق العامة، وسط تجاهل المسؤولين المحليين، وعدم الالتفات لمعاناة الأهالي، مما أدى إلى تفاقم المشاكل البيئية والصحية.
https://www.facebook.com/watch/?v=1412946803149509
ويقول عماد عبد العزيز، أحد سكان المنطقة: "المياه تنقطع بالساعات، وأحيانًا بالأيام، ولا نعرف متى تعود. نضطر لشراء جراكن من عربات المياه المتنقلة بأسعار باهظة. كيف يُعقل أن نعيش في مدينة سياحية كالغردقة ونموت عطشًا في بيوتنا؟"
أما أم محمود، وهي ربة منزل، فتصف حياتها اليومية: "أستيقظ الفجر لأملأ ما تيسر من أواني قبل أن تنقطع المياه فجأة. لا نستطيع غسيل أو طبخ أو حتى الاستحمام. الوضع مهين ويجعلنا نشعر أننا مهمشون بلا قيمة"، مؤكدة أن الاستغاثات المتكررة لم تلق أي رد.
https://www.facebook.com/watch/?v=1293519789146834
https://www.facebook.com/reel/24178095685182184
غياب العدالة في توزيع الخدمات
يشير الأهالي إلى مفارقة صارخة بين ما يعانونه وبين الاهتمام المفرط بالمناطق السياحية والفنادق. فبينما تُضخ المياه بشكل منتظم وبكميات وفيرة إلى المنتجعات، يعيش سكان تقسيم النور على فتات التوزيع إن وُجد. يقول خالد سعيد: "السلطات تتعامل معنا كأننا مواطنون درجة ثانية. المهم أن السائح يلقى الخدمة، أما المواطن فلا قيمة له. أين العدالة؟"
نقص شامل في المرافق والخدمات
معاناة الأهالي لا تقف عند المياه فقط، بل تمتد إلى مختلف الخدمات. فالطرق الداخلية غير ممهدة، والإنارة ضعيفة، وشبكات الصرف الصحي متهالكة. كما يفتقر الحي إلى وحدة صحية مجهزة ومدارس كافية. يقول الحاج رمضان، أحد كبار السن: "نحن ندفع ضرائب وفواتير مثل غيرنا، لكننا لا نحصل على شيء. حتى أقرب مستشفى يبعد مسافة طويلة، وإن احتجنا الإسعاف قد نفقد المريض قبل أن يصل"، في إشارة إلى الإهمال الطبي الذي يعانيه السكان.
استياء واسع وانتقادات للحكومة
هذه الأوضاع دفعت الأهالي إلى توجيه انتقادات حادة للمسؤولين، معتبرين أن الوعود المتكررة بتحسين الخدمات ما هي إلا شعارات للاستهلاك الإعلامي. يقول المهندس أحمد عبد الغني: "المحافظة تتحدث ليل نهار عن مشروعات كبرى، بينما الناس في تقسيم النور لا يجدون شربة ماء. هذا استخفاف بعقول المواطنين واستهزاء بكرامتهم"، على حد وصفه.
أما الناشطة المحلية منى محمد، فأكدت أن الأزمة تكشف فشلًا إداريًا شاملًا: "لو كان هناك تخطيط حقيقي لما عانى الناس كل هذه السنوات. نحن أمام سلطة ترى في المواطن مجرد رقم انتخابي، لا أكثر ولا أقل"، مشيرة إلى أن الوضع يفاقم الهجرة الداخلية من المنطقة إلى أحياء أفضل حالًا.
أزمة متكررة بلا حلول
منذ سنوات، يتكرر نفس المشهد: شكاوى جماعية، احتجاجات صامتة، بيانات مقتضبة من المسؤولين، ثم لا شيء يتغير. بل يرى السكان أن الوضع يزداد سوءًا عامًا بعد عام. فمع التوسع العمراني والزيادة السكانية، لم يواكب أي تطوير للبنية التحتية، لتظل المنطقة في عزلة خدمية خانقة.
صورة تعكس انهيار أولويات الدولة
المفارقة الأكبر أن أزمة تقسيم النور ليست سوى نموذج مصغر لحال مدن مصرية عديدة. فبينما تُنفق المليارات على مشروعات استعراضية كالعاصمة الإدارية أو الأبراج العملاقة، يُترك المواطن البسيط بلا ماء ولا خدمات أساسية. وهذا ما يجعل أهالي الغردقة يرون في أزمتهم مرآة للفشل العام في إدارة الدولة للموارد وتحديد الأولويات.
الخلاصة
أزمة المياه ونقص الخدمات في تقسيم النور بالغردقة تكشف بوضوح التناقض بين خطاب الدولة وواقع الناس. فبينما تزعم الحكومة حرصها على تحسين معيشة المواطنين، تتجاهل أبسط حقوقهم في مياه نظيفة وخدمات أساسية، لتتركهم فريسة العطش والحرمان. إنها ليست مجرد أزمة محلية، بل دليل جديد على تآكل العقد الاجتماعي بين المواطن والدولة، وانهيار الثقة في سلطة تضع المنتجعات السياحية فوق حياة الناس.