شهدت محافظة السويس حالة واسعة من الغضب والاستياء الشعبي، إثر قيام السلطات بهدم منزل بطرس كساب، أحد أعرق وأقدم المباني التاريخية بالمدينة، والذي يعود تاريخه إلى عصر محمد علي.
ويعد المنزل واحدًا من أبرز المعالم المعمارية النادرة التي صمدت لقرون، قبل أن تنتهي رحلته التاريخية تحت جرافات ومعدات ثقيلة تابعة لإحدى الشركات الملاحية المملوكة لوزارة النقل.
منزل تاريخي يتهاوى
البيت الذي أنشئ في منتصف القرن التاسع عشر، كان مملوكًا لبطرس كساب، المسؤول في تلك الحقبة عن جمع الضرائب من حركة الملاحة بين مصر والهند عبر الخط البحري.
وعلى مدار أكثر من 150 عامًا، ظل المنزل شاهدًا حيًا على محطات مفصلية في تاريخ السويس ومصر بوجه عام.
الأهالي فوجئوا بمشهد معدات الهدم وهي تقتحم المبنى، لينهار بذلك أحد الرموز التاريخية النادرة في المحافظة.
هذا المشهد فجّر حالة من الغضب على منصات التواصل الاجتماعي، وسط دعوات عاجلة بضرورة التدخل لحماية ما تبقى من القصور والمباني التراثية التي تحمل تاريخًا طويلاً للمدينة، التي لعبت دورًا محوريًا في التاريخ المصري الحديث.
شهادات مؤرخين وباحثين
أنور فتح الباب، المؤرخ والباحث في تاريخ السويس، وصف البيت بأنه "أحد القصور التاريخية النادرة" مشيرًا إلى أن صاحبه ارتبط اسمه بالأنشطة التجارية والضريبية على الخط الملاحي بين مصر والهند في عصر محمد علي.
وأضاف أن بعض الروايات أشارت إلى مرور نابليون بونابرت بالمنطقة التي يقع فيها المنزل، كما أن الزعيم أحمد عرابي زاره بعد عودته من المنفى.
وأوضح فتح الباب أن المنزل منذ تأميمه في عهد جمال عبد الناصر ونقل ملكيته إلى إحدى الشركات الملاحية، عانى من إهمال جسيم امتد لعقود طويلة، حتى انتهى به المطاف إلى الانهيار والهدم.
ولفت إلى أن المبنى تميز بطراز معماري أوروبي وزخارف ولوحات رخامية تذكارية تحمل اسم صاحبه، ما يجعله قطعة معمارية نادرة لا تُقدّر بثمن.
تاريخ ضائع
من جانبه، قال الدكتور مصطفى بركات، الباحث في الآثار الإسلامية، إن الإمبراطورة أوجيني، خلال زيارتها للسويس لحضور افتتاح قناة السويس، طلبت زيارة المنزل الذي أقام فيه نابليون بونابرت، وهو ما يعكس القيمة التاريخية البالغة لهذا المكان.
وأضاف أن البيت لم يكن مجرد منزل، بل كان شاهدًا على لقاءات وزيارات مهمة، أبرزها استضافة الزعيم أحمد عرابي بعد عودته من منفاه.
دعوات لحماية ما تبقى من التراث
تزامنًا مع الغضب الشعبي، تجددت المطالبات بضرورة ضم المباني التاريخية الباقية في السويس، مثل قصر محمد علي وبيت المساجيري، إلى إشراف وزارة السياحة والآثار لحمايتها من التدهور والإزالة.
وحذر المهتمون من أن استمرار هذا النهج في التعامل مع التراث قد يؤدي إلى فقدان المدينة لهويتها التاريخية والمعمارية، التي شكلت جزءًا مهمًا من الذاكرة الوطنية.
ويرى خبراء أن ما جرى ليس مجرد إزالة لعقار قديم، بل خسارة لمعْلم تاريخي كان من الممكن أن يتحول إلى متحف أو مركز ثقافي يجذب السياحة ويعيد للسويس مكانتها الثقافية.
شاهد:
https://www.facebook.com/gamal.akader1/posts/24402764176019528?ref=embed_post