في حادثة مروعة تضاف إلى سجل الكوارث المتكررة على خطوط السكك الحديدية المصرية، أعلنت السلطات عن وقوع ثلاث وفيات و55 مصابًا، إثر انقلاب عربة من القطار رقم (1935) المُسير بين مطروح والإسكندرية، غرب مدينة الضبعة. الحادث، الذي وقع نتيجة هبوطٍ في السكة الحديدية، يسلّط الضوء مجددًا على هشاشة بنيتنا التحتية وغياب الرقابة الجدية، ما يطرح تساؤلات حقيقية حول قدرة الدولة على حماية أرواح المواطنين اليومية.

وبينما مسلسل الدماء يكتب فصولا جديدية، بينما الحكومة تلتزم الصمت المريب، وكامل الوزير، وزير النقل بحكومة السيسي، لا يزال في منصبه وكأن شيئًا لم يكن. السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: كم من الدماء يجب أن تُراق قبل أن تتحرك الدولة لإقالة الوزير الذي يقود قطاعًا غارقًا في الفشل والإهمال؟

 

تفاصيل الحادث والأضرار البشرية

استنادًا إلى بيانات رسمية من غرفة عمليات مديرية الصحة في مطروح، فإن عدد الضحايا وصل إلى 3 قتلى و55 مصابًا حتى الآن، بينما أشارت تقارير أولية إلى أن عدد المصابين قد بلغ 29 حالة قبل تحديث الإحصاءات

وقع الانقلاب في منطقة صحراوية بين قريتي زاوية العوامة وسواني جابر، حيث خرجت 7 عربات عن القضبان، وانقلبت عربتان

الأهالي هرعوا لمساعدة الضحايا، فيما هرولت سيارات الإسعاف لنقل المصابين إلى مستشفى الضبعة المركزي. كل ذلك وسط مشهد مأساوي تكرر عشرات المرات خلال السنوات الأخيرة دون أي محاسبة حقيقية للمسؤولين.

 

كامل الوزير في مرمى الاتهام: إلى متى الحصانة السياسية؟

منذ تولي كامل الوزير حقيبة النقل، لم تتوقف حوادث القطارات، رغم مليارات الجنيهات التي قيل إنها أُنفقت على تطوير السكك الحديدية. لكن الواقع يكشف أن هذه الأموال ذهبت أدراج الرياح، أو أنها لم تُترجم إلى تحسين حقيقي على الأرض.

الخبير في شؤون النقل، الدكتور محمد الشاذلي، يقول: "ما يحدث ليس قضاءً وقدرًا، بل نتيجة مباشرة لإهمال الدولة في تطوير البنية التحتية وسوء إدارة ملف النقل. استمرار كامل الوزير في منصبه رغم هذه الكوارث جريمة سياسية وأخلاقية."

 

غضب شعبي يتصاعد: أين الدولة من دماء الأبرياء؟

مواقع التواصل الاجتماعي اشتعلت غضبًا عقب الحادث. مواطنون هاجموا الحكومة بشدة، معتبرين أن بقاء كامل الوزير رغم تكرار الحوادث يفضح تحصين الفشل داخل النظام.

أحد المواطنين كتب: "لو الحادثة دي في أي دولة محترمة كان الوزير استقال من بدري. عندنا بيموتوا الناس عادي والوزير يفضل يتصور ويقول إحنا شغالين."

 

أرقام مخيفة وحصيلة سوداء لحوادث القطارات

خلال السنوات الأخيرة، مصر شهدت عشرات الحوادث الدموية. بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، وقعت أكثر من 1000 حادث قطار خلال عام واحد فقط. وفي كل مرة، تتكرر نفس السيناريوهات: لجان تحقيق، تصريحات براقة، ووعود لا تتحقق، بينما الضحايا يزدادون.

 الخبير الاقتصادي أحمد النجار يؤكد: "الحكومة تتحدث عن مليارات للتطوير، لكن النتائج على الأرض صفر. هذه الأموال تُهدر بلا شفافية، والسكك الحديدية ما زالت قنبلة موقوتة."

وفي النهاية فإنه اليوم ثلاثة قتلى، وغدًا ربما العشرات أو المئات. السؤال المؤلم يبقى: كم من الأرواح يجب أن تُهدر حتى تستيقظ الدولة من غيبوبتها؟ متى سيُقال كامل الوزير ويُفتح تحقيق جاد في الفساد والإهمال الذي ينهش قطاع النقل؟

الشعب لا يريد بيانات تعزية ولا صور للمسؤولين في المستشفيات، بل يريد محاسبة حقيقية قبل أن تتحول القطارات المصرية إلى مقابر جماعية تتحرك على القضبان.