تعيش منطقة الجبل الأصفر بمحافظة القليوبية مأساة حقيقية منذ سنوات، بسبب أزمة الصرف الصحي التي حولت حياة الأهالي إلى جحيم، بينما تقف الحكومة موقف المتفرج مكتفية بالتصريحات الرنانة والوعود الكاذبة التي لم تنفذ يومًا.
هذه الأزمة التي تهدد صحة آلاف المواطنين وتدمر البيئة لم تجد حتى الآن أي حل عملي، ما يثير تساؤلات خطيرة حول غياب الإرادة السياسية والتقاعس المتعمد عن أداء أبسط واجبات الدولة تجاه مواطنيها.
الشوارع تتحول إلى مستنقعات.. والموت يحيط بالسكان
تحولت شوارع الجبل الأصفر إلى بحيرات من مياه الصرف الصحي، لتصبح بؤرة للأمراض والحشرات، بينما يعيش السكان في حالة رعب دائم من إصابة أطفالهم بأمراض خطيرة.
يقول أحد الأهالي غاضبًا: "نعيش في مستنقع حرفيًا، بيوتنا محاصرة بالمجاري، والأطفال مرضى. المسؤولون يتفرجون علينا وكأننا لا نساوي شيئًا في نظرهم."
المزارعون يخسرون كل شيء.. ولا حياة لمن تنادي
لم تقتصر الكارثة على الشوارع والمنازل، بل امتدت إلى الأراضي الزراعية التي غرقت في مياه الصرف، ما تسبب في تلف المحاصيل ونفوق الماشية.
يقول أحد المزارعين: "خسرنا كل حاجة، لا زرع ولا تربية مواشي، ومفيش حد من المسؤولين سأل فينا. إحنا في دولة فين؟"
خبراء يفضحون الإهمال الحكومي
يؤكد الدكتور محمود عبد الرحمن، أستاذ الهندسة البيئية بجامعة القاهرة، أن الوضع الكارثي في الجبل الأصفر ناتج عن غياب التخطيط وسوء الإدارة: "محطة الجبل الأصفر واحدة من أكبر المحطات في الشرق الأوسط، ومع ذلك تغرق المنطقة في مياه الصرف! هذا يثبت أن هناك فسادًا إداريًا وتقصيرًا جسيمًا في أعمال الصيانة والتوسعة."
ويضيف الخبير البيئي أحمد كمال: "نحن أمام أزمة ستتحول إلى وباء إذا لم تتحرك الحكومة فورًا. المشكلة ليست نقص إمكانيات، بل انعدام المحاسبة والمسؤولية."
الحكومة تبيع الوهم للمواطنين
رغم هذه الكارثة، تواصل الحكومة إطلاق التصريحات المضللة.
فقد قالت المهندسة نجلاء شوقي، مديرة إدارة المشروعات بالقليوبية، في تصريح سابق: "خطة تطوير الشبكة مدرجة ضمن مشروعات العام الحالي، لكن هناك تحديات في التمويل."
تصريح اعتبره الأهالي استفزازًا، إذ علق أحد السكان: "سمعنا نفس الكلام عشرات المرات. إذا كان التمويل غير متوفر، أين تذهب مليارات القروض والمنح؟ لماذا تنفقون المليارات على مشروعات شكلية وتتركوننا نموت وسط المجاري؟"
كارثة صحية تهدد الآلاف
الوضع الحالي لا يعني مجرد تلوث بيئي، بل كارثة صحية حقيقية. الخبراء يحذرون من انتشار أمراض قاتلة مثل التيفود والالتهاب الكبدي الفيروسي، نتيجة تسرب مياه الصرف إلى المياه الجوفية. ومع ذلك، لا توجد أي خطة طوارئ واضحة من وزارة الصحة أو أي جهة رسمية.
غضب الأهالي وتصعيد مرتقب
الأهالي لم يعودوا يثقون في الحكومة، ويؤكدون أنهم لن يسكتوا طويلًا. يقول أحدهم:"لو الدولة مش قادرة تحمينا، يبقى ليه بندفع ضرائب؟ إحنا مش أقل من أي حد، لكن واضح إن حياتنا عندهم مالهاش قيمة."
أين المساءلة؟
لماذا تستمر هذه الأزمة رغم أهمية المحطة وحجم الإنفاق الحكومي المعلن؟ أين الرقابة على مشروعات البنية التحتية؟ وأين البرلمان الذي يفترض أنه يمثل الشعب؟
الواضح أن ما يحدث في الجبل الأصفر ليس أزمة تقنية، بل فضيحة فساد وإهمال ستظل وصمة عار في جبين المسؤولين، ما لم يتم التحرك العاجل لإنقاذ الأهالي من هذه المأساة.