تتصاعد حدة أزمة انتشار السلاح غير المرخص في مركز دشنا بمحافظة قنا، لتكشف عن مأساة جديدة هزّت الشارع الصعيدي خلال الساعات الماضية.
ففي أقل من 24 ساعة فقط، فقدت أسرتان عزيزين لهما، أحدهما طفل في عمر الزهور لم يتجاوز الثانية عشرة، والآخر شاب في مقتبل العمر، نتيجة إطلاق نار عشوائي وحوادث عبث بالسلاح.
حوادث دشنا الأخيرة أعادت إلى الواجهة ملف “فوضى السلاح” الذي لطالما حذّر منه أهالي المنطقة، في ظل غياب أمني واضح يثير تساؤلات حول جدية الدولة في التعامل مع هذه الظاهرة المتفاقمة.
الحادثة الأولى.. طلقة صديق أنهت حياة شاب
بدأت المأساة بوفاة شاب أثناء جلوسه مع صديقه في نجع سعيد بدشنا.
ووفق التحريات الأولية، كان الشاب وصديقه يتبادلان الحديث، بينما كان الأخير يلهو بسلاح ناري بحوزته.
لحظة عبث غير محسوبة، خرجت منها رصاصة خاطفة أنهت حياة الشاب على الفور.
جرى نقل جثمانه إلى المستشفى، فيما باشرت أجهزة الأمن التحقيقات وأصدرت تعليماتها بضبط المتهم والسلاح المستخدم.
إلا أن هذه الإجراءات المعتادة لم تُخفف من غضب الأهالي، الذين يرون أن تكرار مثل هذه الجرائم سببه غياب الردع الحقيقي وانتشار السلاح بلا حساب.
الحادثة الثانية.. طفل يسقط ضحية رصاص “الاحتفالات”
لم تكد دماء الشاب تجف، حتى شهدت إحدى قرى دشنا فاجعة جديدة، حيث لقي تلميذ يبلغ من العمر 12 عامًا مصرعه خلال احتفالية شعبية.
التحقيقات الأولية بيّنت أن طفلاً آخر في الخامسة عشرة من عمره كان يحمل سلاحًا ناريًا، خرجت منه طلقة طائشة أصابت زميله في جسده فأردته قتيلًا في الحال.
مرة أخرى، تحوّل الفرح إلى مأتم، وغرقت أسرة جديدة في دموع الفقدان.
غضب الأهالي: “أين الأمن الذي يتحدث عنه السيسي؟”
أهالي دشنا لم يُخفوا غضبهم، حيث تساءل الكثيرون عن جدوى التصريحات الرسمية المتكررة بشأن “فرض الأمن والنظام”، بينما يعيشون واقعًا مغايرًا على الأرض.
فالسلاح – المرخص وغير المرخص – ينتشر بشكل لافت في الأفراح والمناسبات وحتى في النزاعات العائلية، وسط غياب حملات أمنية حقيقية رادعة.
مواطنون من قنا وصفوا ما يجري بأنه “فوضى السلاح المنفلت”، وحذّروا من أن استمرارها يعني المزيد من الضحايا الأبرياء.
أزمة أعمق من حادثتين
خبراء محليون يشيرون إلى أن ما يحدث في دشنا ليس مجرد حوادث عرضية، بل يعكس أزمة اجتماعية وأمنية متجذرة.
انتشار الأسلحة يرتبط بعوامل قبلية وثقافية، إضافة إلى ضعف التواجد الأمني وغياب تطبيق القانون على نحو عادل وحازم.
كما أن الخطاب الرسمي حول “هيبة الدولة” و“الأمن” يظل – برأي الأهالي – مجرد شعارات فارغة ما لم تُترجم إلى إجراءات واقعية توقف نزيف الدماء.