تشهد أحياء الإسكندرية، وعلى رأسها المنتزه والعجمي، أزمة حادة بسبب انقطاع مياه الشرب منذ ما يقرب من شهر، حيث أكد الأهالي أن المياه تنقطع طوال ساعات النهار وتعود في المساء بضغط ضعيف لا يكفي للاستخدامات اليومية.
هذه الأزمة المتواصلة أثارت غضبًا واسعًا بين السكان، الذين اعتبروا أن الحكومة تترك المواطنين في معاناة مستمرة دون حلول جذرية، رغم ما تعلنه من خطط قومية لتطوير البنية التحتية للمياه.
 

شكاوى الأهالي: حياتنا تحولت إلى مأساة
يقول محمود السيد، أحد سكان منطقة المنتزه: "بقينا نصحى من الفجر نملأ الجراكن قبل ما الميه تقطع، وأحيانًا بنشتري مياه معدنية للشرب. ده عبء رهيب على الأسر، خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة."

أما إيمان عبدالغني من العجمي فأكدت أن الأزمة طالت كل مناحي الحياة اليومية: "الغسيل، التنظيف، حتى الاستحمام بقى معاناة، والمشكلة إننا مش عارفين إمتى الأزمة هتتحل."

الأزمة لم تتوقف عند الشكاوى الميدانية، بل امتدت إلى وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أطلق الأهالي هاشتاجات مثل #الإسكندرية_بلا_مية و#فين_المية، وتداولوا صورًا لجراكن المياه و"الطوابير" أمام سيارات المياه. وكتب أحد النشطاء ساخرًا: "إسكندرية عروس البحر الأبيض بقت عروس الجراكن."
 

حكومة غائبة وحلول ترقيعية
ورغم استمرار الأزمة لأسابيع، لم تقدم شركة مياه الشرب بالإسكندرية ولا وزارة الإسكان أي بيان واضح يحدد موعد حل المشكلة أو يوضح أسباب الانقطاع المستمر، باستثناء تصريحات مقتضبة تشير إلى "أعمال صيانة وتطوير الشبكات".
غير أن الأهالي يرون أن هذه التبريرات لم تعد مقنعة، خاصة في ظل تكرار الأزمات المماثلة في الأعوام الماضية.

الخبير الهندسي د. محمد نجم يرى أن المشكلة تعكس فشل الحكومة في التخطيط الاستراتيجي للبنية التحتية: "الإسكندرية مدينة ساحلية كبرى، ومن غير المقبول أن تكون شبكات المياه فيها بهذا الضعف، خاصة مع التوسع العمراني الهائل في السنوات الأخيرة دون تطوير حقيقي للبنية التحتية."
 

خلفية الأزمة: أزمة مياه أعمق مما يبدو
تأتي هذه الأزمة في ظل عجز مائي كبير تواجهه مصر يصل إلى نحو 7 مليارات متر مكعب سنويًا، نتيجة التغيرات المناخية، وزيادة الاستهلاك، وتهديدات سد النهضة الإثيوبي لإمدادات مياه النيل.
وبدلًا من وضع حلول استراتيجية، تلجأ الحكومة إلى إجراءات تقشفية مثل ترشيد استهلاك المياه وخفض نصيب الفرد من 250 لترًا يوميًا إلى 150 لترًا، وهو ما يراه خبراء تمهيدًا لفرض مزيد من القيود على المواطنين بدلاً من إصلاح شبكات المياه المتهالكة أو البحث عن بدائل حقيقية.
 

أزمة تكشف تناقض الخطاب الرسمي
تثير هذه الأزمة تساؤلات حادة عن أولويات الحكومة، التي تنفق مليارات على مشاريع الطرق والكباري بينما تترك المواطنين بلا مياه الشرب في محافظة بحجم وأهمية الإسكندرية.
الخبير الاقتصادي ممدوح الولي يرى أن هذه الأزمات "تعكس سوء إدارة وتجاهل لاحتياجات المواطنين الأساسية، مما يؤدي إلى زيادة حالة الغضب الشعبي وتآكل الثقة في الحكومة."