في واقعة مؤلمة ليست الأولى من نوعها، لقي ثلاثة أشخاص مصرعهم وأُصيب آخر، إثر تصادم سيارة ملاكي بسيارة نقل ثقيل على الطريق الزراعي الرابط بين أسيوط وديروط، قبل مدخل قرية بني سند في مركز منفلوط.
الحادث يعكس هشاشة وسلامة النقل البري في مصر المتدهورة، التي تحصد آلاف الأرواح سنويًا رغم تراجع نسبي مؤقت في الإحصائيات الرسمية.
 

تفاصيل الحادث
شهد الطريق ضيقًا وعدم وجود حواجز أمان واضحة، ما ساهم في وقوع التصادم المروع عندما حاول قائد سيارة الملاكي التجاوز غير المدروس فاصطدم بسيارة النقل القادمة في الاتجاه المقابل، ما أدى إلى مصرع ثلاثة من مستقليها وإصابة رابع في حالة حرجة.
تم نقل الضحايا إلى مستشفى منفلوط المركزي، حيث وصلوا في حالة مأساوية تعكس العجز الرسمي عن حماية أرواح المواطنين.
 

نزيف الطرق في مصر: أزمة بلا حل
حادث اليوم ليس استثناءً، بل حلقة جديدة في مسلسل الحوادث اليومية التي تحصد أرواح المصريين.
وفقًا للإحصاءات الرسمية، تشهد الطرق المصرية آلاف الحوادث سنويًا، معظمها نتيجة تهالك البنية التحتية، وسوء التخطيط، وغياب الرقابة المرورية، وتجاوزات السائقين.
الطريق الرابط بين أسيوط وديروط على وجه الخصوص يُعرف بكثرة الحوادث نظرًا لضيقه وافتقاره إلى وسائل الأمان الأساسية.

رغم تكرار المآسي، لا تزال إجراءات الدولة قاصرة عن معالجة جذور الأزمة، إذ تكتفي الجهات المسؤولة بتصريحات شكلية وحملات مؤقتة لا تمنع تكرار الكارثة.
أين تطوير شبكة الطرق الداخلية في الصعيد؟ وأين الرقابة الصارمة على النقل الثقيل الذي يشارك في غالبية هذه الحوادث؟
 

غضب شعبي ودعوات للمحاسبة
أهالي المنطقة أعربوا عن غضبهم الشديد، مؤكدين أن الطريق الزراعي الرابط بين أسيوط وديروط أصبح "طريق الموت". وطالبوا بسرعة تطويره وتوسيع حاراته وتزويده بإشارات مرورية وكاميرات مراقبة لتقليل الحوادث.
 

أزمة هندسة وفوضى مرور
ما يفاقم الكارثة هو أن شبكة الطرق، خاصة الزراعية مثل طريق أسيوط – ديروط، تعاني من ضعف شديد في البنية التحتية، وسوء إنارة، وعدم وجود حواجز أو إشارات تحذيرية، وسط ازدحام متصاعد للمركبات التي تشمل النقل العام، الشاحنات، والدراجات النارية.
ورغم ملايين الجنيهات التي تهدرها الدولة سنويًا في البنية التحتية، فإن غياب الرقابة والمحاسبة على الالتزام بقوانين المرور والتزام السائقين بالسرعة القانونية يبقي الطرق بيئة قاتلة.
وفي ظل ورود بيانات مفزعة، ما زالت الردود الحكومية تقتصر على التصريحات الروتينية دون تحرك فعلي على الأرض.
 

رسالة واضحة: ما لم تتغير ثقافة المرور، تظل الأرواح في خطر
حادث بني سند ليس مجرد حادث عابر، بل هو استمرارية لصيغة فاشلة في إدارة الطرق، حيث تنتقل السياسة من التذمر الإعلامي بعد الحادث إلى لهاث مؤقت وراء الحدث، دون حلول جذرية.

في بلد يُصر على بناء الكباري السطحية ويتجاهل تحسين شبكة الطرق القروية، يبدو أن الحياة البشرية لا تزن أكثر من مشروع إنشائي يُظلّل عليه الإعلام دون أن يعالج الأصل: غياب منظومة أمن الطرق، وغياب آليات رادعة للسائقين والمركبات الثقيلة.