في خطوة أثارت صدمة واسعة داخل الشارع المصري، صدّق قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، يوم الاثنين، على القانون رقم 165 لسنة 2025، المعروف إعلاميًا بـ"قانون الإيجار القديم"، والذي يقضي بإلغاء كافة عقود الإيجار الممتدة بعد فترة انتقالية مدتها سبع سنوات، ما يُنذر بتشريد ملايين المستأجرين في المدن والقرى على حد سواء.
ويهدف القانون إلى إعادة تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، لكنه يتضمن موادًا تفرض إخلاء الوحدات السكنية والتجارية بنهاية الفترة الانتقالية، ويحرر العقود لتخضع بالكامل لأحكام القانون المدني، مع مضاعفة القيمة الإيجارية عشرات المرات دون ضمانات بديلة للفئات المتضررة.
الشامي: يوم أسود جديد في تاريخ مصر
وصف زهدي الشامي، القيادي في الجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية، وممثل المستأجرين، توقيع الرئيس على القانون بأنه "يوم أسود جديد في تاريخ مصر"، معتبرًا أنه تجاهل كل المناشدات والتحذيرات من العواقب الاجتماعية والاقتصادية للتشريع.
وقال الشامي إن القانون يفتقر إلى الغطاء الدستوري، ويضع الملايين أمام شبح التشريد، مؤكدًا أن النضال ضد هذه السياسات الجائرة سيتصاعد، سواء عبر المسارات القانونية أو في صناديق الاقتراع المقبلة. وأضاف: "القرار جاء متزامنًا بشكل مريب مع يوم انتخابات مجلس الشيوخ، في محاولة لتشتيت الانتباه عن كارثة تنتظر ملايين الأسر".
البلتاجي: القانون يخدم الأغنياء ويضرب الفقراء
من جهته، شدد محمد تركي، المتحدث الرسمي باسم حزب المحافظين، على رفض الحزب القاطع للقانون، واصفًا إياه بأنه اعتداء على السلم الاجتماعي ومخالفة صريحة للدستور، من خلال ترجيح كفة المالك على حساب المستأجر دون أي توازن أو بدائل.
وأشار إلى أن ما يُعرف بـ"الفترة الانتقالية" ما هي إلا تمهيد زمني للطرد الجماعي، مؤكدًا أن حكومة السيسي فشلت في توفير حلول عادلة، وأن القانون يهدم استقرار أسر عاشت لعقود في مساكنها، دون طرح بدائل منطقية أو مراعاة للواقع الاقتصادي المتأزم.
الاشتراكيون الثوريون: لا قضاء ينقذ، ولا وعود تُصدّق
وفي بيان ناري، قالت حركة الاشتراكيين الثوريين إن هذا القانون "أسقط آخر أوهام الانحياز للفقراء"، معتبرة أن السكن لم يعد حقًا بل سلعة تُباع وتُشترى في سوق تُسيطر عليه حفنة من كبار المستثمرين.
وانتقد البيان الاتكال على "أوهام قانونية" بشأن إمكانية إسقاط القانون عبر الطعون الدستورية، مؤكدًا أن المسارات القضائية قد تمتد لسنوات، بينما يتم تهجير السكان فعليًا تحت مظلة "الشرعية".
وأضافت الحركة أن حكومة السيسي التي عجزت عن بناء مليون وحدة خلال عشر سنوات، تعد اليوم بـ1.6 مليون وحدة خلال خمس سنوات دون ميزانية أو خطة واضحة، معتبرة أن الحل الوحيد يكمن في تنظيم المستأجرين أنفسهم على الأرض، وتأسيس روابط دفاعًا عن الحق في السكن.
أرقام مفزعة.. ملايين الوحدات تحت التهديد
بحسب إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، يبلغ إجمالي الوحدات السكنية المؤجرة بنظام الإيجار القديم في مصر أكثر من 3 ملايين وحدة، منها قرابة 2.8 مليون في المناطق الحضرية، وما يزيد عن 227 ألف وحدة في الريف.
ويرى مراقبون أن تطبيق القانون بالصورة الحالية سيؤدي إلى كارثة اجتماعية، عبر تشريد ملايين المواطنين من مساكنهم، دون توفير حلول بديلة أو مراعاة للعدالة الاجتماعية، وهو ما دفع أحزاب معارضة ونقابات مهنية إلى التحذير من انفجار شعبي وشيك.
دعوات للتراجع.. وتحركات مرتقبة
مع تزايد الأصوات الرافضة للقانون، دعت جهات حقوقية وسياسية إلى مراجعة عاجلة للتشريع، وطرح مبادرة وطنية تضمن حلاً عادلاً ومتوازنًا، يجنب البلاد صدمة اجتماعية جديدة.
وفي ظل تفاقم الغضب الشعبي، يترقب الشارع تحركات واسعة في الفترة المقبلة، تشمل تحركات قانونية، وتصعيد سياسي وشعبي، في محاولة لوقف تنفيذ القانون أو تعديل بنوده بما يراعي مصلحة الملايين من المواطنين.