في ظل استمرار الجمود الدبلوماسي وفشل المسارات التفاوضية، عاد سد النهضة الإثيوبي إلى واجهة القلق الإقليمي بعد رصد ارتفاع منسوب المياه فيه تزامنًا مع موسم الفيضان، ما أثار تحذيرات من "تصريف مفاجئ" قد يهدد دولتي المصب، مصر والسودان، بأضرار جسيمة.
 

صور الأقمار الاصطناعية تكشف المستور
   كشف الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، عبر منشور على فيسبوك، أن صور الأقمار الاصطناعية الأخيرة تُظهر زيادة ملحوظة في حجم المياه المحتجزة خلف سد النهضة، حيث بلغ منسوب التخزين نحو 55 مليار متر مكعب.

وتتزامن هذه الزيادة مع بداية موسم الأمطار في الهضبة الإثيوبية، ما يعزز مخاوف الخبراء من أن عدم تصريف المياه المخزنة سلفًا قد يدفع إثيوبيا إلى فتح بوابات السد فجأة عند حدوث فيضان قوي، لتفادي تعرّض السد لأضرار إنشائية.
 

موسم فيضان قد يكون الأعلى منذ سنوات
وبحسب مركز التنبؤات المناخية التابع للهيئة الحكومية للتنمية (IGAD)، فإن شهور يونيو ويوليو وأغسطس قد تشهد أمطارًا تفوق المعدلات الطبيعية.

ووفقًا لشراقي، فإن الإيراد اليومي من مياه الأمطار بلغ هذا الأسبوع نحو 80 مليون متر مكعب، بعد أن كان في مايو حوالي 20 مليونًا فقط، ومن المتوقع أن يقفز إلى 225 مليون متر مكعب يوميًا في يوليو.
https://www.facebook.com/share/p/16RAQPidpd
 

وزارة الري: إثيوبيا تُراكم المياه.. والتصريف المفاجئ قادم
   مصدر مسؤول في وزارة الموارد المائية والري، تحدث شريطة عدم ذكر اسمه، أكد أن إثيوبيا ما زالت تحتفظ بـنحو 55 مليار متر مكعب من المياه، رغم أنه كان من المفترض خفض هذا المخزون تمهيدًا لاستقبال فيضان 2025.

وأضاف المصدر أن استمرار تراكم المياه بهذه الطريقة يجبر إثيوبيا على اتباع أسلوب خطير وغير متعارف عليه فنيًا، يتمثل في تصريف كميات ضخمة دفعة واحدة من خلال "المفيض" في حال حدوث فيضان مرتفع، وهو ما قد يؤدي إلى فيضانات مفاجئة قد تعجز البنية التحتية في السودان، على وجه الخصوص، عن استيعابها.
 

مصر مستعدة.. والسودان في مرمى الخطر
   رغم هذه المخاوف، يؤكد المسؤول المصري أن مصر قادرة على التعامل مع تصرفات سد النهضة بفضل السد العالي في أسوان، الذي يمكنه امتصاص موجات المياه الزائدة.
إلا أن السودان لا يملك هامش المناورة نفسه، نظرًا لصغر حجم سدوده وقربها من سد النهضة؛ حيث لا تتجاوز المسافة بين سد الروصيرص وسد النهضة 100 كيلومتر فقط.
 

تشغيل جزئي للتوربينات.. والمخاوف مستمرة
   أشار المصدر ذاته إلى أن 6 توربينات دخلت حيز التشغيل حتى الآن داخل محطة توليد سد النهضة، مع اقتراب توربين سابع من دخول الخدمة.
ورغم ذلك، فإن تشغيل التوربينات لا يجري بشكل دائم أو منتظم، بل يتم بالتناوب، وهو ما يُفسر غياب آثار التشغيل في بعض صور الأقمار الاصطناعية.
 

انهيار المفاوضات وتلويح بالمواجهة القانونية
   في ديسمبر الماضي، أعلنت مصر رسميًا فشل المفاوضات الثلاثية التي كانت تجري بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا برعاية الاتحاد الأفريقي، مشيرةً إلى أنها ستراقب عن كثب أي تطور في عمليات الملء والتشغيل، مع الاحتفاظ بحق الدفاع عن أمنها المائي بكل الوسائل التي يكفلها القانون الدولي.

وكان وزير الري هاني سويلم قد أقرّ بتأثر مصر بالسد، لكنه أكد أن الدولة تعاملت مع الوضع، مضيفًا: "إذا تسبّب السد في أضرار، فإن اتفاق إعلان المبادئ يُلزم بدفع ثمن ذلك، ومصر ستطالب بحقوقها في الوقت المناسب".
 

تصعيد دبلوماسي أمام مجلس الأمن
   وفي سبتمبر الماضي، رفعت مصر خطابًا إلى مجلس الأمن اعتراضًا على شروع إثيوبيا في المرحلة الخامسة من ملء السد، وهو ما ردّت عليه أديس أبابا باتهام مصر بـ"التهديد المتكرر باستخدام القوة"، مؤكدة –حسب زعمها– التزامها بـ"حل الخلافات سلميًا وفقًا للقانون الدولي".