في واقعة متكررة يكون الطبيب فيها هو كبش الفداء الوحيد، تعرض طبيب مصري للضرب من أسرة مريض داخل مستشفى حكومي بمحافظة الفيوم.
وتلقت الأجهزة الأمنية بلاغًا بتعرض طبيب عظام وعنصر أمن للاعتداء من جانب مرافقي وأقارب أحد المرضى داخل مستشفى الفيوم، وذلك بسبب اعتقاد أقارب المريض بتقاعس الطبيب عن علاجه.
وكشفت التحقيقات أن الاعتداء وقع أثناء محاولة الطبيب "صالح .أ" ويبلغ من العمر 30 عاما، فحص المريض في قسم الطوارئ فور وصوله المستشفى، واعتقد أقارب المريض أن الطبيب لا يتعامل مع الحالة باهتمام، ما دفعهم للدخول في مشادة معه تطورت لاشتباك بالأيدي، وضربهم للطبيب، كما قاموا بضرب موظف أمن حاول التدخل لإنقاذ الطبيب ثم فروا هاربين.
وتبين أن الطبيب أصيب بكسر في القدم اليسرى، بالإضافة إلى اشتباه ما بعد الارتجاج، فيما أُصيب عنصر الأمن "محمود. ح"، 28 عامًا، بجرح قطعي في الرقبة استدعى 21 غرزة، إضافة إلى اشتباه ما بعد الارتجاج.
وتكررت في مصر خلال الآونة الأخيرة ظاهرة ضرب الأطباء، ورغم زعم السلطات بالتدخل وإصدار قانون لمواجهة تلك الأفعال، إلا أن القانون الذي أعدته وسلقه البرلمان وسط معارضة شديدة من الأطباء لم يمنع مثل تلك الحوادث ولم يحمي الطبيب أثناء عمله.
وكان الأطباء قد أوضحوا أنهم بالفعل يشعرون بالخوف من عدم توفير الحماية الكافية لهم أثناء ممارستهم عملهم، وشهدنا بالفعل خلال السنوات الماضية، الكثير من الحالات التي يعتدي فيها أهالي المرضى على الطاقم الطبي ويحملونهم مسؤولية ما يحدث لذويهم.
وفي أبريل الماضي، تعرض طبيب جراحة بمستشفى المنزلة العام في محافظة الدقهلية شمال مصر، للاعتداء من جانب برلماني، وذلك خلال تأدية عمله بالمستشفى.
وتدخلت نقابة الأطباء بالدقهلية وقامت بإجراء صلح بين البرلماني والطبيب استجابة لرغبة أسرة الأخير في إنهاء حالة التوتر وتجاوز آثار الواقعة.
وفي مارس الماضي، تعرض مدير عيادة النصر للتأمين الصحي بحلوان جنوب القاهرة للضرب المبرح من جانب مريض زائر للعيادة.
وقبلها شهدت عدة محافظات وقائع مماثلة.
وأعلنت وزارة الصحة أن الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة، شدد على أن الاعتداء على الفرق الطبية مرفوض تمامًا، ولن يكون هناك تسامح مع هذه الحوادث.
وأقر مجلس النواب قانون المسؤولية الطبية، الذي يهدف إلى تحقيق التوازن بين حماية حقوق المرضى وضمان كرامة الأطباء، وتجريم ومعاقبة من يتعدى على الأطقم الطبية أثناء أداء عملهم.
وتضمن القانون بنودا تحمي الأطباء والطواقم الطبية خلال تأدية أعمالهم، منها بنود تعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن أربع سنوات وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تزيد عن مئة ألف جنيه كل من يعتدي على أي من المنشآت الطبية، أو أي من العاملين فيها.
ونص القانون على أن تكون العقوبة بالحبس الذي لا يقل عن سنتين ولا يزيد عن خمس سنوات أو بالغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد عن 200 ألف جنيه إذا وقع الاعتداء على طبيب أو أي من أعضاء الفريق الطبي المعاون له، وإذا وقعت الجريمة أثناء وبسبب تأديتهم لعملهم.
الحكومة تتنصل من واجبها
وتطرق أستاذ جراحة العظام والعمود الفقري أحمد هاشم، للحديث عن الأزمة الطبية في مصر، والذي يعتقد أنه عنصر أساسي في الأخطاء الطبية، محملا الحكومة لمثل تلك الوقائع وأن القانون الجديد أخلى مسئوليتها وحمل الطبيب مسئوليات كبيرة كان من الممكن أن يتلاشها.
حيث يقول إن "ضعف جاهزية المستشفيات والوحدات الصحية يؤثر سلبا على قدرة الطبيب في الوصول لأفضل النتائج العلاجية، وبالتالي إذا أرادت الحكومة إصلاح المنظومة الصحية وتقليل الأخطاء الطبية، فعليها أولا زيادة الإنفاق الحكومي على القطاع الصحي ومحاسبتها على ذلك".
ويضيف في تصريح صحفي": "لا أحد يغفل أن المنظومة الطبية في مصر، خاصة المستشفيات والوحدات الصحية التابعة للحكومة، تعاني من نقص في ميزانيتها، وهذا بدوره يؤثر على مدى جاهزية غرف العمليات وتوفر المواد العلاجية والتعقيمية، لدرجة أن الكثير من الأطباء يشترون الكثير من المستلزمات المطلوبة على نفقتهم الخاصة".
وخصص مشروع موازنة العام المالي الجديد 2025/2024 نحو 200 مليار جنيه لقطاع الصحة، وفقًا للبيان المالي للموازنة، ليمثل الإنفاق على الصحة في السنة المالية الجديدة 1.16% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بنسبة 1.25 % في العام المالي السابق 2023/2024، وهو ما يقل عن نصف الاستحقاق الدستوري.
وينص دستور 2014 على أن تلتزم الدولة بتخصيص ما لا يقل عن 3% للإنفاق على الصحة، وذلك بدءًا من السنة المالية 2017/2016.
وبينما يرغب المرضى في سن "قوانين عادلة لحماية حقوقهم وتعويضهم بشكل عادل وأسرهم"، يطالب الأطباء بضرورة "تحسين مناخ عمل الطواقم الطبية في مصر وتوفير بيئة مناسبة تحترم آدميتهم وتطور مهاراتهم.
وأكد القانون أن تكون عقوبة السجن مدة لا تزيد عن سبع سنوات أو بالغرامة التي لا تقل عن مئة ألف جنيه، ولا
تزيد عن 300 ألف جنيه إذا وقعت الجريمة من أكثر من شخص أو استخدم فيها أسلحة أو أي من الآلات أو الأدوات التي تضعف مقاومة المجني عليه، وإذا ترتب على الجريمة الوفاة تكون العقوبة السجن المؤبد.