يرى توماس فريدمان، في مقاله بصحيفة نيويورك تايمز بتاريخ 24 يونيو 2025، أن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، إن صمد، سيؤدي إلى نقاشات داخلية حتمية في إيران وإسرائيل وبين الفلسطينيين. هذه النقاشات لن تبدأ فورًا، بل بعد فترة قصيرة من توقف القتال، عندما تتراجع ضوضاء النصر الظاهري، وتبدأ أسئلة المصير الحقيقية.
في غزة، سيتوجه الغزيون بالسؤال إلى قادة حماس: ما الهدف من إشعال حرب في 7 أكتوبر 2023 ضد قوة عسكرية متفوقة بلا خطة للخروج؟ ما الثمن الذي دُفع لقاء مجرد كسب تعاطف جيل جديد عبر "تيك توك"؟ أين غزة الآن بعد أن أصبحت غير صالحة للسكن؟
في إسرائيل، ستتصدى النخبة المدنية والعلمية – من الطيارين إلى علماء التكنولوجيا والمخابرات – للحكومة الدينية اليمينية، وستطرح سؤالًا واضحًا: إلى أين تقودوننا؟ هؤلاء هم من حققوا النصر العسكري، ولن يسمحوا باستغلاله لتمرير مشاريع القضاء على المحكمة العليا، أو ضم الضفة، أو فرض نموذج ديني يدفع الشباب للهجرة.
أما في إيران، فالسؤال سيتوجه إلى القيادة الدينية والحرس الثوري: ما الجدوى من إنفاق المليارات على مشروع نووي ورعاية الميليشيات في لبنان وسوريا والعراق واليمن؟ النتيجة كانت حربًا وصلت إلى قلب طهران، فاضطر الناس للفرار وقُتل الجنرالات في أسرّتهم، بينما الرد الإيراني اقتصر على استعراض ضوئي فوق قاعدة أمريكية في قطر. الواقع أن النظام لم يعرف إلا قمع شعبه، فيما البلاد تعيش الفقر والتأخر عن العالم.
فريدمان يرى أن هذه الحرب تختلف عن سابقاتها: جميع أطرافها – حماس، حزب الله وإيران وإسرائيل – تحركها أيديولوجيات دينية. إسرائيل مسحت غزة بعد تعرضها لهجوم كارثي، وتخلصت إلى حد كبير من قوة حزب الله السياسية في لبنان وسوريا. وأُصيبت إيران في عمق مشروعها النووي بضربات أمريكية غير مسبوقة.
ويرى الكاتب أن الجميع اخترقوا حواجز نفسية وعسكرية غير مسبوقة. وإذا لم تتوقف الحرب، فإن المصير المحتوم هو التورط في "حرب أبدية" لا تُبقي ولا تذر.
يشير فريدمان إلى أن التغيير في الأنظمة الاستبدادية لا يحدث أثناء الحروب، بل بعدها. الاستشهاد بتجارب سابقة، مثل سقوط ميلوسوفيتش في صربيا بعد خسائر عسكرية، وهزيمة الأرجنتين في الفوكلاند، يؤكد أن الشعوب تبدأ بمساءلة القادة بعد الهزائم. المحلل السياسي كريج تشارني يرى أن الاستطلاعات في غزة تعكس نقمة على حماس، وأن التفاعلات الإيرانية في البداية رحبت بالضربات ضد قادة مكروهين، قبل أن ينقلب المزاج العام بسبب الخسائر بين المدنيين.
ويؤكد فريدمان أن النخب الإيرانية تحلم بإيران علمانية وديمقراطية مثل إسرائيل، بينما تخشى النخب الإسرائيلية من أن تتحول بلادهم إلى نموذج ديني مشابه لإيران، إن استغل اليمين الحاكم النصر لترسيخ سلطته.
الكاتب الإسرائيلي آري شافيت يحذر من تكرار سيناريو عام 1967، حين أدى ضم الضفة الغربية إلى تصاعد النزعة "المسيانية" لدى المتدينين اليهود، الذين لم يقبلوا بالتخلي عن الأرض لاحقًا. ويتساءل: هل سننظر بعد 20 سنة إلى هذه الحرب ونجد أنها جعلت إيران تشبه إسرائيل السابقة، وإسرائيل تشبه إيران اليوم؟
لكن هل يتغير شيء؟ هل سيفرض الواقع الجديد على الفلسطينيين دعم إصلاحات داخل السلطة، والمطالبة بقيادة مهنية ودولة منزوعة السلاح ضمن حدود 1967؟ وهل ينتج عن ذلك شريك سلام حقيقي – الأمر الذي يخشاه نتنياهو أكثر من أي شيء آخر؟
في الختام، يعتبر فريدمان أن هذه الحرب كانت بمثابة زلزال يعيد تشكيل المنطقة كما فعلت الحرب العالمية الثانية بأوروبا. النتيجة قد تكون أفضل أو أسوأ، لكن المؤكد أنها ستفتح الباب لتحولات كبرى داخل وخارج كل طرف مشارك في الصراع.
https://www.nytimes.com/2025/06/24/opinion/iran-israel-regime-change.html